بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى جميع المرسلين.
فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.
أولاً: سبب نزول هذه الآية:
قال القرطبي رحمه الله: قيل: إنها نزلت عام الحديبية، لما أحرم بعض الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحرم بعضهم، فكان إذا عرض صيد اختلفت فيه أحوالهم وأفعالهم، واشتبهت أحكامه عليهم؛ فأنزل الله هذه الآية بياناً لأحكام أحوالهم وأفعالهم ومحظورات حجتهم وعمرتهم.
ثالثاً: المعنى الإجمالي: هذه الآية تبيين لقوله تعالى في صدر السورة:
غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ
[المائدة:1]، وقد كان الصيد أحد معايش العرب العاربة شائعاً عند الجميع منهم، مستعملاً جداً، فابتلاهم الله فيه مع الإحرام والحرم كما ابتلى بني إسرائيل ألا يعتدوا في السبت.
ومعنى الآية: ليختبرنكم الله أيها المؤمنون! ببعض الصيد في حال إحرامكم كي يعلم الله أهل طاعته والإيمان به والمنتهين إلى حدوده وأمره ونهيه، ومن الذي يخاف الله فيتقي ما نهاه عنه ويجتنبه خوف عقابه.
قال مجاهد رحمه الله: أنزلت هذه الآية في عمرة الحديبية، فكانت الوحش والطير والصيد تغشاهم في رحالهم لم يروا مثله قط فيما خلا، فنهاهم الله عن قتله وهم محرمون ليعلم الله من يخافه بالغيب. يعني: أنه تعالى يبتليهم بالصيد يغشاهم في رحالهم يتمكنون من أخذه بالأيدي والرماح سراً وجهراً لتظهر طاعة من يطيع منهم في سره وجهره كما قال سبحانه:
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
[الملك:12]، فمن اعتدى بعد هذا الإعلام والإنذار والتقدم (فله عذاب أليم) لمخالفته أمر الله وشرعه.