بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.
ومع النداء الثاني والثمانين في الآيتين الثانية والثالثة من سورة الصف، وهو قول ربنا تبارك وتعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ
[الصف:2-3].
سبب نزول الآيات
معاني مفردات الآيات
نظائر هاتين الآيتين في القرآن الكريم
ذم مخالفة الظاهر للباطن
الرد على شبهة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة مخالفته
هذه الآية الكريمة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ
[الصف:2] يفهمها بعض الناس فهماً خاطئاً، يظن أنه لا ينبغي أن يتكلم ولا أن يأمر بمعروف ولا أن ينهى عن منكر إلا إذا فعل المعروف كله وانتهى عن المنكر كله، وهذا فهم خاطئ بلا شك؛ لأنه لا يوجد أحد من الناس يزعم لنفسه أنه يعمل المعروف كله أو أنه ينتهي عن المنكر كله ما خلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو الذي فعل المعروف كله وانتهى عن المنكر كله، أما من عداه من الناس فهم ما بين ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات بإذن الله.
والله عز وجل عاب أمرين اثنين:
الأمر الأول: فعل المنكر.
والثاني: ترك التناهي عن المنكر.
فلو أن إنساناً لم يفعل المنكر ولم ينه عن المنكر فهو ملوم، ولو أن إنساناً فعل المنكر ونهى عن المنكر فهو ملوم، والسالم من اللوم من ترك المنكر ونهى عن المنكر.
إذ لا بد من الأمرين معاً: إنكار المنكر والنهي عنه، ولا يعني ذلك أنه يترك النهي عن المنكر، إلى أن ينتهي عن المنكر بل كما قال القرطبي رحمه الله: قال علماؤنا: حق على أهل الكئوس أن ينهى بعضهم بعضاً.
من فوائد الآية أنها: اقتضت أن الوعد يجب الوفاء به إذا كان الموعود به طاعة لله عز وجل، واستدل بهذه الآية من ذهب من علماء السلف إلى أنه يجب الوفاء بالوعد مطلقاً سواءً ترتب عليه غرم للموعود أم لا.
ومن فوائد الآية: قبح حال من كان فعله يخالف قوله كما قال الأول:
يا أيها الرجل المعلم غيره هلّا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
ومن فوائد الآية: أن مخالفة الفعل للقول سبب لحصول المقت من الله تعالى.
أسأل الله أن يهدينا سواء السبيل! والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.