بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فأسأل الله سبحان أن يجعلنا من المقبولين.
الحديث في هذه الليلة عن شخصيتين ذكرتا في القرآن مقرونتين في قصة واحدة، إحداهما تمثل وجه الإنسانية المشرق، الذي يعمل بتقوى الله عز وجل ويخاف ربه في السر والعلن، والأخرى تمثل الإنسان الطماع، الجماع، المناع، الذي يحرص على كل شيء، فإن فاته من الدنيا شيء فإنه لا يبالي بما يرتكب في سبيل الوصول إليه.
وهاتان الشخصيتان هما ابنا آدم لصلبه، وقد ذكرهما الله عز وجل في سورة المائدة بقوله:
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ
[المائدة:27]، والله عز وجل اقتضت حكمته بأن حواء تحمل في كل بطن ذكراً وأنثى، وكانت شريعة آدم عليه السلام أنه يزوج الذكر من هذا البطن بالأنثى من تلك البطن، والذكر من البطن الأخرى بالأنثى من البطن الأولى؛ من أجل أن يحفظ النوع الإنساني ويتكاثر بنو آدم، ولم يكن ثمة طريقة للتكاثر إلا هذه، فقدر الله عز وجل أن تكون أخت قابيل التي ولدت معه في بطن واحدة حسناء جميلة، وأخت هابيل التي ولدت معه في بطن واحدة دونها جمالاً وحسناً، فأراد قابيل أن يتزوج أخته التي من بطنه، ولكن الشريعة تأبى عليه ذلك، وما زال يحاور أباه ويناوره ويفتل له حتى حكم آدم عليه السلام بأن يقرب قابيل وهابيل كل منهما قرباناً، أما قابيل فقد كان مزارعاً، فعمد إلى حزمة من أسوأ زرعه، ثم فتشها فوجد فيها فسيلة حسنة ففركها وأكلها، حتى هذه ضن بها على رب العالمين.
وأما هابيل العبد الصالح فقد كان راعي غنم، فعمد إلى كبش من أحسن غنمه فقربه إلى الله عز وجل، يقول سبحانه:
فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ
[المائدة:27].
أيضاً نستفيد درسين عظيمين:
العاقبة الوخيمة للغضب
حجز التقوى صاحبها عن رد الإساءة بمثلها