إسلام ويب

شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [22]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من أسماء الله الحسنى المبين، فهو الموضح والمظهر لكلامه بأفصح عبارة، وقد أقام الحجة على عباده بإرسال الرسل وإنزال الكتب وتوضيح الشرائع، وهو متعال بقوته وسطوته لا شريك له في علوه، فله علو الذات والقدر والقهر، وهو المتكبر فلا يمسه سوء، فالكبر في حقه صفة كمال وأما في حق الإنسان فصفة نقص لا ينبغي له الاتصاف بها.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

    اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد: فلا زلنا نتحدث حول أسماء الله الحسنى فنقول:

    الاسم الثامن والخمسون من أسماء الله الحسنى: (المبين)؛ قال جل جلاله في سورة النور: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ [النور:25].

    (والمبين) اسم فاعل من الإبانة، بمعنى: الوضوح والظهور، أبان يبين فهو مبيّن، أي: موضح ومظهر، وأبان الشيء أوضحه وأظهره؛ ومنه يقال: البيان في الكلام، أي: الفصاحة والإيضاح، وربنا جل جلاله هو (المبين) بمعنى أنه أبان لكل مخلوق علة وجوده وغايته، وأقام على العباد حجته، وأبان لهم معالم شريعته، وأدلة وحدانيته، وبراهين عظمته جل جلاله، فأرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين، وهذه الأنواع من البيان قد ذكرها ربنا جل جلاله في القرآن كقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ [الحج:5]، يعني: يا أيها الشاكون في البعث! يا أيها المرتابون في القيامة! انظروا إلى مبدأ خلقتكم، وأول أمركم؛ كيف أن الله عز وجل قد نقلكم في هذه الأطوار، ومن فعل ذلك فهو قادر على أن يعيدكم؛ ولذلك الله عز وجل بين لكم أدلة البعث هذا بياناً واضحاً فقال: (لنبين لكم)، وقال الله عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [إبراهيم:4].

    وقال سبحانه عن القرآن: هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:138]؛ فالله عز وجل من أسمائه (المبين)، وهكذا ينبغي أن يكون الإنسان مبيناً عن الله عز وجل حجته، ومعلماً للناس شريعته بما فتح الله عليه، وهذه هي مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما قال ربنا: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [الجمعة:2].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088534349

    عدد مرات الحفظ

    777182929