من أسماء الله الحسنى المبين، فهو الموضح والمظهر لكلامه بأفصح عبارة، وقد أقام الحجة على عباده بإرسال الرسل وإنزال الكتب وتوضيح الشرائع، وهو متعال بقوته وسطوته لا شريك له في علوه، فله علو الذات والقدر والقهر، وهو المتكبر فلا يمسه سوء، فالكبر في حقه صفة كمال وأما في حق الإنسان فصفة نقص لا ينبغي له الاتصاف بها.
اسم الله: (المبين)
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد: فلا زلنا نتحدث حول أسماء الله الحسنى فنقول:
وقال أهل العلم: الكبر من الإنسان صفة نقص وقبح، ويحمل على الكبر واحد من أمور سبعة:
إما العلم، أو العمل، أو المال، أو الجمال، أو النسب، أو القوة، أو العشيرة والأمصار؛ فهذه سبعة أسباب ربما تحمل الواحد على التكبر، وربما يكون في الإنسان أكثر من سبب يحمله على الكبر.
السبب الأول من أسباب الكبر: العلم؛ فالإنسان قد يرى أن عنده من العلم ما ليس عند غيره؛ فبدلاً من أن يتواضع لله الذي علمه ويتواضع لخلق الله عز وجل فإنه يتكبر عليهم، ويشمخ بأنفه والعياذ بالله وقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما عرفت الدنيا أعلم منه، وهو الذي قال عن نفسه: ( إني لأعلمكم بالله وأخشاكم له )، عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك كان أعظم خلق الله تواضعاً؛ فيجلس مع أصحابه مختلطاً بهم حيث انتهى به المجلس، ويجيب دعوة من دعاه، وينهى أصحابه أن يطروه وذلك لما قال له أحدهم: ( يا سيدنا وابن سيدنا! قال: إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ).
والآخر أيضاً العابد الذي كان ساجداً؛ فجاء العاصي الشقي، فوضع رجله على رأسه؛ فقال له: ارفع رجلك، والله لا يغفر الله لك أبداً، أيضاً أحبط الله عمله بتلك الكلمة؛ فالإنسان لا ينبغي له أن يتكبر بسبب عمله؛ فإذا وفقك الله لشهود الصلوات الخمس، والجمعة، والصيام، والقيام، والصدقات، وحججت واعتمرت، وقرأت القرآن وذكرت، ووصلت أرحامك، وبررت والديك.. إلى آخره؛ فلا تنظر إلى العاصي أو المقصر بعين الاحتقار، إياك إياك! فالمعول على القبول التقوى؛ كما قال تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27].
السبب الرابع من أسباب الكبر -وهذا كثير في النساء-: الجمال؛ فإذا كانت الواحدة جميلة فإنها تتكبر على من كانت دميمة، يعني: من كانت شوهاء؛ فالجمال سبب للكبر أيضاً عند بني آدم.
السبب الخامس من أسباب الكبر: النسب؛ فيرى نفسه شريفاً، ويرى غيره وضيعاً، يرى بأنه من نسب عال، والآخر من نسب دون، فيميز نفسه.
قال الشاعر:
والناس من جهة التمثيل أكفاء أبوهم آدم والأم حواء
فإن كان لهم في أصلهم حسب يفاخرون به فالطين والماء
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء