إسلام ويب

تفسير آية - البقرة [30]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اقتضت حكمة الله سبحانه أن يخلق آدم وذريته ليسكنوا الأرض ويعمروها، ويجعل منهم خلفاء في الأرض، وقد أوجب الله على المسلمين أن ينصبوا خليفة من أنفسهم ليقوم بحراسة الدين وسياسة أمر المسلمين، واشترط العلماء في هذا الخليفة شروطاً منها: الإسلام، والذكورة، والحرية، والبلوغ، والعقل، والعدالة، وغير ذلك.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وعدد ما اختلف الليل والنهار، وعلى المهاجرين والأنصار، أما بعد:

    فيقول الله عز وجل في الآية الثلاثين من سورة البقرة: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ [البقرة:30].

    والمعنى الإجمالي لهذه الآية المباركة: يخاطب رب العالمين نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بما كان بينه جل جلاله وبين ملائكته المقربين حين خلق الله أبا الناس آدم عليه السلام، حيث اقتضت حكمته سبحانه أن يخلق آدم وذريته ليسكنوا الأرض ويعمروها، فأنبأ ملائكته: أنه سينشئ خلقاً آخر، فسألت الملائكة ربها سبحانه سؤال استفهام لا سؤال اعتراض: يا ربنا! كيف تخلق غيرنا ونحن دائبون على التسبيح بحمدك وتقديس اسمك، وهؤلاء الذين تستخلفهم في الأرض، لا بد أن يختلفوا على ما فيها من منافع، ويحصل منهم فساد وسفك للدماء؟

    فأجابهم سبحانه بما اطمأنت له قلوبهم وزال معه خوفهم: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ[البقرة:30]، وقد علم الله تعالى أن في هؤلاء المستخلفين في الأرض أنبياء فضلاء، وأهل طاعة وإحسان.

    توجيه قول الملائكة: (أتجعل فيها من يفسد فيها) مع كون ذلك غيباً لا يعلمه إلا الله

    وهنا فائدة:

    فربما يقول قائل: كيف عرفت الملائكة أن ذرية آدم سيكون منهم فساد مع كون ذلك غيباً لا يعلمه إلا الله؟

    فالجواب: أنهم عرفوا ذلك بإخبار من الله تعالى، أو اطلعوا عليه في اللوح المحفوظ، أو ثبت في علمهم: أن الملائكة وحدهم هم الخلق المعصومون، وكل خلق سواهم ليسوا على صفتهم، أو عرفوا طبيعة المادة وأن فيها الخير والشر، أو قاسوا أحد الثقلين وهم الإنس على الآخر وهم الجن، أو فهموا من لفظة الخليفة: أنه الذي يفصل بين الناس فيما يقع بينهم من المظالم ويردعهم عن المحارم والمآثم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088524849

    عدد مرات الحفظ

    777126893