إسلام ويب

تفسير آية - الروم [21]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن بقاء النوع الإنساني آية على وحدانية الله سبحانه وتعالى، وقد امتن الله على عباده بنعمة الزواج؛ لما فيه من المصالح والفوائد لهم ولحياتهم، وتجري على النكاح الأحكام الخمسة، ولا يتحقق الغرض من الزواج إذا كان من غير جنس المتزوج، وعلى المرأة بذل نفسها لزوجها في كل وقت، وعلى الزوج أن يعاملها بالإحسان والمعروف، وعليها طاعته والقيام بحقه، وخير الزوجة ذات الدين.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار، أما بعد:

    فيقول الله عز وجل في الآية الحادية والعشرين من سورة الروم: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21].

    يقول الله عز وجل: ومن آياته الدالة على عظمته وكمال قدرته سبحانه: أن خلق لكم من أنفسكم أيها الرجال -أي: من جنسكم وشاكلتكم- أزواجاً؛ ليحصل السكن إليها والاطمئنان معها، وجعل بين الزوجين محبةً وشفقة، إن في ذلك لآيات دالةً على قدرته جل جلاله وكمال عظمته، لقوم يتدبرون فيعلمون أن قوام الدنيا بوجود التناسـل.

    والحِكم التي تنطوي عليها هذه الآية:

    أن جعل للإنسان ناموس التناسل.

    وأن جعل تناسله بالتزاوج ولم يجعل كتناسل النباتات من نفسها.

    وأن جعل الله أزواج الإنسان من صنفه ولم يجعله من صنف آخر؛ لأن التأنس لا يحصل بصنف مخالف.

    وأن جعل في التزاوج أنساً بين الزوجين، ولم يجعله تزاوجاً عنيفاً مهلكاً كتزاوج الضفادع.

    وأن جعل بين كل زوجين مودةً ومحبة.

    قال ابن عطاء رحمه الله: الفكرة سراج القلب، فإن ذهبت فلا إضاءة له، وما نفع القلب شيء مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة.

    فالله سبحانه بدأ خلق المرأة من جسد الرجل، فخلق حواء من ضلع آدم ؛ ليتحقق الوفاق ويكتمل الأنس.

    وفي هذه معنى الآية قوله تعالى: اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا[النساء:1]، وقوله سبحانه: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا[الأعراف:189]، وقوله سبحانه: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً[النحل:72]، وقوله سبحانه: ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى [القيامة:38-39].

    قال العلامة ابن عاشور رحمه الله: ضمن قوله تعالى: لِتَسْكُنُوا [القصص:73] معناه: لتميلوا، فعداه بحرف (إلى) وإن كان حقه أن يعلق بعند ونحوها من الظروف.

    قال سيد قطب رحمه الله: يد الله جعلت في تلك الصلة سكناً للنفس والعصب، وراحة للجسم والقلب، واستقراراً للحياة والمعاش، وأنساً للأرواح والضمائر، واطمئناناً للرجل والمرأة على السواء.

    وفي تفسير المودة والرحمة أقوال.

    قيل: المودة: الجماع، والرحمة: الولد.

    وقيل: المودة للشابة، والرحمة للعجوز.

    وقيل: المودة والرحمة عطف قلوب بعضهم على بعض.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088517688

    عدد مرات الحفظ

    777076937