بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار، أما بعد:
فيقول الله عز وجل في الآية الخامسة من سورة الضحى:
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
[الضحى:5].
هذه الآية وعد من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بأن يعطيه حتى يرضى، قال أهل التفسير: هذا العطاء يشمل خيري الدنيا والآخرة، ومن ذلك:
المقام المحمود: قال تعالى:
عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً
[الإسراء:79]، والحوض المورود: حين يأتي أفراد أمته غراً محجلين، والوسيلة، وهي: منزلة رفيعة لا تنبغي إلا لعبد واحد هو محمد صلى الله عليه وسلم، والشفاعة في دخول الجنة، ويكون صلى الله عليه وسلم هو أول داخل، وشهادته على الرسل، وشهادة أمته على الأمم.
ومن الرضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: حوض الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، وطينه مسك أذفر.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأهل العراق: إنكم تقولون إن أرجى آية في كتاب الله:
قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ
[الزمر:53]، قالوا: إنا نقول ذلك. قال: ولكنا أهل البيت نقول: إن أرجى آية في كتاب الله:
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
[الضحى:5].
وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قوله تعالى في إبراهيم :
فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي
[إبراهيم:36]الآية، وقول عيسى :
إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ
[المائدة:118]الآية، فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي، وبكى، فقال الله تعالى لـجبريل : اذهب إلى محمد وربك أعلم، فسله ما يبكيك؟ فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فأخبره، فقال الله تعالى لـجبريل فقل له: إن الله يقول لك: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك ).
أيها الإخوة الكرام! ما هي أرجى آية في القرآن؟
الخلاف في أرجى آية في القرآن
الترجيح في أرجى آية في القرآن
والتحقيق أن هذه الآية، آية سورة فاطر، هي أرجى آية في كتاب الله؛ لأن الواو في قوله تعالى:
يَدْخُلُونَهَا
[فاطر:33]، شاملة للظالم والمقتصد والسابق على التحقيق.
ولذا قال بعض أهل العلم: حق لهذه الواو أن تكتب بماء العينين، فوعده الصادق بجنات عدن لجميع أقسام هذه الأمة، وأولهم الظالم لنفسه؛ يدل على أن هذه الآية من أرجى آيات القرآن ولم يبق من المسلمين أحد خارجاً عن الأقسام الثلاثة.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وذهاب همومنا، وجلاء أحزاننا.
والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.