إسلام ويب

تفسير سورة النور - الآية [31] الأولللشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جاء الخطاب الشرعي عاماً للرجال والنساء، إلا ما خصه الدليل بأحدهما، وقد يكرر الخطاب للدلالة على أهمية الأمر، ومن ذلك الخطاب الوارد في آيات سورة النور في غض البصر، واستدل بهذه الآية على تسوية حرمة النظر بين الرجال والنساء، والراجح خلاف ذلك كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

    اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

    فقد تقدم معنا الكلام عن قول ربنا جل جلاله: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30].

    وعرفنا أن الخطاب توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دلالةً على أهمية الأمر وعظم الشأن، وأن قوله تعالى: (يغضوا) أن الغض معناه: ترك التحديق وتثبيت النظر، وهذا الأمر قد نبه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال لـجرير بن عبد الله البجلي : ( اصرف بصرك )، وقال لـعلي : ( لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وعليك الثانية )، وقال: ( أعطوا الطريق حقه، قال: وما حقه يا رسول الله؟ قال: رد السلام، وكف الأذى، وغض البصر، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ).

    وعرفنا بأن من فوائد غض البصر: وجود حلاوة الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: ( النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها من مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه ).

    ومن فوائد غض البصر: أن الإنسان يسعد يوم القيامة، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( كل عين باكية يوم القيامة إلا عيناً غضت عن محارم الله، وعيناً سهرت في سبيل الله، وعيناً خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله )، هؤلاء الثلاثة لا يبكون يوم القيامة؛ ( عيناً غضت عن محارم الله، وعيناً سهرت في سبيل الله )، يحمل ذلك على السهر في الرباط، وفي الحراسة، ( وعيناً خرج منها مثل رأس الذباب )، يعني ولو دمعة صغيرة من خشية الله، هؤلاء الثلاثة لا يبكون يوم القيامة.

    ومن فوائد غض البصر: الرضا بما قسم الله عز وجل، والقناعة بالحلال، وبالمقابل من أطلق بصره ودامت نظراته دامت حسراته، فالذي ينظر إلى كل شيء فإنه تدوم حسراته.

    وقول الله عز وجل: وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30]، عرفنا أن حفظ الفرج يكون من أن ينظر إليه غيره، قال صلى الله عليه وسلم: ( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك )، وكذلك حفظ الفرج من الزنا؛ لأن الله قال: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى [الإسراء:32].

    وحفظ الفرج من اللواط؛ لأن الله عز وجل ذم قوم لوط ووصفهم بأنهم فاسقون، مسرفون، عادون، قوم سوء، وأنزل بهم تلك العقوبة البالغة حين جعل عاليها سافلها، وأتبعهم بحجارة من سجيل.

    وكذلك يحفظ الفرج من المساحقة، ويحفظه من الاستمناء أو ما يسميه الناس بالعادة السرية، فهذا كله حرام، قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ [المؤمنون:5-7].

    وأخبر ربنا جل جلاله أن غض البصر وحفظ الفرج يترتب عليه التزكية والتطهير، قال تعالى: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [النور:30] أي: أطهر لقلوبهم، وأنقى لدينهم، ثم تهدد الله الجميع بقوله: إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30]، لا تخفى عليه خافية، فمن أطلق بصره في الحرام وأخفى ذلك عن الناس، فالله عز وجل مطلع عليه عالم بسره.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088535011

    عدد مرات الحفظ

    777185072