إسلام ويب

تفسير سورة النور - الآية [31] الثالثللشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أمر الشرع بحجاب المرأة وسترها، حفاظاً على كرامتها وطهرها وعفتها، وهذا من تكريم الإسلام لها، وليس من تقييد الحرية كما يدعيه أعداء الإسلام والمنحرفون، وشرط له شروطاً تحرياً للستر الكامل إلا ما استثني من ذلك.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

    اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

    فقد تقدم معنا الكلام في معاني قول الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ... [النور:30] إلى قوله: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] وعرفنا بأن ربنا جل جلاله أراد لنا الخير، وأراد لنا العفة والطهارة، والصلاح، والاستقامة، والأمن على الأعراض حين أمرنا معشر الرجال والنساء بأن نغض أبصارنا، ونحفظ فروجنا، ثم أمر النساء بألا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وأن يلتزمن الحشمة والوقار، وألا تكشف المرأة ما أمر الله بستره، وألا تهتك حجابها، وألا تبدي زينتها إلا أمام اثني عشر صنفاً ذكرهم الله عز وجل في هذه الآية.

    وعرفنا بأن القسمة رباعية:

    الحالة الأولى: أن تخفي المرأة زينتها، أي: تلزم حجابها، وفي الوقت نفسه يغض الرجل بصره، وهذا هو المجتمع الطاهر النظيف.

    والحالة الثانية: بأن تبدي المرأة زينتها فيغض الرجل بصره، فيكون الإثم عليها وحدها.

    والحالة الثالثة: أن تستر المرأة زينتها ويطلق الرجل بصره، فيكون الإثم عليه لا عليها.

    والحالة الرابعة: وهي الطامة المنذرة بالشؤم والعهر والفساد أن تبدي المرأة زينتها، ويطلق الرجل بصره، فيكون الفساد من جهة المرسل والمستقبل.

    والحالات الثلاث الأولى دليل على أن المجتمع لا يزال بخير، ولا يزال الحياء والطهر والاستعفاف هو السائد فيه.

    ثم إنه ينبغي أن تعلم كل امرأة مسلمة أنها مأمورة بأن تحتجب وتستتر، فليس الحجاب أمراً حكومياً من فلان أو فلان، وليس الحجاب قانوناً وضعياً من بنات أفكار فلان أو فلان، وليس الحجاب وضعاً استثنائياً، وإنما الحجاب أمر رباني، فالله عز وجل الذي أمر المرأة بالصلاة والزكاة هو الذي أمر المرأة بالحجاب، ويريد بذلك تكريمها جل جلاله، قال تعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14]، والدعوات التي تصدر هنا وهناك بأن الحجاب تقييد لحرية المرأة، وحجر على إبداعها، وهدر لكرامتها، وتأكيد لسيادة المجتمع الذكوري كما يدندن بذلك بعض دعاة الفساد، أقول: هذا كله لا يصدر إلا عمن يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وأما الرجل المسلم والمرأة المسلمة فكلاهما مأمور بطاعة الله، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36]، وقال أيضاً: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [النور:51].

    فالحجاب مأمور به في القرآن لا شك فيه ولا ريب، وآية النور محكمة بإجماع المسلمين، ومثلها أيضاً قول ربنا في سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الأحزاب:59].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088532445

    عدد مرات الحفظ

    777169390