إسلام ويب

تفسير سورة النور - الآيات [27-29] الأولللشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اهتمت الشريعة بجانب الأخلاق والآداب؛ ولذلك شرعت الاستئذان، ونزل بذلك القرآن، كما طبق ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وهذا كله حرصاً على وحدة النسيج الاجتماعي، ورفع الحرج عن الناس؛ حيث جعل الاستئذان من أجل البصر.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

    اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

    فيقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ [النور:27].

    القراءات الواردة في كلمة (بيوت)

    قرأ ورش و حفص و أبو عمرو و ابن كثير و يعقوب و أبو جعفر يزيد بن القعقاع بالضم: (( لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ))[النور:27]، بضم الباء، وقرأ الباقون بكسرها: (لا تَدْخُلُوا بِيُوتًا غَيْرَ بِيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا )، وكذلك في خواتيم السورة: (( أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ ))[النور:61] إلى آخر الآية، وهكذا في سائر القرآن، وهما لغتان، يقال: بُيوت، ويقال: بِيوت.

    معاني المفردات

    أما معاني المفردات فقول ربنا جل جلاله: لا تَدْخُلُوا [النور:27]، (لا) ناهية، وهو نهي جازم يفيد تحريم دخول بيوت الغير بلا إذن.

    قال الله عز وجل: حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا [النور:27]، الاستئناس فيه وجهان لأهل التفسير.

    قيل: الاستئناس بمعنى الاستكشاف، ومنه قوله تعالى: إِنِّي آنَسْتُ نَاراً [النمل:7]، بمعنى: أبصرت.

    وقيل: الاستئناس بمعنى الاستعلام والاستخبار، ومنه قول الله عز وجل: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6]، (فإن آنستم) بمعنى: إن علمتم من اليتامى، (تستأنسوا) أي: تستعلموا وتستخبروا.

    وقال بعض المفسرين المعاصرين: الاستئناس من الأنس، (حتى تستأنسوا) حتى تشعروا بالأنس من صاحب البيت، ومعناه: أن صاحب البيت قد يأذن لك وهو غير راغب في حضورك، فمثلاً لربما يطرق الباب طارق وصاحب البيت يتوقع شخصاً ما، فيسارع بفتح الباب، فيفاجأ بأن الشخص ليس هو المرغوب أو المطلوب، فلو أن المستأذن لم يجد من صاحب البيت أنساً، ولم يجد منه ترحاباً فخير له أن يرجع.

    إذاً عندنا وجهان معتبران عند المفسرين الأولين:

    الوجه الأول: أن الاستئناس بمعنى الاستكشاف، ومنه قوله تعالى: إِنِّي آنَسْتُ نَاراً [طه:10].

    الوجه الثاني: الاستئناس بمعنى الاستعلام والاستخبار، ومنه قوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً [النساء:6]، وبعض المعاصرين قالوا: من الأنس، بمعنى لا بد أن تشعر من صاحب البيت أنه مرحب بك، راغب في دخولك، وإلا لو وجدت منه وحشةً وإعراضاً فخير لك أن تذهب.

    قال تعالى: حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ [النور:27] الإشارة إلى الاستئذان والسلام، خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النور:27]، وهاهنا أيضاً قراءتان في (تذكرون)، خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النور:27]، و(لعلكم تذَّكَّرون).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088526163

    عدد مرات الحفظ

    777134392