إسلام ويب

تفسير سورة النور - الآية [32] الثانيللشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الزواج سبب من أسباب الغنى وجلب الرزق، وقد حث الشارع الأولياء أن يختاروا لبناتهم وأخواتهم صاحب الدين ولو كان فقيراً، وأمر الرجال أن يختاروا ذات الدين، وقد كان الصالحون يعرضون بناتهم وأخواتهم على الرجل الصالح؛ لأنه سيحفظ ابنتهم ويصونها ويكرمها، ويعاشرها بالمعروف.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

    اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

    يقول الله عز وجل: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ [النور:32]، هاهنا إشارة إلى تيسير الأسباب الموصلة إلى النكاح المباح، الذي تحصل به سكينة النفس، وطمأنينة القلب، والإعفاف عن الحرام، ويحصل به غض البصر، ويحصل به كذلك المودة والرحمة والتعارف بين المسلمين، فتجد إنساناً بالمشرق يتزوج واحدةً من المغرب، وتجد إنساناً من هنا يتزوج واحدةً من هناك، فيحصل التعارف كما قال ربنا: وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا [الحجرات:13]، والنبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن التقاعس فقال: ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ).

    وأمرنا عليه الصلاة والسلام بأن نلتمس ذات الدين، فقال عليه الصلاة والسلام: ( تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك )، وقد أخر عليه الصلاة والسلام الدين، فذكره رابعاً؛ لأن أكثر الناس لا يهتم بالدين، وإنما يهتم بالجمال، ويهتم بالمال، ويهتم بالحسب، وفي الحديث الآخر: ( لا تنكحوا النساء لحسنهن؛ فلعل حسنهن يرديهن، ولا تنكحوهن لمالهن؛ فلعل مالهن يطغيهن، وانكحوهن لدينهن؛ فلأمة سوداء -وفي بعض الروايات: خرماء- ذات دين أفضل ).

    وبالمقابل أيضاً لا بد أن يزوج الإنسان بنته لصاحب الدين، فلا تزوج بنتك إلا لتقي، إن أحبها أكرمها، وإن كرهها لم يظلمها، فالله عز وجل قال: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ [النور:32]، ومطلوب منا التيسير في الصداق، والتيسير في إجراءات النكاح وما إلى ذلك من أجل أن نشجع على صيانة المجتمع المسلم من كل أسباب الانحراف.

    وقوله: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32]، أي: من آنسنا منه الصلاح فإننا نسارع بإنكاحه وتزويجه، ثم وعدنا ربنا جل جلاله فقال: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32]، وقد ارتكز في الطباع بأن الزواج والعيال سبب لنقص المال، وأن كون الإنسان عزباً يحفظ ماله ولا يكلفه مئونة النفقة، لكن الله عز وجل غير هذا المفهوم الجاهلي بقوله: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32]، وأكد هذا المعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي رواه الإمام أحمد و الترمذي و النسائي و ابن ماجه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والمجاهد في سبيل الله )، والمكاتب سيأتي شرحه في قوله تعالى: فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً [النور:33].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088522419

    عدد مرات الحفظ

    777110787