إسلام ويب

المحرمات من النساء [1]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من شروط الزواج بالمرأة ألا تكون محرمة على من أراد الزواج بها تحريماً مؤبداً ولا مؤقتاً، فمن المحرمات على التأبيد من حرمن بسبب النسب، كالأمهات والبنات والأخوات وغيرهن، ومن حرمن بسبب الرضاع وهن كالمحرمات بالنسب، ومن حرمن بسبب المصاهرة كزوجة الأب وحليلة الابن والربائب وأمهات الزوجات، ومن المحرمات مؤقتاً كالجمع بين المحارم والمحصنات والكافرة غير الكتابية وزواج المسلمة بكافر والمبتوتة من زوجها.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

    اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

    فتقدم معنا الكلام في الدرس الذي مضى في أن عقد النكاح له أركان ثلاثة، وهذه الأركان الثلاثة هي: الصيغة، وطرفا العقد -أي: الزوج والزوجة- والولي.

    أما الصيغة فقد عرفنا بأنها: اللفظ المعبر عن إرادة الطرفين في إتمام العقد، كأن يقول ولي المرأة: زوجت فلانة من فلان، فيقول الزوج أو وكيله: قبلت هذا الزواج، وليس شرطاً أن يتقدم الإيجاب على القبول، ولكنه مندوب إليه، فلو بدأ الولي فقال: زوجتك، وقال الزوج: قبلت، صح، كما أنه يصح أن يقول الزوج: زوجني، فيقول ولي الزوجة: قد فعلت، أو أنكحتك، أو قبلت.

    وتقدم معنا الكلام في أن الصيغة يشترط أن تكون بلفظ الماضي مثل: زوجتك، أو زوجت فلانة من فلان، والآخر يقول: قبلت، فلا يصح أن يقول: أزوج فلانة من فلان، ولا يصح أن يقول الآخر: أقبل، أو سأقبل، بل لا بد أن تكون الصيغة في الإيجاب والقبول بلفظ الماضي.

    وتقدم معنا الكلام في أن النكاح ينعقد بكل ما دل عليه عرفاً، فليس بالضرورة أن يقول: أنكحتك، وليس بالضرورة أن يقول: زوجتك، بل ينعقد النكاح بلفظ الهبة، وينعقد النكاح بلفظ الإعطاء، فلو قال: أعطيتك، أو كما نعبر باللهجة العامية: أديتك، فهذا كله ينعقد به النكاح، ويصح به، والدليل على ذلك: ( أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للرجل: اذهب فقد ملكتكها )؛ ولذلك الآن إخواننا في الخليج يسمون العقد الملكة، بمعنى: أن الرجل قد تملك المرأة.

    وتقدم معنا: أن النكاح لا يصح فيه الهزل؛ فلا يصح فيه أن يقول الإنسان: أنا كنت هازلاً، ومثله الطلاق، وهذا يسأل عنه كثير من الناس، يقول: أنا قلت للمرأة: أنت طالق، من باب المزاح، أو من باب التهديد ونحو ذلك، فنقول لهؤلاء جميعاً: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة ).

    والنكاح ينعقد بالكتابة، وكذلك ينعقد بالإشارة من الأخرس.

    وتقدم معنا الكلام في أن نكاح المتعة حرام وباطل، وأن له صيغتين: الصيغة الأولى: أن يقول الولي: زوجتك ابنتي شهراً، فيقول الآخر: قبلت.

    الصيغة الثانية: أن يقول الزوج: زوجني ابنتك أو زوجني أختك مدة إقامتي في هذه البلد، فيقول الآخر: قبلت، وهاتان الصيغتان لا ينعقد بهما النكاح لكونه فاسداً، وهذا النكاح محرم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد انعقد الإجماع على تحريمه.

    أما إذا كانت نية التوقيت في القلب، ولم يصرح بها في العقد فلا حرج في هذا، فمثلاً: لو أن إنساناً تزوج امرأةً بنية أن يطلقها متى ما غادر البلد فلا حرج في ذلك؛ لأن الله تعالى عفا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم عما حدثت به نفسها، ما لم تتكلم أو تفعل. والإنسان قد يتزوج وينوي الطلاق ثم لا يطلق، كما أنه يتزوج وينوي البقاء ثم لا يبقى.

    وتقدم معنا: أن الشروط في العقد على ثلاثة أنواع:

    النوع الأول: شروط هي من مقتضى العقد، فهذه لا حرج فيها، كما لو أن المرأة اشترطت على زوجها أن ينفق عليها، أو الرجل اشترط على امرأته ألا تخرج من بيته إلا بإذنه، أو اشترط عليها أن تطيعه، فهذا لا حرج فيه؛ لأن هذه الشروط ذكرها كعدمها، ولكن من باب التوكيد قد تذكر.

    النوع الثاني: شروط ليست من مقتضى العقد لكنها لا تخالف العقد، كما لو أن المرأة اشترطت على زوجها ألا يسافر بها من دار قومها، أو اشترطت عليه ألا يمنعها من العمل خارج البيت. إن كانت مدرسةً -مثلاً- أو تشترط عليه ألا يتزوج عليها، فهذه الشروط مكروهة، ولا يجب على الزوج الوفاء بها، ولكن يستحب لو أنه وفى بها فجزاه الله خيراً، وإلا فشرط الله أسبق؛ لأن الأصل في أن المرأة تنتقل مع زوجها حيث انتقل ما لم يكن في ذلك محظوراً، فمثلاً: بعض الناس يريد من زوجته أن تنتقل معه إلى أمريكا، وهو مقيم هناك، وقد حصل على الجواز الأمريكي، أو ما يسمى بالجرين كارد، وليس عنده نية في العودة إلى بلده، فمثل هذا لا يجب على المرأة أن تذهب معه؛ لأنه ينقلها من دار الإسلام ودار الخير والبر إلى دار الكفر والفسوق والعصيان، حيث لا تأمن على دينها، ولا على عرضها، ولا على نفسها، فمثل هذا لا طاعة له.

    النوع الثالث: الشروط المناقضة للعقد، كما لو أن الزوج اشترط ألا ينفق على زوجته، أو ألا يقسم لها مع ضراتها، أو أن المرأة اشترطت على الزوج أن يطلق ضرتها، فمثل هذه الشروط باطلة، ولا قيمة لها؛ لأن الشرع قد نهى عنها، ولكن لو أن الزوج أو الزوجة تطوع أحدهما للآخر بشيء من الشروط بعد العقد فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

    الركن الثاني من أركان العقد: الزوجان، ويشترط في صحة العقد بالنسبة للزوجين ثلاثة شروط:

    الشرط الأول: عدم الإكراه، أي: أن يكون قبول الزوجة بزوجها، واختيار الزوج لزوجته عن رضا وقناعة؛ لأن الإكراه تسقط به المؤاخذة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( إن الله عفا لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ).

    فلا يجوز للرجل أن يكره ابنته على الزواج بمن لا تريد، ومن باب أولى لا يجوز للأب ولا للأم أن يكرها الولد على النكاح بمن لا يريد؛ لأن أي عقد في الإسلام لا بد أن يكون قائماً على الرضا، كما قال الله عز وجل: إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]، يعني: إذا كان كيس عيش بجنيه لا بد أن يكون هناك تراض بين البائع والمشتري، فما بالكم بهذا العقد الخطير الذي سماه الله ميثاقاً غليظاً، فلا بد أن يكون هناك رضا تاماً بين الزوجين، ( ولما جاءت الخنساء بنت خدام رضي الله عنها وشكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أباها قد زوجها من ابن أخيه ليرفع خسيسته، فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحها )، يعني: حكم بأن ذلك النكاح لا تترتب عليه آثاره.

    الشرط الثاني: ألا تكون المرأة محرمةً على الرجل تحريماً مؤبداً، أو تحريماً مؤقتاً لعارض، وهذا ظاهر.

    الشرط الثالث: أن يكون أحد طرفي العقد متحقق الذكورة، أي: أن أحد الطرفين يكون رجلاً تاماً، والآخر أنثى تامة، فبمثل هذا نتخلص من قضية الخنثى المشكل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089146769

    عدد مرات الحفظ

    782180883