الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله النبي الأمين، بعثه الله بالهدى واليقين؛
لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ
[يس:70].
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين، وآل كل وصحب كل أجمعين، وأحسن الله ختامي وختامكم وختام المسلمين، وحشر الجميع تحت لواء سيد المرسلين، أما بعد:
أيها المسلمون عباد الله! فاتقوا الله حق تقاته،
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
[النور:31].
ومن الأخبار السارة التي سمعناها بالأمس نبأ توقيع اتفاق سلام مع بعض الفصائل المعارضة في دارفور، وهذا مما يسر المؤمن ويفرح المسلم، ونسأل الله عز وجل أن يعين المخلصين هنا وهناك على حقن الدماء، وصيانة الحرمات، وأن يغير حال إخواننا في دارفور إلى أحسن حال.
ومما يؤلم المسلم أن يتقاتل المسلم مع أخيه المسلم، وأن تسفك الدماء، وأن تنتهك الحرمات، وكل ما يؤدي إلى اتفاق فهذا الذي يحبه الله عز وجل، كما قال سبحانه:
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ
[النساء:128]، وقال:
لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ
[النساء:114]، وكما كان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلح بين المتخاصمين، قال صلى الله عليه وسلم: ( ألا أدلكم على ما هو أفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين )، وجزى الله خيراً من سعى في إتمام هذا الصلح، وهيأ له الأسباب، وصبر على طول المفاوضات، دولة قطر، ومن شاركوا في هذه المفاوضات كلهم مجزيون خيراً مدعو لهم، من عباد الله المؤمنين.
أيها المسلمون عباد الله! إننا بحاجة على اختلاف ألواننا وأجناسنا وألسنتنا، إننا بحاجة في هذه البلاد إلى أن نوحد كلمتنا، وأن نرص صفوفنا، وأن نفكر في مستقبلنا، وما يكون في قابل أيامنا كيف نطبق شريعة ربنا؟ كيف نعلي كلمة ديننا؟ كيف نقيم مجتمعاً على مكارم الأخلاق؟ كيف نحل الحلال ونحرم الحرام؟ هذا الذي ينبغي أن تتجه إليه الهمم، وتفرغ له العزائم.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يعلي كلمته، وأن يظهر شريعته، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغير حالنا إلى أحسن حال. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا أجمعين، وفك أسر المأسورين، وفرج عن عبادك المسجونين، ووسع على عبادك المقلين، يا مقلب القلوب! ثبت قلوبنا على دينك، يا مصرف القلوب! صرف قلوبنا على طاعتك! اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين! اللهم بلغنا رمضان، وأعنا على الصيام والقيام، ووفقنا لصالح الأعمال.
اللهم عجل فرج إخواننا المسلمين في ليبيا، اللهم عجل فرج إخوان المسلمين في سوريا، اللهم عجل فرج إخواننا المسلمين في اليمن، اللهم تقبل شهيدهم، وداو جريحهم، وأطعم جائعهم، واكس عاريهم، وخلصهم من جبابرة الأرض وفراعنة الزمان، وغير حالهم إلى أحسن حال يا خير المسئولين! ويا خير المعطين! اغفر لآبائنا وأمهاتنا، ارحمهم كما ربونا صغاراً، اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا.
اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر لمن بنى هذا المسجد المبارك، ولمن عبد الله فيه، ولجيرانه من المسلمين والمسلمات.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
[البقرة:201]، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين.