إسلام ويب

التفاؤلللشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • التفاؤل مطلوب في حياة المسلم في كل الأحوال، فبعد الظلام لا بد من نور، وبعد الشدة لا بد من فرج، وقد كان الأنبياء صلوات الله عليهم يتفاءلون بالخير في أحلك الظروف وأشدها

    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في سبيل ربه حق الجهاد، ولم يترك شيئاً مما أمر به إلا بلغه، فتح الله به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، وهدى الناس من الضلالة، ونجاهم من الجهالة، وبصرهم من العمى، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وهداهم بإذن ربه إلى صراط مستقيم.

    اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واهتدى بهداه، أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، و( ما قل وكفى خير مما كثر وألهى )، و إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [الأنعام:134].

    أيها المسلمون عباد الله! إن المسلم لا يعرف طريقاً للتشاؤم ولا للتطير، بل المسلم متفائل برحمة الله عز وجل، لا ييئس من روحه، ولا يقنط من رحمته، بل يتطلع إلى المستقبل بنفس شغوفة، وقلب مطمئن، إن الله جل جلاله في كتابه الكريم قد حكى أن التشاؤم سمة أهل الكفر والضلال، قال الله عز وجل حكاية عن قوم صالح: قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ [النمل:47]، وقال الله عز وجل عن فرعون وقومه: فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [الأعراف:131]، وقال الله عز وجل عن قوم في سورة (يس) في مواجهة رسلهم: قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ [يس:18].

    وهكذا الكفار دائماً متشائمون، متطيرون، قلقون خائفون، جزعون، أما المؤمن فقلبه مطمئن بذكر الله، ونفسه واثقة من قدر الله، وأنه لا يكون في الكون إلا ما أذن الله به، قال سبحانه: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن:11]، وقال: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد:22].

    وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة، والطيرة سمة من سمات أهل الجاهلية، فهم الذين يتشاءمون، الواحد منهم إذا رأى أشل أو أقطع أو أعور أو أعرج تشاءم به، وإذا رأى هامة أو طيراً تشاءم به، وإذا سمع كلمة تشاءم بها، والمسلم ليس كذلك، المسلم دائماً متفائل، إذا نزل به المرض، إذا أصابته مصيبة، إذا مات له ولد، إذا أصابه ما يضره، وما يحزنه، وما يؤذيه، فهو متفائل على كل الأحوال.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088511927

    عدد مرات الحفظ

    777044370