إسلام ويب

تطور المعارف بتطور الحضارات [1]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • خلق الله عز وجل الخلق على مراحل، وجعل تطورهم في الحياة كذلك على مراحل، فتطورت ثقافات البشر، وحضاراتهم، ولغاتهم، وامتزجت بعضها ببعض، حتى وصلت لوضعها الراهن.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى خلق آدم بيمينه، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وجعله خليفته في الأرض، وقد أخبر ملائكته أنه جاعل آدم خليفة في الأرض، وآدم إذ ذاك منجذب في الطينة، ثم كرم ذريته بأنواع التكريم، فقال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [الإسراء:70].

    وقد أهبط الله آدم و حواء إلى هذه الأرض، واستخلف هذا الجنس البشري فيها، فوفر لهذا الجنس البشري في الأرض كل ما يحتاج إليه من الأمور، وهيأ له أسباب العيش الكريم في هذه الأرض، وجعل ما بهذه الأرض قابلاً للتدرج؛ لأنه لو استخرجت خيراته في اليوم الأول لما بقي للأجيال اللاحقة شيء تصنعه، مع هذا فإن في السنة الكونية الماضية بعلم الله أن البشر سيمرون بكثير من المراحل، وقد جاء في إدارة نوح : وهو وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً [نوح:14]، وفي إدارة محمد صلى الله عليه وسلم: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ [الانشقاق:19].

    وهذه الأطباق منها في حياة الفرد تسع مراحل يمر بهذا الخلق، بينها الله في سورة المؤمنون، قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ[المؤمنون:12-16].

    وهذا التطور في الفرد حصل نظيره في المجتمع، فالمجتمع البشري أول نشأته على الأرض كان مجتمعاً بدائياً، كل حاجياته مستوردة، كما قال الله تعالى في امتنانه على بني آدم: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26]، فبين أنه أنزل اللباس، وفي سورة الزمر بين أنه أنزل من الأنعام ثمانية أزواج، كذلك في بداية نشأة بني آدم.

    ثم إن الزراعة كذلك نشأت في ذلك العصر عندما علم الله آدم الزراعة، وكان الملائكة يدلونه على أوجهها وهيئاتها، ثم علم الجيل الذي يلي ذلك طريقة النسيج؛ لأن الجيل الأول لا يمكن أن ينسج ما يكفيه ولهذا أنزل له اللباس من السماء، فعلم إدريس عليه السلام النسيج والحياكة، ثم بعد ذلك علم داود لبوس الحرب الذي يقي من بأس الحديد.

    وهكذا تطورت الحضارة البشرية تبعاً للحاجة، فالاختراع وليد الحاجة، وكلما تجددت الحاجة تطورت الحضارة بسبب نشوء تلك الحاجة؛ لأنه يقتضي نشوء تفكير لحل المشكلات التي تتجدد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089098675

    عدد مرات الحفظ

    781624639