إسلام ويب

الغفلة وخطرهاللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الغفلة تنقسم إلى قسمين: غفلة محمودة، وغفلة مذمومة. فالمحمودة هي غفلة الإنسان عن حقوقه وحظوظه الدنيوية، فإذا غفل الإنسان عن بعض حقوقه وتجاوز عنها، فهذه غفلة محمودة، أما الغفلة المذمومة فهي أكثر وأكبر، وهي داء عضال يصيب الإنسان؛ ولذلك نهى الله رسوله صلى الله عليه وسلم عن الاتصاف بها.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    الغفلة المحمودة

    أما بعد: فإن الغفلة تنقسم إلى قسمين: غفلة محمودة، وغفلة مذمومة.

    والغفلة المحمودة هي غفلة الإنسان عن حقوقه وحظوظه الدنيوية، فإذا غفل الإنسان عن بعض حقوقه وتجاوز عنها، علم أن فلاناً ظلمه فعفا عنه، وعلم أن فلاناً أخذ من حقه فتغافل عنه، وعلم أن له حقاً في مكان كذا فلم يذهب إليه، ولم يطلب حظ نفسه في كل شأنه، فهذه غفلة محمودة؛ ولذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( دعوا الناس في غفلاتهم يرزق الله بعضهم من بعض )، فغفلاتهم التي يتركون فيها هي غفلاتهم الدنيوية عن حظوظهم وحقوقهم، وهذا إنما هو فيما لا ضرر على الإنسان فيه.

    أما ما فيه ضرر على الإنسان فإن الضرر لا يزال بالضرر، فإذا كان الإنسان محتاجاً إلى حقه حاجةً ماسة، ثم سامح فيه رغم الحاجة فليس ذلك من الغفلة المحمودة، بل هو من التجني على النفس المذموم.

    الغفلة المذمومة

    أما الغفلة المذمومة فهي أكثر وأكبر، وهي داء عضال يصيب الإنسان؛ ولذلك نهى الله رسوله صلى الله عليه وسلم عن الاتصاف بها، فقال: وَلا تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ [الأعراف:205]، فالغفلة المذمومة هي الغفلة عن العرض على الله عز وجل، وعن مراقبته ورؤيته، والغفلة عن شريعته وملته، والغفلة عن أوامره ونواهيه، والغفلة عن تدبيره لهذا الكون وعن آياته البينات، والغفلة عن مواعظه الدائمة التي هي تذكير للإنسان، والغفلة عن مشاهد القيامة وما يسبقها من الأشراط، والغفلة عن الموت، فهذه غفلات كلها مذمومة، وهي داء عضال يصيب الإنسان إذا تودع منه وقذره الله جل جلاله فإنه يشغله عن الله جل جلاله بأدنى الأشياء وأتفهها، فيتعلق بأدنى الأسباب كتعلق المشركين بما يشبه بناء العنكبوت كما وصف الله ذلك، مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت:41].

    فالذين يعرضون عن الله سبحانه وتعالى يسلطهم على أنفسهم فيكونون عبيداً لأخس العبيد وأرذلهم وأدناهم، لا يتعلقون إلا بأبخل الناس وأفقرهم وأقلهم إيماناً بالله تعالى، وأقلهم صلةً به، وأقلهم عقلاً وإدراكاً، فهم يعبدون أنفسهم لمن لا يملك لنفسه ولا لغيره حياةً ولا موتاً ولا نشوراً، قال تعالى: وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [الحج:73]، ولذلك قال ابن الجوزي رحمه الله: أشد الناس بلاءً: المحجوبون عن الله جل جلاله، وأشد المحجوبين بلاءً الذي لا يشعر بأنه محجوب، فالذي لا يشعر أنه محتاج لزيادة الإيمان، ولا يشعر أنه محتاج لزيادة العلاقة بالله، ولا يشعر أنه محتاج للتذلل للباري جل جلاله، ولا يشعر أنه محتاج لتعظيم الله في أوامره ونواهيه، ولا يشعر أنه محتاج لتعلم ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا غافل عن الله غفلةً قد أماتت قلبه فطبع عليه بطابع النفاق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088805082

    عدد مرات الحفظ

    779157111