بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
فإن الرب الكريم الذي خلقنا وأنعم علينا بأنواع النعم, وأرسل إلينا خير الرسل, وأنزل إلينا أفضل الكتب, وشرع لنا خير شرائع الدين؛ قد تعرف إلينا بحقوقه لنعرفها ونؤديها.
ومن حقوق ربنا عز وجل علينا: أن نخافه, فخوف الله سبحانه وتعالى من حقه, وهو واجب على كل مسلم ومسلمة, وهو من الأمور التي يتفاوت فيها الناس, فيجب على كل إنسان أن يراجع خوفه من الله سبحانه وتعالى, وأن يحرص على الازدياد من الخوف منه كلما تقدم به العمر.
وذلك أن للخوف أسباباً:
فمن أسباب الخوف: قدرة المخوف، فمن كان قادراً على إلحاق الأذى والضرر فهو يستحق أن يخاف منه, والرب جل جلاله هو الذي بيده السموات السبع والأرضون السبع, وقد قال جل جلاله: وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[الزمر:67], فهو الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه: إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ[فاطر:41].
وهو الذي يأمر بمن شاء فيسقط عن الصراط ويهوي على وجهه في النار, ويأمر بمن شاء فيجر على وجهه فيرمى في النار, ويأمر بمن شاء فيعذب في قبره, ويأمر بمن شاء فيعذب في الحياة الدنيا, ويأمر بمن شاء فيحجب عن الله تعالى ويصرف عنه, ويأمر بمن شاء فيقسو قلبه قسوة لا يلين بعدها أبداً, ويأمر بمن شاء فتسوء خاتمته ويموت على الكفر بعد أن تعب في الطاعة, ويأمر بمن شاء فيصاب بأنواع البلايا والمحن والأمراض في الحياة الدنيا, ويأمر بمن شاء فيصاب كذلك بالبلايا الأخروية وهي أعظم وأهم.
فمن كان قادراً على كل ذلك، ولا يمكن لأحد أن يتدخل له في تصاريفه ولا في شيء من أمره: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[يس:82], وقد قال جل جلاله في ذلك: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ[الأنبياء:23], فإنه جدير به أن يُخاف.
وكذلك من أسباب الخوف منه: عظمته وجلاله, فهذا الرب جل جلاله هو العظيم الكبير, وجميع خلائقه لا يساوون شيئاً من قدرته ولا من كبريائه وعظمته جل جلاله, ولذلك فـ ( إن السموات السبع والأرضين السبع يقبضهن يوم القيامة بيمينه فيهزهن ويقول: أنا الملك, أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ).
وهو جل جلاله الذي خلق هذا الكون بدقائقه وجلاله، فهو الذي خلق الذبابة والبعوضة, وهو الذي خلق السموات العلى, والعرش الذي عليه استوى, وهو بعظمته وجلاله قد ملأ الكون كله، فهذه السموات وظلالها تسجد لله خوفاً وطمعاً, والأرضون السبع تسجد لله جل جلاله, والجبال وظلالها تسجد لله جل جلاله خوفاً منه وتعظيماً لجلاله, ولذلك قال الله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ[الإسراء:44], وقال تعالى: وَللهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ[الرعد:15], وقال تعالى في سجود الخلائق كذلك له: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ[الحج:18].
وإذا أراد الإنسان أن يعرف عظمة الله وجلاله وكبرياءه فليتعرف على آثار قدرته في هذا الكون, ولينظر إلى ما هو مستعظم من عظيم خلقه، فإذا نظر الإنسان إلى شيء من هذه الدنيا فاستعظمه؛ فنظر إلى الجبال الراسيات, وإلى الأرض التي دحاها الله سبحانه وتعالى, وإلى السماء التي رفعها فسواها, وأغطش ليلها وأخرج ضحاها, ونظر كذلك إلى ما بثه فيها من أنواع الخلائق والدواب التي لا نحصيها, وإلى أنواع الخلائق من الإنس والجن والبهائم التي لا يعدها إلا الله سبحانه وتعالى, ونظر إلى أرزاقها وكيف قسمها الله جل جلاله بينها, ولم يشغله شأن عن شأن, ولا أحد عن أحد, لا تشغله بهيمة عن بهيمة, ولا سماء عن سماء، ولا أرض عن أرض, إذا أدرك الإنسان ذلك ثم أدرك إحاطته بكل هذا في لحظة واحدة, يرفع إليه أمر الليل قبل النهار، وأمر النهار قبل الليل، كما ثبت في صحيح مسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله قيوم لا ينام ولا ينبغي له أن ينام, يرفع القسط ويخفضه, يرفع إليه أمر الليل قبل النهار, وأمر النهار قبل الليل, حجابه النور), وفي رواية: (حجابه النار), وفي رواية: (قد احتجب بسبعين حجاباً, حجاب نور، وحجاب نار، وحجاب نور, وحجاب نار, لو كشف الحجاب عن وجهه لحظةً لأحرقت سبحات وجهه ما وصل إليه بصره من خلقه).
وأمر السموات والأرض يرفع إليه في اللحظات فيصل إليه بتفاصيله, وهذه الأرض الواسعة الشاسعة التي مكث عليه البشر حتى الآن آلاف السنين، ولم يكتشفوا إلا شيئاً يسيراً من حقائقها, كل يوم يكتشفون معادن جديدة, ويكتشفون فيها أنواعاً من الأرزاق والخلائق, والبحار وما فيها من أنواع الحيوانات التي في كل يوم يكتشف منها الجديد, وأنواع الحيوانات المنقرضة التي كانت موجودةً ثم بادت وانتهت, كالديناصورات وغيرها, وأنواع الخلائق التي هي في جوف الأرض، يحفر الإنسان الحفرة العميقة فيجد في وسطها دوداً لا يدري من أين يتنفس ولا من أين يأتيه رزقه, وهكذا كل هذا من تدبيره جل جلاله, والأعظم من ذلك أن السموات السبع والأرضين السبع كدراهم نثرتها في الكرسي, والكرسي في العرش كحلقة في فلاة, والله سبحانه وتعالى يحمل العرش وحامليه, وحملة العرش ثمانية: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ[الحاقة:17], وهم كالأوعال ما بين شحمة أذن أحدهم وظلفه مسيرة خمسمائة عام للحجر الصلب الهاوي. وكل ذلك لا يساوي شيئاً من عظمته وجلاله، فهو أسرع الحاسبين، وإن ربك لسريع الحساب.
كذلك السبب الثالث من أسباب الخوف منه جل جلاله: التفريط في جنبه, فما منا من أحد إلا وهو يتذكر كثيراً من المعاصي، وكثيراً من الأوهام, وكثيراً من الوساوس والظنون, وكثيراً من إساءة الظن بالرب جل جلاله.
فرطنا في جنب الله بالمعاصي, وفرطنا في جنب الله بالأيام والليالي والشهور والسنوات التي تمر ولم نعبده فيها, وفرطنا في جنب الله بعدم تقييد نعمه التي لا تحصى وقيدها شكرها, وفرطنا في جنب الله بالتقصير في تعلم ما أرسل به الرسل وأقام به الحجة, وفرطنا في جنب الله في ترك الطاعات التي دعانا إلى التنافس فيها, وشرع لنا المسارعة إليها, وقال: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ[البقرة:148], وقال: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ[آل عمران:133], وقال: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ[الحديد:21].
وفرطنا في جنب الله كذلك بكثير من الوساوس والأوهام, ففي كثير من الأحيان يفكر الإنسان فيما لم يبلغه من المعاصي وما لم يقدر عليه, وفي كثير من الأحيان يفكر كذلك تفكيراً لا يليق بجلال الله جل جلاله؛ بالتجسيم والأوهام وغير ذلك من الظنون.
وفرطنا في جنب الله فيما يتعلق بظن السوء به, فظن السوء هو أن نظن أن الله سبحانه وتعالى يهمل شيئاً من خلقه أو لم يقدره، فقد كتب كل شيء وكل ما هو كائن، ورفعت الأقلام, وجفت الصحف, وكل ذلك عنده في الصحف التي فوق عرشه لا يتغير شيء عما أراد: إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[النحل:40], إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[يس:82].
فهذا التفريط في جنب الله الذي نستشعره جميعاً, وما منا أحد إلا وقد نسي كثيراً من سيئاته وآثامه, ولا يتذكرها إلا عندما تعرض عليه صحائفه, عندما يؤتى به كما خلق حافياً عارياً أغرلاً، ليس معه شفيع, وليس بينه وبين أحد علاقة ولا نسب, وليس بينه وبين أحد وساطة، يأتي يجادل عن نفسه فلا يجد محامياً ولا مدافعاً: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ[النحل:111], وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا[مريم:95],كل ذلك يقتضي منا أن نتذكر تفريطنا في جنب الله, ويقتضي منا خشية الله وخوفه.
كذلك من أسباب خوف الله جل جلاله الذي هو من حقه, ومن أسباب إحداث هذا الخوف في النفس: تذكرنا بأيام الله, نتذكر الذين أهلكهم الله من الخلائق في الماضي, وأيامه المستقبلية أيضاً في الذين يعذبهم في ناره أو يعذبهم في البرزخ تحت الأرض.
إذا تذكرنا أيامه في الماضين الذين كفروا بنعمه ولم يرجو لله وقاراً, فتذكرنا كيف أهلك قوم نوح حين أمر السماء فانفطرت أبوابها بالماء المنهمر, وأمر الأرض فتفجرت عيوناً: فَالْتَقَى المَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ[القمر:12], فلم تبقَ منهم باقية, وغسل الأرض عن آثامهم وأوساخهم وأدرانهم فلم يبقَ إلا من ركب مع نوح في السفينة.
ثم بعد ذلك بعد ضلال البشر كيف أهلك الأمم الأخرى, كم جاء من بعد نوح من الرسل, وكم أهلك من الأمم؟ لنتذكر مثلاً عاداً الأولى الذين ضاقت عنهم الأرض لطول أجسامهم وكبرها, ومع ذلك أهلكوا بالريح العقيم التي سخرها الله عليهم ثمانية أيام حسوماً, فجعلهم كالنخل المنقعر, فماتوا موتة رجل واحد.
ولنتذكر كذلك ثمود الذين كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً آمنين, ومع ذلك أرسل الله عليهم الصيحة فشقت قلوبهم, فماتوا موتة رجل واحد.
ولنتذكر عذابه لقوم لوط الذين أرسل عليهم الحاصب؛ فحمل قريتهم حتى سمع أهل السماء أصوات كلابهم, ثم ردها على الأرض وأتبعها بـ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ[هود:82-83].
ولنتذكر ما أهلك به من قبلنا من الأمم، ونحن نرى ديارهم وآثارهم: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا[النمل:52], عبرة للمعتبرين, هذه أيام الله في الماضين, أنذر بها موسى فرعون، فذكره بها كما أمره الله بذلك: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ[إبراهيم:5], فذكره فلم ينتفع بالذكرى, عرف فرعون من أيام الله في الماضين مثل ما عرفنا الآن, ولكنه لم يعتبر ولم ينتفع بالذكرى, ولم يخف الله جل جلاله, بل اشتغل بالوساوس والأوهام فقال: يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ[غافر:36-37].
فبذلك أهلكه الله أيضاً بمصرع لم يخطر له على بال, رأى طريقاً في البحر يبساً يخرج منه بنو إسرائيل فلا تبتل ثيابهم, فأراد أن يسلكه, فلما توسطه أمر الله البحر فارتطم فلم تبقَ لجنوده باقية, ذهب هذا الملك وهذه الدولة الكبرى بين طرفة عين وانتباهتها, ولم يبقَ له أثر.
إن معرفتنا بأيام الله في الخالين الماضين هي درس وعبرة وموعظة بليغة, كذلك تذكرنا لأيامه المستقبلية؛ فإنه سيبس هذه الأرض بساً, ويرجها رجاً, وحينئذٍ تزلزل الأرض زلزالاً شديداً, وهو زلزالها الحقيقي, فما سواه من الزلازل يكون في بقعة محدودة, في مكان محدود, وبدرجات محدودة, لكن زلزال الأرض الشديد هو زلزلة الساعة: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا[الزلزلة:1-2], يخرج منها أثقالها, فما فيها من الأموات والجثث وما فيها من الكنوز والمعادن ينفض منها كنفض الجراب أي: كنفض الظرف بكل ما فيه, ثم بعد ذلك تزول جبالها فتكون كالعهن المنفوش, وتزول أوديتها فتستوي، ثم يأمرها الجبار فتشهد على الناس بكل ما عملوا على ظهرها, لا تنسى شيئاً من السابقين ولا من اللاحقين, تشهد على كل إنسان بتفكيره وببياته, وبما اجترحته يداه في نهاره, وبكل أعماله, وبالنظر إلى كلام الأرض أليس في ذلك عبرة للمعتبرين، أليس في ذلك موعظة بليغة، نحن الآن نسمع أصوات الرعد في السماء وقد تعودنا عليه ومع ذلك ما زلنا نخافه، والله تعالى يرينا البرق خوفاً وطمعاً، لكن لنتصور لو أننا سمعنا كلام الأرض وهي ترفع صوتها بالكلام، وتتشقق به بشهادتها على الخلائق، كيف سيكون خوفنا حينئذٍ؟ هذا الخوف نحن نؤمن به, ونؤمن به أنها ستتكلم بذلك: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا[الزلزلة:4-5]، فلماذا لا يحصل لنا هذا الخوف الآن، لماذا لا نخاف الله إذاً؟
كذلك أيامه بعد هذا في الذين يأمر بهم فيلقون في النار، فيعذبون بأنواع العذاب الذي لا يخطر على بال أحد، أودية طباق، فيها الجحيم الشديد الحر، وفيها الزمهرير الشديد البرد، وفيها أنواع الروائح المنتنة، وفيها ظل الدخان وهو ثلاث شعب متراكبة، وفيها الغسلين الذي يشربونه، والماء الحميم الذي إذا شربوه ذاب ما في أجوافهم، ثم يعود بعد ذلك، وحرها إذا لامس أبشارهم من بعيد تقشرت, وكلما نضجت أعيدت، وهذا مع تقويتها، فلا تظنوا أن هذه الأجسام ستبقى على هيئتها هذه، بل ستقوى وتضخم، فلمقعد أحدهم في النار كما بين مكة والمدينة، ولضرس أحدهم في النار كجبل أحد، وأقدامهم في السلاسل كالجبال السود المتراكمة، ومع كل هذه القوى فإنهم تحيط بهم النار من كل جانب، فيجدون الضيق الشديد منها، لا يتنفس أحدهم إلا من مثل خرم الإبرة من شدة الضيق، وتنفس بعضهم يؤذي بعضاً؛ لأنهم يقرنون في الأصفاد، فأحر ما يجده أحدهم هو تنفس قرينه الذي قرن به في رقبته وفي يديه وفي رجليه، يجد حرًّا شديداً من تنفسه: إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا * وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا * لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا[الفرقان:12-14].
وأبلغ ما فيها من الهوان: أنه لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، يمكثون ما مكثوا وهم يتضاغون ويصيحون: يا مالك نضجت منا الجلود، يا مالك أخرجنا منها فإنا لا نعود، فيقول: إنكم ماكثون بعد أربعين سنة من الانتظار، ولا يكلمهم الله كلام رحمة، وإنما يقول لهم: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ[المؤمنون:108]، هذا الملك أرحم الراحمين جل جلاله، الذي شملت رحمته في الدنيا أنواع الخلائق, حتى إن الدابة لترفع حافرها عن ولدها، لا ينالون حظًّا من رحمته؛ لما فرطوا في جنبه في الدنيا، هذه الرحمة الواسعة: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[الأعراف:156]، لا ينالون منها أي حظ، ولا أي نصيب, يخاطبون بهذا الخطاب: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ[المؤمنون:108]، نسأل الله السلامة والعافية.
كذلك من أسباب الخوف منه جل جلاله: اطلاعه على جزئيات أمورنا، فالرب جل جلاله أقرب إلينا من حبل الوريد، وما منا أحد تخطر في قلبه خطرة, ولا ينظر أية نظرة إلا وقد علمها الله جل جلاله، ولا يمكن أن يفكر أي تفكير إلا وهو معلوم لدى الله جل جلاله، فإذا عرفنا سعة علمه بنا، وأننا لا نستطيع أن نكتم عنه شيئاً من أمورنا، ولا نستطيع أن نريه من أنفسنا ما ليس صحيحاً، ولا نستطيع أن نخفي شيئاً من حقائقنا، وعرفنا إحاطة علمه جل جلاله بتفاصيل أمورنا جميعاً، فذلك مقتضٍ منا الحياء منه وخوفه، فإذا كنا نعلم أنه معنا حيثما كنا: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ[الحديد:4]، وكنا نعلم أنه يسمع نجوانا, ويعلم السر وأخفى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا[المجادلة:7]، فعلمه المحيط بنا يقتضي منا خوفه، لئلا يسخط علينا، فإنه إذا علم منا سوءاً في التفكير أو سوءاً في العمل أو سوءاً في سوء الأدب معه أو سوءاً في التقصير في عبادته وطاعته فإنه قادر علينا، ولا يمكن أن يحول أحد بيننا وبينه, كما قال في رسوله الكريم: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ[الحاقة:40-47]، لا أحد يستطيع أن يدفع شيئاً من أمره، ولا يرد بأساً من بأسه، فإذا عرفنا ذلك وعرفنا علمه بنا، فذلك مقتضٍ منا لزيادة خوفنا منه.
كذلك من أسباب خوفنا منه: تذكر أننا جميعاً ضيوف لديه في بيته وتحت سلطانه، بل كل ما نحن فيه من أمر هذه الحياة الدنيا بمثابة غرفة ضيقة مغلقة قد أحكم إغلاقها, ومفاتيحها عند الله سبحانه وتعالى فهو الذي بيده مفاتيح الفرج، فنحن جميعاً لا نتصرف إلا في إطار هذه الغرفة الضيقة التي قد أغلقها علينا، ليس لنا خروج عنها: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ[الرحمن:33-36].
فإذا كنا في ضيافته وفي هذه الغرفة التي أغلقها علينا، فكيف لا نخافه وسلطانه نافذ علينا، وأمره ماضٍ فينا.
إن تمام قدرته علينا مقتضية منا أن نخافه خوفاً شديداً، فليتذكر كل إنسان منا أنه الآن بالإمكان بين الكاف والنون أن يسحب منه إيمانه، وأن تزول مثلاً روحه، وأن يؤخذ سمعه وبصره، وأن تؤخذ قواه كلها، كل ذلك ليس كبيراً على الله، فإذا عرفنا كل ذلك اقتضى منا هذا خوفه.
كذلك من أسباب الخوف منه جل جلاله: معرفتنا كذلك لعدله، فهو جلال جلاله الحكم العدل: لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[يونس:44]، فإذا عرفنا عدله خفنا من بطشه وأخذه الوبيل؛ لعلمنا أننا مستحقون للعقوبة، فما منا أحد إلا وهو يعرف فيما بينه وبين الله كثيراً من التقصير، ولو عوقب به لحيل بينه وبين الطاعة, ولمنع من الإيمان، ولمنع من السجود, ولمنع من ذكر الله، لكن الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل، وقد سترنا بستره الجميل، وهذا الستر هو الذي جعلنا نتجالس, وينظر بعضنا إلى بعض, ويحدث بعضنا بعضاً، ولو رفع الله ستره الجميل عن أحد لما استطاع أحد أن ينظر إليه ولا أن يجالسه، نسأل الله ألا يرفع عنا ستره لا في الدنيا ولا في الآخرة!
كذلك من أسباب الخوف منه جل جلاله: أن علمنا بأن كل النعم التي لدينا منه، فالمحسن الذي يحسن بأنواع النعم, والذي يؤمل منه ويرجى المزيد في المستقبل, وهو قادر على انتزاع ما آتى؛ فكل ذلك يقتضي الخوف منه, فنحن الآن ما منا أحد إلا وله حوائج كثيرة يرجوها عند الله, نحن جميعاً نرجو أن ننجو على الصراط المدحضة المزلة, ونرجو جميعاً أن يبيض الله وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه, ونرجو جميعاً أن يجعل الله وجوهنا من الوجوه الناضرة الناظرة إلى وجه الله الكريم, ونرجو جميعاً أن نشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم شربةً هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً, ونرجو جميعاً دخول الجنة والنجاة من النار, ونرجو جميعاً كذلك طول عمر وحسن عمل في الحياة الدنيا, ونرجو جميعاً حسن الخاتمة, ونرجو إنارة القبر, وأن يكون روضةً من رياض الجنة, ونرجو صلاح الحال والمآل, ونرجو صلاح الذرية, ونرجو دوام العافية, فكل هذا الرجاء لا نرجوه إلا من الله وحده, فرجاؤنا لكل ذلك منه يقتضي خوفنا منه؛ لئلا يمنع عنا ذلك, فإنه قادر على منعه, وإذا منع شيئاً لا معطي له إلا هو: ( لا مانع لما أعطيت, ولا معطي لما منعت ), وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الأنعام:17], وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ[يونس:107], مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ[فاطر:2], قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلُونَ[الزمر:38].
إن هذا الخوف الذي هو حق من حقوق الله جل جلاله علينا له آثار بالغة علينا, فمن تحقق بخوف الله أعانه ذلك على ترك المعصية, وعلى الازدياد من الطاعة, وعلى فهم المعاملة مع الله سبحانه وتعالى, وعلى إحسان هذه المعاملة, واقتضى منه ذلك أيضاً استجابة الدعاء, واقتضى منه استغلال الوقت فيما ينفع, واقتضى منه حضور البال في العبادة كالخشوع في الصلاة وغير ذلك, كل هذا من آثار الخوف من الله.
فكل من كان من أهل الخوف من الله فلابد أن يكون من الخاشعين في الصلاة, ولابد أن يكون من الحاضرين عند الذكر والدعاء, ولابد أن يكون من المجابين عندما يدعون الله سبحانه وتعالى, ولابد أن يكون من المبطئين عن المعصية, المسرعين إلى الطاعة, ولا شك أن هذه مطالب كلنا يرغب فيها ويرجوها, ولا يمكن أن تتحقق إلا بالخوف من الله جل جلاله.
وهذا الخوف منه -كما ذكرنا- لابد أن نعلمه, فإذا علمنا عظمته وجلاله وعرفناه جل جلاله، فإننا نخافه حينئذٍ كما قال اله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[فاطر:28], والعلماء: هم العالمون بالله جل جلاله أي: العارفون به.
لابد أن نحرص جميعاً على زيادة الخوف من الله سبحانه وتعالى, وإذا رجعنا إلى بيوتنا وجاءنا الغرور, وجاءتنا النفس الأمارة بالسوء, ونظرنا إلى زخارف الدنيا وما يشتغل به أهلها منها، لابد أن نتذكر الله جل جلاله, وأن نعلم أن من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: من ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.
ولابد أن نتذكر كذلك: أن خوف الله ليس فقط عن وقت الموعظة أو عند رؤية الأموات ينقلون إلى الدار الآخرة, أو عند رؤية المصابين المبتلين بأنواع الأمراض والبلايا, وليس عند سماع القرآن فقط, وليس في رمضان أو في الحج فقط, خوف الله لابد أن يكون مقاماً من مقامات الإيمان ترسخ فيه القدم فلا تزل بعد ثبوتها.
ولا بد أن نحرص جميعاً على ذلك وأن نزيد منه, وإذا راجعنا أنفسنا في هذا الخوف فسنجد أنه يحتاج إلى فحص بصفة دورية, لابد أن نراجع أنفسنا عند النوم في كل ليلة: هل ما زلنا نخاف الله سبحانه وتعالى؟ هل غفلنا عنه في هذا اليوم؟ هل شغلتنا الشواغل عن شيء من واجباته؟ هل أوقعنا الشيطان في شيء مما نهى عنه؟ لابد أن نفحص أنفسنا دائماً, نفحص مستوى الخوف لدينا من الله جل جلاله.
قد حان الآن وقت حق من حقوقه, وهو وقت الصلاة, نقتصر على هذا الحد, ولكن نتواصى بجلستنا هذه بزيادة الخوف من الله, وبفحصه دائماً وتذكره, وبمراجعة هذه الأسباب التي ذكرناها, وتلخيصها:
أولاً: معرفته, أي: معرفة عظمته وجلاله وكبريائه وصفات كماله.
ثانياً: تذكر قدرته علينا.
ثالثاً: تذكر أيامه في الماضين وأيامه المستقبلية.
رابعاً: تذكر سعة علمه وإحاطته.
خامساً: تذكر قدرته النافذة في جميع الخلائق وتدبيره للكون.
إذا تذكرنا كل هذه الأمور وراجعناها دائماً، فسنبقى على اتصال به وخوف منه بصفة دائمة.
اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي, وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
اللهم إنا نسألك خشيتك في السر والعلانية, اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك, ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك, ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا, ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا, واجعله الوارث منا, واجعل ثأرنا على من ظلمنا, وانصرنا على من عادانا, ولا تجعل مصيبتنا في ديننا, ولا تجعل الدنيا أكبر همنا, ولا مبلغ علمنا, ولا تسلط علينا من لا يرحمنا, ولا تجعل إلى النار مصيرنا, واجعل الجنة هي دارنا.
اللهم املأ قلوبنا من الإيمان, وأجسادنا من الصحة, وجوارحنا من الطاعة, وأيدينا من الخير, وأغننا عمن أغنيته عنا من خلقك.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا, وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان, واجعلنا من الراشدين.
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة, وجميل العاقبة, وصلاح الذرية, والعون على الطاعة, والنجاة من النار.
اللهم إنا نسألك أن تنور وجوهنا وقلوبنا وقبورنا, اللهم بيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه, وآتنا كتبنا بأيماننا تلقاء وجوهنا, وجوزنا على الصراط كالبرق الخاطف, واسقنا من حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شربةً هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً, واحشرنا تحت لوائه, وابعثنا في زمرته, واسقنا من حوضه يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نسألك التمسك بالسنة عند فساد الأمة, اللهم أحيينا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمتنا على ملته يا أرحم الراحمين.
اللهم أصلح لما ما ظهر وما بطن، واسترنا بسترك الجميل, اللهم استرنا فوق الأرض، واسترنا تحت الأرض, واسترنا يوم العرض, اللهم إن الأمور مرجعها إليك فلا تفضحنا بين يديك, اللهم اجعل سريرتنا خيراً من علانيتنا, واجعل علانيتنا صالحة.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى, والعفاف والغنى, اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة, اللهم اختم بالصالحات أعمالنا, واختم بالحسنات آجالنا, واجعل خير أيامنا يوم نلقاك.
اللهم بارك على أهل هذا البيت, وأسبغ عليهم نعمك ظاهرةً وباطنة, اللهم كثر أموالهم وأولادهم, ووفقهم في الدين وعلمهم التأويل, وزدهم من فضلك يا أرحم الراحمين, اللهم أسبغ نعمك على جميع السامعين والسامعات والحاضرين والحاضرات, واقض ما في علمك من حوائجهم أجمعين.
اللهم إنك قلت فيما روى عنك رسولك صلى الله عليه وسلم: (يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر), اللهم هذه الأيدي التي قد رفعت إليك لا تردها إلا وقد قضيت ما في علمك من حوائج أصحابها أجمعين, اللهم إنا نسألك من فضلك, اللهم إنك قلت وقولك الحق: وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ[النساء:32], اللهم إنا نسألك من فضلك, اللهم ما قصرت عنه مسألتنا ولم تبلغه أفئدتنا من خيري الدنيا والآخرة فاجعل لنا منه أوفر حظ ونصيب.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ * وَسَلامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الصافات:180-182].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر