إسلام ويب

شرح لامية الأفعال [9]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المضارع مطلقاً سواءً كان ثلاثياً, أو رباعياً, أو خماسياً, أو سداسياً، يفتتح بأحد هذه الحروف التي هي النون, والهمزة, والتاء, والياء، وهذه الحروف تسمى: حروف المضارعة، وهي ليست من أصل الكلمة، وإنما تزاد في كل مضارع، وتختلف زيادتها باختلاف فاعل المضارع، فالهمزة إنما يفتتح بها المضارع إذا كان فاعله المتكلم المفرد، والنون للمتكلم إذا كان معه غيره أو كان هو عظيماً، أو كان معظماً نفسه، والتاء للمخاطب، أو الغائبتين، والياء للغائب، وهذه هي معاني هذه الحروف.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    فقال ابن مالك رحمه الله:

    ترمست كلتبت جلمطت وغلصم ثم م اولمس اهرمعت واعلنكس انتخلا

    واعلوط اعثوججت بيطرت سنبل زمـ ـلق اضممن تسلقى واجتنب خللا

    كذلك من أوزان المزيد فيه فَعْلَمَ كغلصم، بمعنى: ذبح فوق الغلصمة خلافاً لما تقدم، فقد تقدم أن (غلصم) فعلل، غلصم الشيء: أصاب غلصمته، وأنها على وزن (فعلل)، فتكون من المجرد لا من المزيد فيه، لكن ابن مالك هنا جعلها من المزيد فيه؛ لأنه جعلها من غَلَصَ، وجعل الميم زائدة، وللقاموس والصحاح, فقد جريا على ما ذكرناه من قبل من أنها مجردة لا مزيد فيها على وزن (فعلل)، كذلك (افْعَمَّلَ) كـ(ادْلَمَّسَ) ادْلَمَّسَ الليل بمعنى: اشتد ظلامه، فهي من دمس، وكذلك فَعَّلَ نحو: اهْرَمَّعَتِ الدموع، بمعنى: سالت، وكذلك (افْعَنْلَسَ)؛كـ(اعلنكس) الشعر, بمعنى: تراكم، ويقال: اعْلَنْكَكَ أيضاً، فهذه الأوزان كلها قال فيها: انْتُخِلَ، انتخل هذا؛ أي: انتقي من لغة العرب، وهذا يقتضي أنه لم يُرد الحصر في الأوزان، وإنما أراد أن يختار منها بعض الأمثلة للزيادة المتنوعة, تارةً تكون في الأول، وتارةً تكون في الوسط، وتارةً تكون في الآخر، وتارةً تجمع ذلك، وقصد رحمه الله هنا التنويع بأحرف الزيادة المتنوعة المختلفة.

    (واعلوط)، معناه: من أوزان المزيد فيه افْعَوَلَّ؛ كاعلوط، فرسه وغريمه, بمعنى: تعلق به ولَزِمَه.

    وكذلك من أوزان المزيد فيه افْعَوْلَلَ؛ كاعثوثجت، اعثوثجت الناقةْ بمعنى: ضخمت وأسرعت، والمشهور بينهم اعثوثجت بتقديم الثاء، فالرواية المشهورة في اللامية اعثوججت، والمشهور في لغة العرب اعثوثجت بثاءين، إما أن تكون بجيمين, وإما أن تكون بثاءين؛ ولذلك قال: المشهور بينهم اعثوثج بتكرير العين؛ أي: عين الكلمة.

    وكذلك من أوزان المزيد فيه (فَيْعَلَ) كـ(بيطرت), بمعنى: عالَجْتَ دَوابَّك، فالبيطرة: هي طب الحيوان البهيمي، فأنت مُبَيْطِرٌ هذا الوصف منها، ومنه قول النابغة الذبياني:

    شك الفريصةَ بالمدرى فأنفذها طعن المبيطر إذ يشفي من العضد

    (طعن المبيطر)؛ أي: صاحب علاج الحيوانات، وهي من البطر, بمعنى: الشق، وكذلك( فنعل)؛ كـ(سنبل الزرع)؛ بمعنى: أخرج سنابله، والأكثر على أن نونه أصلية, فيكون حينئذ على وزن فعلل، وكذلك من أوزان المزيد فيه فمعل كـ(زملق الفحل) بمعنى: أنزل قبل الإيلاج.

    وكذلك من أوزان المزيد فيه تفعْلَى كتسلْقَى، ولهذا قال: ( اضممن لتسلقى )، بمعنى: اضطجع على قفاه، ( واجتنب خللا )؛ أي: اعلم أن هذه الأوزان مما يسهل الغلط فيه؛ فلذلك اجتنب الخلل، اعلم أن الحرف الزائد هو الذي يؤتى بلفظه في الوزن، وأن معرفة الزائد من الأصلي من المواطن التي يسهل الغلط فيها؛ فلذلك قال: ( واجتنب خللا )، قال الحسن: وبقي تفعْلَب كتجلبب، بمعنى: لبس الجلباب، وتَفَوْعَل كتجورب, بمعنى: لبس الجورب، وتفعول؛ كترهوك في مشيته, بمعنى: تموج، وتفيعل؛ كتشيطن بمعنى: تشبه بالشيطان على أن نونه أصلية, قد اختلف فيه هل هو من شاط أو من شطن، ومنه: تدير بمعنى: استقر بالدار، لا تفعل، وتدير ليست من تفعل لشاهد القلب؛ لأنها لو كانت من تفعل لقيل: تدور، وإلا فوزنه تفعلل، (وإلا), معناه: لو كانت النون فيه غير أصلية وكان من شاط فوزنه (تفعلل)، فتكون حينئذ وزناً آخر من أوزان المزيد فيها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088571235

    عدد مرات الحفظ

    777395486