إسلام ويب

شرح أحاديث مختارة من كتاب التجريد الصريح [13]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم عصمهم الله تعالى من الخطأ في التبليغ عنه مطلقًا، فلا يمكن أن يبلغوا عنه خلاف الواقع الذي أرسلوا به، وهم كذلك معصومون من الذنوب والكبائر، فلا يمكن أن يقعوا في محرم، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، وكذلك المكروهات إلا ما وقعوا فيه من أجل التشريع، فإنهم قد يفعلون بعض الأفعال التي هي تخفيف على الناس، وهم كذلك معصومون من الإقرار على الخطأ في اجتهاداتهم، وقد يخطئون في الاجتهاد، لكن لا يقرون على الخطأ، وهل هم معصومون قبل بعثتهم هذا محل خلاف بين أهل العلم، وكثير منهم يرون عصمتهم مطلقًا.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    كنا في شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه في سلام النبي صلى الله عليه وسلم من ركعتين من إحدى صلاتي العشي، ووصلنا فيه إلى قول ذي اليدين: (أقصرت الصلاة أم نسيت؟) وذكرنا أن الناس صاروا ثلاثة أقسام: قسم سلموا ولم يتكلموا اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرنا منهم أبا بكر وعمر ومن معهما، وقسم سلموا وخرجوا من المسجد أصلًا، (خرج سرعان الناس)، وقسم تكلموا ومنهم ذو اليدين، وقد رأى بعض أهل العلم أن أبا بكر وعمر ومن معهما لم يسلموا أصلًا، وإنما بقوا على هيئتهم ينتظرون رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاته، ولكن من المستشكل أن يقع ذلك وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم من مصلاه، وخرج إلى الخشبة وجلس عندها.

    وذو اليدين هو: الخرباق السلمي، من بني سليم، وكان يلقب ذا اليدين لطولهما، فقال: ( يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال: لم أنس، ولم تقصر )، وهذا مخالف للواقع، لكنه غير مخالف للاعتقاد، فلا يكون كذبًا، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الكذب، فلا يمكن أن يقع منه كذب، وهذا الأمر- وهو نفيه لحصول أحد الأمرين- مناف للواقع، فقد نسي، وسلم من اثنتين، لكنه غير مخالف للاعتقاد، والكذب هو ما خالف الواقع والاعتقاد معًا؛ كأن الإنسان يعتقد شيئًا وهو الواقع فحدث بخلافه، فهو كاذب قطعًا، أما إذا كان الكلام يخالف الاعتقاد، ولكنه يوافق الواقع، فهو أيضًا صنف من الكذب؛ لأن الله كذب المنافقين حين قالوا: إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ [المنافقون:1]، فهذا موافق للواقع لكنه مخالف لاعتقادهم؛ فهم بذلك كاذبون وإن وافقوا الواقع.

    فإذًا الصور ثلاث: أن يخالف الكلام الواقع واعتقاد المتكلم معًا، فهذا الكذب الذي لا غبار عليه.

    والصورة الثانية: أن يخالف الاعتقاد ويوافق الواقع، كذب أيضًا؛ لأن الله كذب المنافقين قال: وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون:1]، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون:1].

    والصورة الثالثة: أن يطابق الاعتقاد ويخالف الواقع، فليست بكذب كما هنا.

    أما موافقته للاعتقاد والواقع معًا فهي الصدق، ويدخل في ذلك أيضًا هذه الصورة الثالثة وهي موافقته للاعتقاد، ولو كان مخالفًا للواقع.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089205995

    عدد مرات الحفظ

    782742352