إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الصلاة [38]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأحاديث المعلة في الصلاة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال للإمام: لا تسبقني بـ (ولا الضآلين)، وقال: آمين يمد بها صوته، وفي إسناده بشر بن رافع، وروي عن عبد الله بن عتاب العدوي أن أبا بكر وعمر كانا يقولان آمين بعد (ولا الضالين) ثم ينصتان، وقد تفرد به ابن لهيعة، وهو ضعيف الحديث، وأخرج الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: رب اغفر لي آمين. بعد قراءة الفاتحة، لكن هذا الحديث فيه علل متعددة.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فتكلمنا في المجلس السابق على شيء من الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالتأمين والجهر به، وأوردنا شيئاً من ذلك، ومن هذه الأحاديث المتعلقة بهذا الباب وهو أول حديث في هذا المجلس مما يتعلق بهذا الباب هو ما جاء عن أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى أنه كان مؤذناً لـمروان ، فقال أبو هريرة عليه رضوان الله لـمروان : لا تسبقني بـ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، حتى أدخل في الصف، فكان ينتظر أبا هريرة عليه رضوان الله، فإذا قال: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، قال: سمعنا أبا هريرة عليه رضوان الله يقول: آمين يمد بها صوته.

    هذا الحديث قد جاء عند البيهقي في كتابه السنن من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى وهو حديث موقوف على أبي هريرة ، وظاهر إسناده السلامة، ونحن إنما أوردنا هذا الحديث الموقوف والأثر الموقوف على أبي هريرة في هذا الباب لنبين وندلل على جملة من المسائل منها ما يتعلق في أبواب العلل، ومنها ما يتعلق في غيره، ما يتعلق بمسائل العلل أن هذا الحديث الموقوف على أبي هريرة عليه رضوان الله جاء موافقاً للحديث المرفوع عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مد الصوت بآمين بالنسبة للمأمومين، وذلك ما جاء عند أبي داود وكذلك ابن ماجه من حديث بشر بن رافع عن أبي عبد الله بن عم أبي هريرة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، قال: آمين، فيسمعها أهل الصف الأول وإن للمسجد للجة.

    تقدم الكلام معنا على هذا وذكرنا أن هذا الحديث فيه بشر بن رافع ، وقد تفرد بهذا الحديث عن أبي عبد الله بن عم أبي هريرة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، المراد إيراده هنا أن من قرائن الإعلال وكذلك من قرائن التقوية عند العلماء أن الراوي إذا روى حديثاً فوافقه فهذا قرينة على صحة المرفوع، وأن الراوي إذا خالف حديثه المرفوع فهذا قرينة على ضعفه.

    هنا أبو هريرة عليه رضوان الله وافق الحديث المرفوع، فالحديث الموقوف على أبي هريرة الذي قد أخرجه البيهقي وغيره أنه كان يقول: آمين يمد بها صوته خلف مروان، هذا موافق للحديث المرفوع السابق، هل هذا يقويه أو لا يقويه؟ نقول: موافقة الراوي لمرويه قرينة على قبوله، ومخالفة الراوي لمرويه هذا قرينة على رده ولكنها ليست دليلاً على ذلك، يعني: ليست أمراً قاطعاً في هذا الباب، وكيف تعرف القرينة أنها مقبولة أو ليست مقبولة في هذا الباب؟ نعرفها إذا كانت العلة يمكن دفعها بأن تكون من العلل اليسرة، وذلك كبعض روايات المستورين من جهالة الحال أو نحو ذلك، أو الضعف اليسير في بعض الرواة الذي لا يكون شديداً.

    هذا الحديث يرويه بشر بن رافع عن أبي عبد الله بن عم أبي هريرة عن أبي هريرة ، بشر بن رافع ضعفه جماعة من الأئمة، ضعفه الإمام أحمد ، و أبو حاتم ، و النسائي ، وقال البخاري : لا يتابع على حديثه، وهناك من العلماء من مال إلى تمشية أمره كـابن معين عليه رحمة الله فإنه قال في رواية أخرى: ليس به بأس، وكذلك ابن عدي في كتابه الكامل يقول: لم أر له حديثاً منكراً، يعني: أنه تفرد به يخالف غيره.

    وكذلك ما جاء عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة وهي العلة الثانية في هذا الحديث والذي يرويه عن أبي هريرة عادة العلماء عليهم رحمة الله أنهم يتسامحون في المجهول أو المستور الحال إذا كان من طبقة متقدمة الذي يروون عن كبار الصحابة عليهم رضوان الله أو عن متوسطيهم، أبو عبد الله هنا مجهول الحال عرفنا أنه ابن عم أبي هريرة وهو دوسي واختلف العلماء عليهم رحمة الله تعالى في اسمه، إذاً فهو معروف عيناً، وأما بالنسبة للحال فالجهالة حينئذ موجودة وعدم معرفة حاله ظاهرة، ولكن لقرابته لـأبي هريرة يحتمل أن يروي القريب عمن كان قريباً له ويتفرد بالرواية عنه، هذا يحتمل في العادة، وأما تفرد الأجنبي عن عالم وهو مستور فهذا موضع شك خاصةً أن مثل هذا الحديث المرفوع ليس موجوداً عند أصحاب أبي هريرة الذي رووه مرفوعاً، فلدينا موقوف وذلك الموقوف من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عليه رضوان الله وذلك موقوف، وأما ما يتعلق بهذا الحديث المرفوع فهو من حديث أبي عبد الله بن عم أبي هريرة عن أبي هريرة عليه رضوان الله.

    القرابات تختص بالروايات ما لا يختص بها غيرها كرواية الزوجة عن زوجها، أو الابن عن أبيه ولو كان الابن مستوراً، ولهذا العلماء يغتفرون في هذا الباب، العلماء يردون رواية المستور إذا لم يكن له صلة بشيخه وكلما علا الشيخ منزلةً فروى عنه الراوي من تلاميذه وكان مجهولاً كان ذلك أشد بالرد، وذلك أن هذا الإمام الكبير تروي عنه وأنت مجهول وهي رواية ينبغي أن تحمل هذا لا يقبل، وأين مثل هذه الرواية أن يحفظها غيره، لكن لو قيل: إن باب القرابة محتمل أن يختص بحديث ما لم يروه غيره، هذا بالنسبة لعلة رواية أبي عبد الله بن عم أبي هريرة .

    لكن بالنسبة لرواية بشر بن رافع النجراني وهو من أهل نجران وهو إمامهم في صلاتهم ومفتيهم كذلك، وإنما كلام العلماء عليه في روايته لا في ديانته، كلامهم في روايته.

    هنا لدينا اختصاص وينبغي أن نشير إلى هذا، أن مسألة اختصاص الراوي في بابه الذي يعتني به أن هذا قرينة على ضبطه لمرويه، فالقاضي الذي يروي حديثاً وهو ضعيف في حفظه يروي حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في أمور القضاء في الحدود والتعزيرات ونحو ذلك، هو أضبط له من غيره.

    وهنا لدينا اختصاص بشر بن رافع إمام الصلاة، والحديث في الصلاة وهو في آمين، فيحتمل الاختصاص، كذلك المؤذن إذا كان راو من الرواة مؤذن والحديث في أحكام الأذان، فهذه قرينة على ضبطه لمثل هذا المروي لأنه من اختصاصه يؤذن في اليوم خمس مرات، فهذا محتمل لضبطه بخلاف الراوي الذي ليس من أهل الاختصاص فيروي حديثاً في غير بابه وهو ضعيف في حفظه، ولهذا تجد أن صاحب الصنعة أعلم بصنعته من غيره، ويعتني بالأحاديث المروية في هذا الباب.

    لهذا نقول: إن هذه القرائن دليل على تقوية حديث أبي هريرة في رفع المأمومين صوتهم بالتأمين، وهذا ظاهر، ولهذا نقول: إن علة حديث أبي هريرة عليه رضوان الله المرفوع محتملة الدفع، وذلك لهذه الأحوال المكتنفة للرواة، كذلك موافقة الراوي لمرويه وهو الذي تقدم معنا وهو الأثر الأول في هذا الباب، وهو ما جاء عن أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى أنه كان مؤذناً لـمروان فقال: لا تسبقني بـ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، حتى أدخل في الصف، فكان يقول مروان : وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، قال: فنسمع قول أبي هريرة : آمين يمد بها صوته.

    إذاً أبو هريرة مأموم لأنه مؤذن، فإذا مد صوته دليل على أن المأموم يجهر بآمين، فدل هذا على مشروعية الجهر بآمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089440410

    عدد مرات الحفظ

    785063469