إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الصلاة [39]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ثبت في السنة أنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وجاء حديث آخر بزيادة: (في كل ركعة)، لكنه حديث منكر، تفرد به أبو سفيان السعدي، وأخرج أبو داود عن عبد الله بن عباس أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف فصل السورتين ببسم الله الرحمن الرحيم)، وأعل هذا الحديث بالإرسال، كما ورد حديث عن علي وغيره وفيه: (لا تدبح برأسك تدبيح الحمار وأنت راكع)، وهو حديث ضعيف.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فنكمل شيئاً مما يتعلق بأحاديث الصلاة التي تكلم عليها العلماء بشيء من الإعلال.

    وأول هذه الأحاديث: هو حديث أبي سعيد الخدري عليه رضوان الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد في كل ركعة فريضة أو نافلة )، هذا الحديث أخرجه ابن ماجه في كتابه السنن من حديث أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الحديث حديث منكر، والنكارة فيه في الرواية التي في إسناده وهي في قوله: ( أن يقرأ بالحمد في كل ركعة )، والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، هكذا جاء بإطلاق، وهذا الإطلاق نشأ عنه خلاف العلماء عليهم رحمة الله في هذا هل هي ركن في كل ركعة أو ركن في الصلاة كلها! فلو قرأها الإنسان في الركعة الأولى تحولت من ركن إلى مستحب أو واجب فيما يليها من الركعات.

    ومن قال بأنها واجبة في كل ركعة استدل بعموم الحديث بأن المراد بالصلاة: هي الركعة، فقد يصلي الإنسان مثلاً: ركعة واحدة كالوتر فتجب عليه فيها، وكذلك أيضاً فإن الركعة الثانية منفكة عن الأولى من جهة أركانها وواجباتها فيؤدي ما أوجب الله عز وجل عليه.

    ويستدلون كذلك أيضاً بهذه الرواية في قوله: ( في كل ركعة ، فريضة أو نافلة)، هذه الزيادة في قوله: ( في كل ركعة )، هي زيادة منكرة، والحديث بها منكر، وعلى ما تقدم أخرج الحديث ابن ماجه رحمه الله في كتابه السنن من حديث أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا قد جاء من وجه آخر عند أبي داود في كتابه السنن، وكذلك عند الإمام أحمد في كتابه المسند جاء من حديث قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، فذكرها ولم يذكر ( في كل ركعة )، وهذا هو الصواب في لفظ الحديث، وأما ذكر ( في كل ركعة )، فليست بمحفوظة.

    والذي تفرد بهذا الحديث هو أبو سفيان السعدي ويسمى طريف بن شهاب وقد ضعفه الأئمة عليهم رحمة الله، وضعفه يحيى بن معين و أبو حاتم وغيرهم من النقاد فهم على ضعفه، وقد تفرد بهذه الزيادة.

    كذلك أيضاً فإن الحديث معلول أيضاً بعلة أخرى: أنه معلول بالوقف، أن هذا الحديث معلول بالوقف، فتارةً يروى مرفوعاً وتارةً يروى موقوفاً، رواه قتادة و أبو سفيان السعدي كلاهما عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء في حديث قتادة قال: ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ القرآن أو نقرأ فاتحة الكتاب في الصلاة )، وهذا جاء عام، جاء الحديث موقوفاً على أبي سعيد الخدري خالفهما أبو مسلمة يرويه عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري موقوفاً عليه فلم يرفعه، رواه عن أبي مسلمة شعبة بن الحجاج ، يرويه شعبة بن الحجاج عن أبي مسلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري وجعل هذا الحديث موقوفاً عليه.

    واختلف فيه على شعبة بن الحجاج فتارةً يروى مرفوعاً، وتارةً يروى موقوفاً، أكثر أصحاب شعبة بن الحجاج يروونه موقوفاً عنه، إلا رواية عثمان بن عمر عن شعبة بن الحجاج فيجعله مرفوعاً يوافق فيه رواية أبي سفيان السعدي و قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري ، وهذا الحديث على ما تقدم أن ذكر ( في كل ركعة )، ليس بمحفوظ وهي منكرة، ولو قيل أيضاً بالحديث كله بغير هذه الزيادة فالحديث أيضاً معلول بالوقف، وقد وقع خلاف عند العلماء عليهم رحمة الله تعالى في هذا من جهة قبول الحديث.

    والعلماء عليهم رحمة الله عند الاختلاف بين الوقف والرفع فإنهم يميلون إلى ترجيح الوقف، فهم غالباً في طريقتهم أنهم يميلون إلى ترجيح الوقف، والسبب في ذلك هو الاحتياط أنهم يحتاطون في الرواية، فيقولون: إن قصره على الصحابي في هذا يقين، أما رفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام ظن، فيؤخذ باليقين ويترك الظن، وهذه قرينة يأخذونها في الأغلب ولكنهم لا يطردون فيها، وبهذا نعلم أن الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة الفاتحة في كل ركعة ضعيف، ويغني عنه ما جاء في العموم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، وعلى هذا نقول: إن الاستدلال بهذه الزيادة استدلال ليس بصحيح، والزيادة منكرة في ذاتها، والحديث أيضاً معلول بين الرفع والوقف.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3088793232

    عدد مرات الحفظ

    779081664