إسلام ويب

حائية ابن أبي داود [4]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • فضل الصحابة، وترتيبهم في الأفضلية كترتيبهم في الخلافة، وكلهم عدول، فلا يطعن في أحدهم ولا يتكلم فيهم، ولا ينبغي التشيع لأحدهم، ونؤمن بالقدر خيره وشره، وبما يكون بعد الموت والشفاعة حق للنبي صلى الله عليه وسلم لأمته ولعمه أبي طالب خاصة.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:

    [وقل إن خير الناس بعد محمد وزيراه قدماً ثم عثمان أرجح

    ورابعهم خير البرية بعدهم علي حليف الخير بالخير منجح ].

    تقدم الكلام على فضل الخلفاء الراشدين بالإجمال، وهنا يذكر المصنف عليه رحمة الله تعالى ترتيب الصحابة من جهة الفضل، وذكر أن أفضلهم هو أبو بكر وعمر، ولذلك هنا قيد الأفضلية بما بعد محمد صلى الله عليه وسلم من أمته، وذلك أنهم خير البرية بعد الأنبياء والمرسلين، ولذا قال: [ إن خير الناس بعد محمد وزيراه ] أي: أبو بكر وعمر، والوزير: هو ما يشد به الأزر، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام فضلهما في أحاديث كثيرة على غيرهما من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى، ولذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء والأرض، ووزيراي جبرائيل وميكائيل من أهل السماء، ومن أهل الأرض أبو بكر وعمر ) .

    وقد ثبت أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى كانوا يفضلون في زمن النبي عليه الصلاة والسلام أبا بكر وعمر على غيرهم من الصحابة، ولذلك يقول عبد الله بن عمر كما في الصحيح: كنا زمن النبي عليه الصلاة والسلام نفضل فنقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نمسك، وقد جاء ذلك من وجه آخر عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى عند ابن سعد وأبي نعيم في كتابه الحلية، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد ولا يقول شيئاً، وهذا يدل على فضلهما ومكانتهما؛ وذلك أنهما من السابقين الداخلين في الإسلام، وممن آزر النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته.

    فضل أبي بكر وعمر على غيرهم من الصحابة

    وهذا هو أصل عام: أن السابقين أفضل من اللاحقين، وكلهم في فضل الصحبة يشتركون، وأن الله عز وجل قد رضي عنهم ورضوا عنه، إلا أن أبا بكر وعمر قد اشتركا في مؤازرة النبي عليه الصلاة والسلام والسبق في الصحبة، فاستحقا الفضل والمزية على غيرهم من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى.

    وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام فضل أبي بكر وفضل عمر بن الخطاب عليهما رضوان الله تعالى صريحاً على غيرهم، كما جاء في الصحيح من حديث عائشة عليها رضوان الله تعالى: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل أي الناس أفضل أو أحب إليك؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: عائشة، قيل: من الرجال؟ قال: أبوها، قيل: ثم من؟ قال: عمر )، وهذا وصف في فضلهم على سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وقد تقدم أن منهج أهل السنة والجماعة في بيان الفضل- أي: فضل الصحابة- أن السابقين أفضل ممن جاء بعدهم، وأفضل السابقين أهل بيعة الشجرة، ثم من شهد الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفضلهم العشرة المبشرون بالجنة، وأفضل العشرة الخلفاء الراشدون الأربعة، وأفضلهم أبو بكر وعمر، وهذا الذي عليه أهل السنة والجماعة: أنهم لا يقدمون أحداً من الصحابة على أبي بكر وعمر، ومن قدم أحداً من الصحابة على أبي بكر وعمر فقد ضل وتزندق، ولذلك إذا كان هذا في حق الصحابة أن يقدم أحدهم على أبي بكر وعمر، فكيف بغيرهم من أولياء الله سبحانه وتعالى، فكيف بغيرهم من خلق الله عز وجل من يقدم الضالين وغيرهم على الصحابة، لا شك أن ذلك ضلال وزندقة.

    ولذلك يقول الإمام أحمد عليه رحمة الله: من قدم علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى على أبي بكر وعمر في الفضل لا في النسب، فهو رافضي زنديق، هذا فيمن قدم علي بن أبي طالب على أبي بكر وعمر، فكيف بمن قدم غير علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى ممن هو دونه في المنزلة، بل إن علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى هو بنفسه يقدم أبا بكر وعمر على نفسه، ولذلك قد جاء في الصحيح من حديث محمد بن الحنفية وهو: ابن علي بن أبي طالب أنه سأل علي بن أبي طالب عن أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أبو بكر، قيل: ثم ماذا؟ قال: عمر، قال: فخشيت أن يقول: عثمان، فقلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا واحد من المسلمين.

    فتقديم عثمان بن عفان على علي بن أبي طالب هو الذي عليه عامة أهل السنة، وذهب بعضهم وهم قلة من أهل السنة، وهذا ينسب لبعض السلف كـسفيان الثوري وغيره بتقديم علي بن أبي طالب على عثمان، ومن قدم علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى على عثمان فقد خالف.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089434375

    عدد مرات الحفظ

    785002039