إسلام ويب

أبواب الأحكامللشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من أخطر المناصب التي يمكن أن يتولاها المرء في حياته منصب القضاء، وقد كان السلف يدفعون عن أنفسهم هذا المنصب بالراحتين والصدر، وكان بعضهم لا يلي القضاء إلا مكرهاً، وقد بين أهل العلم أنه لا يتصدر للقضاء إلا من كان مالكاً لآلة الاجتهاد، وبهذا يكون مستحقاً للشهادة النبوية بنيل الأجرين عند إصابة الحكم، أو نيل أجر واحد عند الخطأ فيه.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    قال المصنف رحمه الله: [ أبواب الأحكام.

    باب ذكر القضاة.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا معلى بن منصور عن عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من جعل قاضياً بين الناس، فقد ذبح بغير سكين ) ].

    يعني: لشدة الأمر عليه, الذي يذبح بسكين يرتاح, بخلاف غيره الذي يذبح بغير سكين, فإن ذلك يكون شديداً عليه, كالذي يخنق أو يكتم أو يغرق أو يدفن أو غير ذلك.

    قال: [ حدثنا علي بن محمد ومحمد بن إسماعيل قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا إسرائيل عن عبد الأعلى عن بلال بن أبي موسى عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سأل القضاء وكل إلى نفسه، ومن جبر عليه نزل إليه ملك فسدده ) ].

    وهذا ليس في القضاء فحسب, بل في كل شيء, من سأل شيئاً من أمور الوجاهات والمناصب والوزارات وغيرها فإن الإنسان يوكل إليها؛ لأنه ما سألها إلا وهو معتمد على شيء من حذقه ودرايته ومعرفته وأهليته وخبرته وغير ذلك, ولهذا يظهر الضعف لضعف التوكل في القلب, وأما إذا عرضت عليه فإن الاتكال على ذلك معدوم, باعتبار أنه ما طلبها ولا تشوف ولا استحضر حذقه وأعجبته نفسه, وإنما عرض عليه فحينئذ يجب عليه أن يستعين بالله سبحانه وتعالى إن رأى المصلحة في ذلك.

    وأما إذا كان للأمة مصلحة في وجوده لفساد الناس, فإنه يتأكد في حقه بل يجب, كما سأل يوسف عليه السلام خزائن الأرض: قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [يوسف:55], وهذا يكون في وجود الضرر من بقاء أحد بعينه على ولاية, أن يطلب الإنسان تلك الولاية لإصلاح أمر الناس, وهذه أبواب ومضايق دقيقة جداً.

    قال: [ حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا يعلى وأبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي قال: ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله! تبعثني وأنا شاب أقضي بينهم، ولا أدري ما القضاء؟ قال: فضرب بيده في صدري ثم قال: اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه, قال: فما شككت بعد في قضاء بين اثنين ) ].

    وفي هذا أن العبرة في القضاء والولاية هو العلم والمعرفة, ولو كان شاباً غضاً, ما دام خبيراً عارفاً للنص, ومواضع التنزيل, فإن الأهلية في ذلك قائمة, كما ولى النبي عليه الصلاة والسلام علي وهو في أول شبابه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3088793157

    عدد مرات الحفظ

    779081028