إسلام ويب

أبواب السنة [4]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أن العلم أخصر الطرق إلى الجنة، وذلك لاستقامته، وبقدر جهل الإنسان يكون انحرافه في طريقه والبطء في مسيره، فلا يصل إلى الغاية كما يصل غيره ممن هو أعلم، وإذا أطلق العلم في كلام الله، وفي كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمراد به هو العلم الشرعي، وهو العلم بالوحيين كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم إن هذا العلم ليس له نصاب كالمال، وعليه فالزكاة في كثيره وقليله، وزكاته بتبليغه وبذله لينتفع به الناس.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    قال المصنف رحمه الله: [ باب في ذكر الخوارج.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن علي بن أبي طالب، قال: ( وذكر الخوارج فقال: فيهم رجل مخدج اليد، أو مودون اليد، أو مثدون اليد، ولولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، قلت: أنت سمعته من محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: إي ورب الكعبة، إي ورب الكعبة، إي ورب الكعبة، ثلاث مرات ).

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعبد الله بن عامر بن زرارة، قالا: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول الناس، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، فمن لقيهم فليقتلهم، فإن قتلهم أجر عند الله لمن قتلهم ) ].

    المدخل الذي دُخل منه الخوارج

    وذلك بسبب عدم تدبرهم، وإنما ظهر واشتهر وأصبح شراً مستطيراً ظهور الخوارج على أمة الإسلام، وقراءتهم للقرآن وعنايتهم بذلك، وإكثارهم من ذلك أكثر من غيرهم لأنهم لا يدركون معانيه ولا يتدبرون فيها؛ ولهذا ما من بدعة ظهرت في الأمة إلا وأصلها العجب، وأكثر الخوارج الذين يقرءون القرآن ويمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية أصولهم لا تعود إلى العرب، فلديهم إما عجمة ذاتية، أو عجمة موروثة، فيأخذون من القرآن ما يوافق أهواءهم، فخالفوا أمر الله جل وعلا في كثير من المواضع.

    قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، قال: ( قلت لـأبي سعيد الخدري: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الحرورية شيئاً؟ فقال: سمعته يذكر قوماً يتعبدون، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصومه مع صومهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، أخذ سهمه فنظر في نصله فلم ير شيئاً، فنظر في رصافه فلم ير شيئاً، فنظر في قدحه فلم ير شيئاً، فنظر في القذذ فتمارى هل يرى شيئاً أم لا ) ].

    الرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بهم

    ولهذا نقول: إن الإنسان ينبغي أن ينظر إلى الحق والدليل لا ينظر إلى ذات الإنسان من جهة عبادته، فلا أكثر تعبداً من الرهبان ولا من الأحبار، فينقطعون حتى لا يتزوجون، ينقطعون للآلهة، ومع ذلك هم أضل الناس، فهي عاملة في الدنيا، ناصبة في نار جهنم، ولهذا نقول: لا يغتر الإنسان بما يظهر من ورع الإنسان وعبادته وصلاته ونحو ذلك، وإنما ينظر إلى مقامه في السنة، ولهذا الإمام أحمد عليه رحمة الله يقول في بشر كما ذكر القاضي ابن أبي يعلى في الطبقات قال: لا يغركم تنكيسه لرأسه، وإنما انظروا إلى مقامه من السنة. لا ينظر إلى تدين الإنسان وتعبده حتى ينظر إلى مقامه من الأمر والنهي وتعظيم الوحي.

    قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن بعدي من أمتي -أو سيكون بعدي من أمتي- قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حلوقهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شرار الخلق والخليقة )، قال عبد الله بن الصامت: فذكرت ذلك لـرافع بن عمرو أخي الحكم بن عمرو الغفاري، فقال: وأنا أيضاً قد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وسويد بن سعيد، قالا: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليقرأن القرآن ناس من أمتي يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ).

    حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وهو يقسم التبر والغنائم، وهو في حجر بلال، فقال رجل: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل. فقال: ويلك ومن يعدل بعدي إذا لم أعدل؟ فقال عمر: دعني يا رسول الله حتى أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا في أصحاب أو أصيحاب له يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) ].

    الرغبة في الدنيا أساس كل بدعة

    وهذا فيه إشارة أيضاً إلى أن أهل البدع إنما يظهرون لأجل الدنيا، ولهذا قال للنبي عليه الصلاة والسلام: اعدل. لما أخذ النبي عليه الصلاة والسلام يقسم التبر من الذهب وبقية الغنائم، أراد العدل في ذلك، ولا شك أن هذا ضرب من ضروب التشكيك في رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا نقول: إن طوائف البدع من الخوارج وغيرهم إنما يظهرون لأجل الدنيا لا لأجل الدين، وإن وجدت شبهة فيطوعونها ثم تكون ديناً، ولهذا القاعدة: أنه ما من شبهة إلا ونشأت على شهوة، فأول بذرة الشبهات تنشأ بالشهوات، ثم تكون شبهة، ثم تصبح مذهباً متبوعاً، وهذه قاعدة، ولكن تتحول بعد ذلك عبر أجيال إلى عقيدة، ولكن أصلها وبذرتها شهوة، إما شهوة مالية، أو غريزة من الغرائز التي يجبل أو يفطر على اكتسابها الإنسان.

    قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسحاق الأزرق، عن الأعمش، عن ابن أبي أوفى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الخوارج كلاب النار ).

    حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا يحيى بن حمزة، قال: حدثنا الأوزاعي، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ينشأ نشء يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قطع )، قال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كلما خرج قرن قطع أكثر من عشرين مرة حتى يخرج في عراضهم الدجال ) ].

    وهذا فيه إشارة إلى أن الفرق الضالة تمرض، ولكن لا تموت، وتبقى وتتحول إما إلى أسماء أو تندمج مع غيرها، ثم تعود بعد ذلك.

    قال: [ حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يخرج قوم في آخر الزمان، أو في هذه الأمة يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم أو حلوقهم، سيماهم التحليق، إذا رأيتموهم أو إذا لقيتموهم فاقتلوهم ).

    حدثنا سهل بن أبي سهل، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي غالب، عن أبي أمامة رضي الله عنه يقول: ( شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء، وخير قتلى من قتلوا كلاب أهل النار، قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفاراً، قلت: يا أبا أمامة هذا شيء تقوله؟ قال: بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088794241

    عدد مرات الحفظ

    779085876