ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر في اليوم مئة مرة، وحري بنا ذلك، وأضعف وجوه الاستغفار أن يكون مع إصرار على المعصية، كما يستحب الدعاء على ألا يكون بمعصية ولا على النفس والمال والأهل، وأن يفتتح بالحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه الاستخارة عند الشك في الإقدام أو الإحجام على فعل ما لم يأمر به الشرع أو ينهى عنه.
وأضعف وجوه الاستغفار أن يكون مع إصرار، بل كان بعض السلف يجعل ذلك نوعاً من الاستهزاء، وذلك أن الإنسان إذا كان يقترف ذنباً وأثناء اقترافه يستغفر فهو مصر على ذلك الذنب ثم يريد أن يغفر له وهو يفعله، ولهذا نقول: إن الإصرار في ذلك داع على عدم إجابة ومغفرة الله سبحانه وتعالى لعبده.
هذا الحديث تفرد به محمد بن علي عن أبيه عن عبد الله بن عباس ومفاريده فيها نظر، والحديث لا يصح، لكن التحديث بفضائل الأعمال الأمر في هذا واسع.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الوارث، ح وحدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا إسماعيل -المعنى- عن عبد العزيز بن صهيب قال: ( سأل قتادةأنساً أي دعوة كان يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر؟ قال: كان أكثر دعوة يدعو بها: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار ).
وزاد زياد ( وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيها ).
في هذا أن الإنسان إذا أراد أن يوصي أحداً بخصيصته أن يأخذ بيديه كما أخذ النبي عليه الصلاة والسلام بيد معاذ، وذلك ليستحضر الذهن ويرعيه السمع ويحضر بقلبه بخلاف الكلام الذي يرسله الإنسان.
ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام أخذ بيد معاذ وقال له: ( إني لأحبك )، ثم حدثه بتلك الوصية، فهذه المقدمات ليعي ذلك الأمر.
والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة آكد من الصلاة في ليلتها، وقد جاء في بعض الأحاديث تفضيل الصلاة في ليلة الجمعة ولا تخلوا من مقال، والصلاة في يوم الجمعة أصح من الأحاديث الواردة في الصلاة في ليلتها.
باب النهي عن أن يدعو الإنسان على أهله وماله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن أن يدعو الإنسان على أهله وماله
وذلك لأنها أصدق وأخلص فلا يرجو منه شيئاً ولا يسمعه أحد، فهي بين العبد وبين ربه، ولهذا عظم دعاء الغائب عن دعاء الشهادة؛ لأن دعاء الشهادة قد يكون مصانعة أو محابات أو مجاملة فلا يخرج من قلب صادق، ولهذا عظم دعاء السر على غيره.
الاستخارة تكون مرة واحدة، ولا تكون في الأشياء المشروعة التي بين الشارع أمرها، فإنه لا يستخار فيها، فإن الله عز وجل قضى فيها، ولهذا يقول الله عز وجل: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36]، فإذا قضى الله عز وجل الأمر فلا يحتاج أن تستخير؛ لأن الله بين الخيرة لعباده فيه وقضى الأمر في ذلك، إلا إذا تردد بين مصلحتين شرعيتين متساويتين من جهة الحظ فيستخير في تقدير الله عز وجل له خيرهما، ولا يكرر الاستخارة وإنما يؤديها مرةً واحدة بحضور قلب وتضرع، فإنما يقدره الله عز وجل لعبده خير، وإن رأى من جهة نظره خلاف ذلك.