إسلام ويب

أبواب الهبات وأبواب الصدقاتللشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يجوز للوالد أن يهب ولده شيئاً من ماله شريطة العدل بينه وبين بقية إخوته في القيمة، كما يجوز للأب الرجوع في هبته إن بدا له ذلك ولا شيء عليه، وأما في غير الأب فقد حذر النبي من الرجوع في الهبة، وشبه فاعله بالكلب يرجع في قيئه، فمتى ما قبضت الهبة لم يجز للواهب الرجوع فيها.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    قال المصنف رحمه الله: [ أبواب الهبات.

    باب الرجل ينحل ولده.

    حدثنا أبو بشر بكر بن خلف قال: حدثنا يزيد بن زريع عن داود بن أبي هند عن الشعبي: ( عن النعمان بن بشير قال: انطلق به أبوه يحمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اشهد أني قد نحلت النعمان من مالي كذا وكذا قال: فكل بنيك نحلت مثل الذي نحلت النعمان؟ قال: لا، قال: فأشهد على هذا غيري. قال: أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟, قال: بلى. قال: فلا إذاً ) ].

    والهبة هي غير النفقة, فله أن ينفق ولو زادت النفقة بين الابنين وذلك لحاجة هذا دون الآخر, فحاجة الكبير في النفقة تختلف عن الصغير, وحاجة الأنثى تختلف عن الذكر, من جهة الكثرة والقلة في القيمة، ولهذا إذا زاد أحدهما عن الآخر فهذا جائز في باب النفقة.

    وأما في باب الهبة فلابد من التساوي, ولكن قيمة لا عيناً, فإذا أهدى للبنت ذهباً, فلا يهدي للابن ذهباً ملبوساً, وإنما بقيمته, وإذا أهدى للابن سيارة, فيهدي للبنت قيمتها, إما من الحلي أو شيء من هذا.

    قال: [ حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن و محمد بن النعمان بن بشير أخبراه: ( عن النعمان بن بشير أن أباه نحله غلاماً، وأنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهده، فقال: أكل ولدك نحلت؟ قال: لا. قال: فاردده ) ].

    وفي هذا إشارة من النبي عليه الصلاة والسلام أن سوء البر من الأبناء ينعكس على الآباء بسبب عدم عدلهم, ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء ), يعني: أنهم يتغيرون ويتفاوتون في البر بسببك أنت, من جهة تفضيل واحد على آخر, سواء كان في أمر العطية أو في غيره، ولهذا كان السلف يعدلون بين أبنائهم.

    ولهذا إبراهيم النخعي يقول كما روى المروزي في كتابه: البر والصلة، قال: كانوا يحبون أن يعدلوا بين أبنائهم حتى في القبل, يعني: يقبل هذا ثم يقبل الآخر.

    وقد جاء عن عمر بن عبد العزيز, وروي أيضاً في ذلك خبر مرفوع عن النبي عليه الصلاة والسلام, وفيه لين: ( أن رجلاً جاء فأجلس أحد أولاده على فخذه, فجاء الآخر فأجلسه على الأرض, قال النبي عليه الصلاة والسلام: أجلس هذا أو ضع هذا ), يعني: أجلسهما جميعاً على فخذيك, أو ضعهما جميعاً, وهذا من أمر العدل.

    وقد جاء عن بعض السلف كما جاء عن عمر بن عبد العزيز أنه كان إذا بات عند أحد أولاده يحمل فراشه كل ليلة عند أحد أبنائه, يبيت عند هذا ثم هذا ثم هذا, حتى يستوفيهم عدلاً، ولهذا جانب العدل دقيق جداً, وربما لا ينظر الإنسان إلى الهبة بمنظار الأولاد, فينظر إليها بمنظاره, والأولاد ربما يعطى قبلة هي من أبيه أعظم عنده من المال, ويجد في قلبه من تفويتها وتفضيل أخيه عليه, أعظم من تفويت المال بالنسبة للكبير.

    ولهذا نقول: إنه ينبغي أن ينظر إلى جانب الهدية والهبة إلى المهدى إليه, وأثرها عليه, من جهة نفسه, وهذا في كل الناس وليس في الأبناء فقط, حتى في سائر الناس, إذا كان الرجل رفيعاً لا تهد إليه شيئاً تافهاً, فإنه ربما يحمل في هذا شيء من الإزراء, وأما بالنسبة للمهدى إليه فينبغي بل يجب عليه أن يقبل أي هدية تصل إليه, ولو كانت ضعيفة, أو رخيصة، أو غير ذلك, ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لو أهدي إلي كراعاً لقبلت, ولو دعيت إلى كراع لأجبت ), يعني: أن الإنسان يقبل الهدية ممن جاءته ولو كان رفيعاً.

    لكن نقول: إن النظرة للهدية من جهتين, نظرة المهدي أن ينظر إلى من أهدى إليه, وبالنسبة للمهدى إليه أن يقبل ما جاءه, ولا يقوم ببخس الناس شيئاً لحظ نفسه, فإن هذا يخرج غالباً من المتكبرين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088789864

    عدد مرات الحفظ

    779056242