إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الصلاة [20]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لم يثبت في موضع البصر أثناء الصلاة شيء، وقد اختلف أهل العلم في استحباب النظر على أقوال: فقيل: إلى موضع السجود، وقيل: إلى القبلة، وقيل إلى الأدعى للخشوع دون تحديد وهو الراجح، أما الأحاديث الواردة في هذا الموضوع فلا تخلو من نكارة، خاصة أنه مما يتكرر ويفترض استفاضته، ومع هذا يتفرد به أمثال ليث بن أبي سليم، ومصعب بن عمير وهو قليل الحديث ولا يحتمل تفرده.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    فنكمل شيئاً من الأحاديث المعلولة في كتاب الصلاة.

    أول هذه الأحاديث: هو حديث أم سلمة عليها رضوان الله ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى لم يجاوز بصره موضع سجوده )، هذا الحديث قد رواه ابن ماجه في كتابه السنن، من حديث مصعب بن عبد الله المخزومي عن عمته أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث مما تفرد به مصعب بن عبد الله عن عمته.

    ومصعب بن عبد الله قليل الحديث، ومثله مما لا يحمل العلماء تفرده؛ وذلك لكونه في طبقة متأخرة من التابعين، كذلك أيضاً لقلة حديثه عليه رحمة الله عن أم سلمة عليها رضوان الله، ومثل هذا الحديث يحمله الكثير عن أم سلمة عليها رضوان الله، فلما تفرد به من مثل مصعب بن عبد الله عن أم سلمة كان مما يستنكر ويعل الحديث بتفرده برواية مصعب .

    ومن علامات إعلال هذا الحديث: أن هذا الحديث من المفاريد التي تفرد بها ابن ماجه على بقية أصحاب الكتب الستة.

    ومن قرائن الإعلال: أن الحديث إذا تفرد به ابن ماجه فهذا من قرائن الضعف والإعلال، وذلك أن مثل الأسانيد التي تدور عند ابن ماجه هي موضع إدراك ومعرفة عند الأئمة عليهم رحمة الله، وذلك سواءً كان البخاري أو الإمام مسلم رحمه الله ، أو أبو داود ، و الترمذي ، و النسائي فإنهما لا يوردان ما كان شديد الغرابة والمطروح عندهما، وقد يخرجان ما يخالفه غيرهما من العلماء، واختلف العلماء في إيراد أصحاب السنن الأربع للأحاديث الموضوعة، وهل فيها أحاديث موضوعة أم لا، هذا من مواضع الخلاف.

    أما في ابن ماجه فثمة أحاديث موضوعة وإن كانت ليست بكثيرة، أما بقية السنن كسنن الترمذي و أبي داود ، و النسائي فهم قد رووا عن بعض من اتهم بالكذب وهم قلة، أما أن يكون الحديث في ذاته موضوعاً ويجزم بذلك فهذا لا يكاد يوجد في سنن أبي داود وكذلك الترمذي و النسائي ، أما في ابن ماجه فإنه يوجد مع عدم كثرته على ما تقدم.

    ثم أيضاً إن هذه المسألة وهي مسألة النظر إلى موضع السجود في الصلاة لم يخرج البخاري و مسلم في هذا الباب شيئاً في صلاة الإنسان، وهذا من القرائن التي يعل بها الحديث، وذلك أن البخاري و مسلم لا يكادان يتركان حديثاً في مسألة من المسائل الظاهرة مما يحتاج إليه الإنسان المصلي في كل صلاته فريضةً أو نافلة إلا وقد أخرجا في ذلك حديثاً، وما كان على غير شرطهما فإنهما لا يخرجانه، مما يدل على أن الأحاديث التي في الباب في وضع البصر في الصلاة أنها على غير شرطهما.

    وأيضاً يظهر أن البخاري رحمه الله يعل هذا الحديث، وقد ترجم في كتابه الصحيح فقال: باب النظر إلى الإمام في الصلاة، وهذا يخالف معنى الحديث الذي جاء في وضع المصلي بصره في موضع سجوده، ومراده في نظر المصلي إلى الإمام في الصلاة أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى كانوا يرمقون صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصفونها، ولو كانوا ينظرون إلى مواضع سجودهم لما عرفوا حال النبي في صلاته، فهم يعلمون حال النبي عليه الصلاة والسلام بمعرفة قراءته باضطراب لحيته عليه الصلاة والسلام، وهذا لا يمكن أن يكون من الإنسان إلا في حال التأمل.

    ولهذا ذهب بعض الفقهاء إلى أن الإنسان ينظر إلى قبلته، وهذا قول الإمام مالك رحمه الله، خلافاً لقول جمهور الفقهاء من الشافعية والحنفية والحنابلة، إلى أن الإنسان ينظر إلى موضع سجوده، وهذه المسألة أيضاً من مواضع الخلاف عند الفقهاء من السلف، وإن كان أكثرهم يرى أن النظر إلى موضع السجود هو الأولى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088932456

    عدد مرات الحفظ

    779975720