إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الصلاة [50]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأحاديث التي تكلم العلماء فيها ما ورد أن النبي لم يصل قبل العيد شيئاً فلما رجع إلى بيته صلى ركعتين، فقد ضعف العلماء هذا الحديث؛ لتفرد عبد الله بن محمد بن عقيل به وهو ضعيف عند الأئمة ولأنه وردت أعمال دون هذه الركعتين في التشريع ومع ذلك جاءت بأسانيد أقوى من سند الركعتين ومن ذلك مخالفته الطريق، وأكل التمرات قبل الذهاب إلى الصلاة وغير ذلك، فكان الأولى أن تكون أسانيد الركعتين أقوى.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    ففي هذا المجلس في التاسع من ربيع الآخر من عام خمس وثلاثين وأربعمائة وألف نتكلم بإذن الله عز وجل على شيء من الأحكام المتعلقة بأحكام صلاة العيدين، وتكلمنا في المجلسين السابقين على شيء منها.

    ومن هذه الأحاديث المتعلقة بالباب: حديث عبد الله بن السائب : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العيد بأصحابه ثم قام فقال: إنا صلينا العيد فمن شاء أن يشهد الخطبة فليجلس، ومن شاء أن ينصرف فلينصرف ).

    هذا الحديث أخرجه أبو داود و النسائي و ابن ماجه وغيرهم من حديث ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن السائب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الحديث منكر، وقع الخطأ والوهم فيه من الفضل بن موسى وقد تفرد به وجعله موصولاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصواب في هذا الحديث الإرسال، وذلك أنه يرويه الثقات عن ابن جريج عن عطاء مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوهم في ذلك كما تقدم من الفضل بن موسى عند عامة النقاد، وهذا الحديث مسنداً له وجهان:

    الوجه الأول: ما رواه الفضل بن موسى بهذا الوجه من حديث ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن السائب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسنداً هكذا.

    والوجه الثاني: جعل من مسند عبد الله بن عباس رواه بشر بن عبد الوهاب عن وكيع بن الجراح عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فجعله من مسند عبد الله بن عباس ، وهو وهم في الوجهين، فلا يثبت مسنداً متصلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصواب في ذلك الإرسال، هكذا يرويه الثقات عن سفيان، فيرويه الثقات كحال قبيصة عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وبهذا جزم الأئمة عليهم رحمة الله كـابن معين، حيث يقول ابن معين رحمه الله: أخطأ فيه الفضل بن موسى ، والصواب فيه أنه عن ابن جريج عن عطاء مرسلاً، وبهذا الوهم قال الأئمة كالإمام أحمد رحمه الله وقال بذلك أبو زرعة و أبو حاتم و النسائي وغيرهم وأن هذا الحديث لا يثبت مسنداً عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأما ما يتعلق في هذا الحديث من أحكام فهي أن هذا الحديث فيه إشارة إلى أن خطبة العيدين لا يجب شهودها، وأن من لغا فيها فلا أثر للغوه فيها على صلاته، بخلاف خطبة الجمعة فإن من لغا في الخطبة فإن ذلك يؤثر على صلاته، أما صلاة العيد فإن الإنسان إذا لغا في خطبة الإمام فإنه لا أثر في ذلك على صلاته.

    وفي هذا أن شهود الخطبة ليس بواجب في العيدين بخلاف يوم الجمعة، وهذا الفقه هو محل اتفاق عند العلماء إلا فيما يتعلق بمسألة اللغو، فقد اتفق العلماء عليهم رحمة الله على أن شهود خطبة العيدين لا يجب، وإنما وقع خلاف عند الفقهاء فيمن شهدها هل يجب عليه الإنصات، ومن لم ينصت هل يعد واجباً عليه الإنصات فيأثم عند لغوه ويؤثر ذلك على صلاته باعتبار أن شهوده ذلك يحرم عليه أن يقع في شيء من اللغو وذلك بالكلام حتى لا يشوش على الناس، وأما أصل ذهابه فجائز، وهذا فرع عن مسألة يذكرها الفقهاء وهي: أنه قد يبنى على مسألة من المسائل المستحبة أمر واجب وذلك بعد انعقادها، وهذا في كلام بعض الفقهاء كحال صلاة الإنسان النافلة فإذا كبر فيها تكبيرة الإحرام فقد قال بعض الفقهاء: إنه يجب عليه أن يتمها؛ لأنه شرع فيها فإذا شرع في شيء فليس له أن ينقضه إلا بوجه مشروع، والوجه المشروع في هذا هو التسليم.

    ولهذا بعض الفقهاء يقول: إن شهود خطبة العيد سنة ولكن من شهدها وجب عليه أن يلتزم كحال التزامه في خطبة الجمعة، وإذا أراد أن يلغوا فيخرج ويلغوا ويتكلم كما شاء ولا حرج عليه في ذلك ولا أثر على صلاته.

    وهذا الحديث في أن النبي عليه الصلاة والسلام ( قام في الناس وقال: من أراد أن يشهد الخطبة فليجلس )، في هذا إشارة إلى التخيير، ولكن نقول: إن هذا لا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، فلم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه خير أحداً بالجلوس وعدمه على حد سوى ولكن عمل الصحابة عليهم رضوان الله تعالى محل اتفاق، وكذلك من جهة خروجهم في حال سماع الخطبة أو جلوسهم وأن هذا على التخيير هذا محل اتفاق ولا خلاف عندهم في ذلك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088789957

    عدد مرات الحفظ

    779057258