إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الطهارة [9]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأحاديث المعلة في كتاب الطهارة حديث النهي عن التحدث عند قضاء الحاجة، وقد أعل بعدة علل منها جهالة عياض بن هلال واضطراب رواية عمار بن عكرمة عن يحيى بن أبي كثير، وكذا الاختلاف الواقع على يحيى في هذا الحديث. وكذلك حديث: (إذا بال أحدكم فلينتر ذكره)، وحديث: (لا تبل قائماً) لتفرد عبد الكريم بن أبي المخارق به عن نافع، وبهذا نعلم أنه لا يثبت حديث مرفوع في النهي عن البول قائماً، لكن مجموع الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في التنزه عن البول وأنه كان يرتاد لبوله موضعاً يدل على هذا.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :

    فنكمل بعض الأحاديث الواردة في الطهارة وهي معلولة، الحديث الأول من درس هذا اليوم هو حديث أبي سعيد الخدري : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يضرب الرجلان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان، فإن الله يمقت على ذلك ).

    هذا الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود و النسائي وغيرهم، من حديث عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الحديث معلول بعلل عدة:

    العلة الأولى: هلال بن عياض فإنه مجهول ولا يعرف، وقد جاء في بعض الروايات: هلال بن عياض وفي بعضها عياض بن هلال والصواب في ذلك: عياض بن هلال ، وقد صوب ذلك ورجحه غير واحد من الأئمة كالإمام البخاري ، فقد سماه بذلك في كتابه التاريخ، وكذلك ابن أبي حاتم والخطيب البغدادي وجزم بهذا ابن حبان ووهم غيره، وكذلك ابن خزيمة في كتابه الصحيح، ومنهم من حمل الوهم في هذا على عكرمة بن عمار ، قالوا: وذلك أن روايته عن يحيى بن أبي كثير فيها اضطراب فوهم ولم يضبط ذلك، وقد نص على هذا ابن خزيمة عليه رحمة الله .

    والذي يظهر والله أعلم أن الوهم ليس من عكرمة بن عمار ، وذلك من وجوه:

    الوجه الأول: أن الحديث قد جاء من غير طريق عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير ، وورد فيه الاسم على الوجهين، فجاء من حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير ، وجاء أيضاً من حديث أبان بن يزيد العطار عن يحيى بن أبي كثير ، ورواه الأوزاعي على الوجهين بـهلال بن عياض و عياض بن هلال .

    الأمر الثاني: أن لـهلال بن عياض أحاديث أخر غير هذا الحديث، من غير طريق عكرمة بن عمار ، وقد جاء فيها اختلاف اسمه، فتارةً يقال: هلال بن عياض وتارةً يقال: عياض بن هلال ، وهو رجل مجهول، وأما قول الحاكم عليه رحمة الله في كتابه المستدرك: إن هلال بن عياض شيخ مدني مشهور من أهل المدينة، فالذي يظهر والله أعلم أن في هذا نظراً، فـالحاكم ليس كغيره من الأئمة العارفين بأهل المدينة، و هلال بن عياض أو عياض بن هلال ليس من المشهورين، ولهذا لم يرو عنه الكبار من أهل المدينة .

    كذلك فإن من وقع فيه الشك في اسمه وكنيته من الرواة لا يكون معروفاً في الغالب، والغالب من قلب اسمه أو روي على وجهين أنه يكون على الأقل منضبط من جهة الكنية، وأما من لم تعرف له كنية واسمه لم يضبط ثم يكون مشهوراً فهذا لا يستقر.

    العلة الثانية: رواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير لهذا الحديث، و عكرمة بن عمار في روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، وقد نص على ضعفها غير واحد من العلماء كالإمام أحمد والبخاري و أبي حاتم و الدارقطني وغيرهم، وذلك أن عكرمة بن عمار لم يضبط أحاديث يحيى بن أبي كثير ، وهذا الحديث من هذا الطريق قد وقع فيه اختلاف، ولهذا جاء على وجوه عدة من طريق عكرمة بن عمار كما يأتي بيانه أيضاً، فقد وقع فيه اختلاف في رواية يحيى بن أبي كثير له.

    العلة الثالثة: أنه قد وقع في إسناده اختلاف على يحيى بن أبي كثير ، والاختلاف في ذلك على ما يلي:

    أولاً: رواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض عن أبي سعيد الخدري ، وهذه الرواية الأولى، وقد رواه عن عكرمة بن عمار جماعة، فرواه عبد الرحمن بن مهدي و عبد الملك بن الصباح و إسماعيل بن سنان و سلم بن إبراهيم و عبد الله بن رجاء كلهم عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخولف فيه أولئك فرواه عبيد بن عقيل عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقع فيه وهم وغلط، فغلط في إسناده، والعلة في ذلك ظاهرة تقدمت الإشارة إليها، فالطريق الأولى رواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض عن أبي سعيد ، وهذه رواية عبيد بن عقيل يرويه عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة .

    وهي طريق مشهور فقد سلك الجادة، وسلوك الجادة عند المخالفة علة، يعني: يدل على أن الإنسان سها، ورواية يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مشهورة، ولهذا غلط فيها عبيد بن عقيل ، وبهذا يقال: إن روايته هذه شاذة.

    الطريق الثانية في غير رواية عكرمة بن عمار : ما رواه أبان بن يزيد العطار عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعله من حديث أبي قتادة ، وهذه الطريق وهم وغلط أيضاً، وقد جاء عن أبان بن يزيد العطار عن يحيى طريق أخرى يأتي الكلام عليها بإذن الله .

    الطريق الثالثة في هذا: هي طريق الأوزاعي واختلف فيها على الأوزاعي على وجهين :

    الوجه الأول: رواية مسكين بن بكير عن الأوزاعي عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعله من مسند جابر بن عبد الله ، وهذه الرواية وهم وغلط .

    الوجه الثاني عن الأوزاعي : يرويها الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الرواية هي أصح الوجوه، وذلك لأسباب:

    السبب الأول: أن رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعي إذا صرح بالسماع رواية متينة، وقد تابعه على ذلك أبان بن يزيد العطار عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً، ورواية أبان بن يزيد العطار عن يحيى بن أبي كثير أقوى الروايات، وعلى هذا فيقال: إن أصح الروايات في ذلك هي رواية الإرسال، وقد صوب الإرسال في ذلك غير واحد من الحفاظ كـأبي حاتم الرازي، وصوب الدارقطني عليه رحمة الله كما في كتابه العلل رواية هلال بن عياض عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فنقول: إن الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصواب في ذلك الإرسال وهو ضعيف .

    وأما بالنسبة لمسألة الكلام عند قضاء الحاجة فثمة أحاديث أخر في مسألة رد السلام وذكر الله، وأما مجرد الكلام العام فجاء فيه هذا الحديث، وهو معلول بالإرسال.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088786384

    عدد مرات الحفظ

    779037956