إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الطهارة [25]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أعل العلماء حديث قيس بن عاصم: (أنه أسلم فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل)؛ لوقوع الاختلاف في سنده على وجهين، وكلا الوجهين منكر؛ لجهالة في أحدهما وعدم السماع في الآخر. وكذلك حديث أمر ثمامة بن أثال بالاغتسال عند دخوله في الإسلام، وقد وردت القصة في الصحيح ولم يذكر فيها الأمر بالاغتسال، ومن ذلك حديث عائشة: (الغسل من أربع: من الجنابة والحجامة وغسل الميت وغسل يوم الجمعة)، فهو منكر إسناداً ومتناً، ومن مفاريد مصعب بن شيبة الذي يروي المناكير.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فأول أحاديث هذا اليوم هو حديث قيس بن عاصم: ( أنه أسلم فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل )، هذا الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم من حديث سفيان عن الأغر بن الصباح عن خليفة بن حصين بن قيس بن عاصم عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الحديث قد وقع فيه اختلاف على سفيان الثوري، وذلك أنه قد رواه جماعة عن سفيان، رواه عبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح ومحمد بن كثير العبدي وأبو عاصم وغيرهم، كلهم عن سفيان بهذا يعني من حديث قيس بن عاصم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرويه عنه خليفة بن حصين عن جده، ولم يذكر في ذلك الواسطة.

    واختلف في هذا على وكيع بن الجراح في روايته عن سفيان، فرواه وكيع بن الجراح كما عند الإمام أحمد في كتابه المسند، فرواه عن سفيان به، وجعله من حديث خليفة بن حصين عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والاختلاف بين الإسناد الثاني والإسناد الأول أن الأول كان من حديث خليفة بن حصين عن جده، والثاني من حديث خليفة بن حصين عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أباه، وذكر أبيه هنا في هذا الحديث منكر، والصواب أنه عن جده، وهذا الذي يميل إلى ترجيحه جماعة، وهو الذي عليه سائر الرواة في رواية هذا الحديث عن سفيان الثوري .

    وإن كان قد توبع وكيع على روايته هذه كما جاء في حديث عقبة بن قبيصة عند الطبراني فقد رواه عن سفيان عن الأغر بن الصباح عن خليفة بن حصين عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه المتابعة فيها نظر، وذكر أبيه هنا كما تقدم فيه نظر، والصواب في ذلك أنه عن جده.

    وهذا الحديث بكلا الوجهين منكر، أولاً بالنسبة للوجه الأول وهو روايته عن جده فإن خليفة بن حصين لم يسمع من جده قيس بن عاصم، وقيس بن عاصم صحابي جليل، وخليفة بن حصين ليس له سماع منه، كما نص على ذلك غير واحد من الحفاظ.

    أما بالنسبة للطريق الأخرى وهي رواية خليفة بن حصين عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فـأبو خليفة وهو حصين بن قيس بن عاصم مجهول لا يعرف، وحديثه هذا تفرد به خليفة بن حصين، وإن كان خليفة بن حصين ممن يحتج به إلا أن تفرده بهذه الرواية عن أبيه أو عن جده مما يدل على أن في هذا الحديث نظر، وهذا الحكم مما يحتاج إليه، ومعنى الحاجة إليه فإن الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جلهم كانوا على كفر ثم دخلوا الإسلام، وأما من ولد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بلغ فهؤلاء عددهم قليل بالنسبة لمن أسلم معه، وهذا معلوم، ولما لم ينقل ذلك دل على عدم ثبوته.

    ومعلوم أن الإنسان في حال تحوله من شيء إلى شيء فإنه يحفظ أول ما يؤمر به، وما يتوجه إليه الخطاب، بخلاف ما كان بعد ذلك، وهذه أمور تدرك بالنظر، فإن الإنسان إذا تحول من إسلام إلى كفر وأُمر بأشياء فإنه يضبط الأول بخلاف الأوسط مما يؤمر به بعد سنة أو سنتين، وبخلاف الإنسان مثلاً إذا كان ما يؤمر به في آخر عهده ونحو ذلك فالنفوس في هذا تفتر، وهذا أمر معلوم، ولما لم ينقل دل ذلك على نكارته وعدم ثبوته.

    وقد جاء في ذلك أيضاً جملة من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعني في اغتسال الكافر بعد إسلامه على سبيل الوجوب، ويأتي الكلام عليها.

    ومما يدل على نكارة هذا الحديث وهو حديث قيس بن عاصم أن هذا الحديث قد تنكب إخراجه البخاري ومسلم، والبخاري ومسلم هما من أئمة الرواية والدراية، وقد قصدا إخراج ما تمس الحاجة إليه من أصول الإسلام، ومعلوم أن ما كان شرطاً لعبادة معلومة من دين الإسلام بالضرورة فإن ذلك الشرط يكون مما يجب أن يعلم من دين الإسلام بالضرورة، وما كان في أركان الإسلام الخمسة كالصلاة فإن الشروط إليها المجمع عليها يجب أن تكون واردة بطرق متواترة، ونواقض هذه الشروط يجب أن تعلم على ذلك النحو.

    والعلماء لا يفرقون بين الوسيلة والغاية وما كان من الأصول الكلية، فالذي يجحد الوضوء كمن جحد الصلاة، وليس لأحد أن يقول: إني أؤمن بالصلوات الخمس بأركانها وواجباتها، ولكني لا أوجب الوضوء لها فهذا لا يقبل منه ذلك، بل يقال: إنك مرتد ولو أقررت بالصلوات الخمس؛ لأن الصلاة لا تصح إلا بطهارة، فمن نفى الطهارة فإنه نفى الصلاة ضرورة، وهذا أمر محل اتفاق عند العلماء فيه.

    ولهذا نقول: إن المواضع التي وقع فيها خلاف عند العلماء إنما وهن القول بها في وجوب الوضوء باعتبار دنو الأحاديث عن الوصول إلى درجة الأصل، والعلماء من جهة ثبوت أمثال النواقض ونحو ذلك للوضوء ينظرون إليها من جهة درجة الأحاديث الواردة في ثبوت الوضوء، يقولون: لابد أن تقترن من جهة القوة أو تقاربها حتى تكون على درجة في الصحة.

    كذلك أيضاً بالنسبة للطهارة بالصلاة، فالصلاة قد ثبتت بأحاديث متواترة وجب أن يكون الوضوء قد ثبت بالتواتر، وهكذا، وأن تكون الشروط أيضاً والنواقض التي يصح فيها الوضوء ينبغي أن تكون مقاربة للوضوء، وهكذا على سبيل التدرج، وهذا ينبغي أن ينظر إليه في أبواب العلل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089304693

    عدد مرات الحفظ

    783499845