الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المذي
حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا عبيدة بن حميد الحذاء عن الركين بن الربيع عن حصين بن قبيصة عن علي رضي الله عنه، قال: ( كنت رجلاً مذاءً فجعلت أغتسل حتى تشقق ظهري، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم -أو ذكر له- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل، إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصلاة، وإذا فضخت الماء فاغتسل ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي النضر عن سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود: ( أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمره أن يسأل له رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته، وأنا أستحيي أن أسأله. قال المقداد: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال: إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة ).
حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا زهير عن هشام بن عروة عن عروة: أن علي بن أبي طالب قال للمقداد، وذكر نحو هذا، قال: فسأله المقداد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليغسل ذكره وأنثييه ) ].
وذكر الأنثيين منكر، وذلك أن عروة عن علي مرسل، وفي الحديث أن الإنسان مهما بلغ حياءً لا يمنعه أن يسأل عن العلم الذي ينفعه، وأن يزيل ما استشكل عليه ولو بواسطة أحد، وأن العلم لا يناله الرجل الذي يستحي؛ ولهذا نقول: إنه لا حياء في العلم، وأما ما يقول بعض العامة: لا حياء في الدين فخطأ بل الدين كله حياء، أما العلم فلا يناله من كان مستح؛ ولهذا يقول غير واحد من العلماء: لا ينال العلم مستح ولا مستكبر.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: ورواه الثوري وجماعة عن هشام بن عروة عن أبيه عن المقداد عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا القعنبي، قال: حدثنا أبي عن هشام بن عروة عن أبيه عن حديث حدثه عن علي بن أبي طالب، قال: قلت للمقداد فذكر معناه.
قال أبو داود: ورواه المفضل بن فضالة، والثوري، وابن عيينة عن هشام عن أبيه عن علي، ورواه ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن المقداد عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر أنثييه.
حدثنا مسدد، قال: حدثنا إسماعيل -يعني: ابن إبراهيم- قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني سعيد بن عبيد بن السباق عن أبيه عن سهل بن حنيف، قال: ( كنت ألقى من المذي شدة وكنت أكثر من الاغتسال فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال: إنما يجزئك من ذلك الوضوء. قلت: يا رسول الله! فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: يكفيك بأن تأخذ كفاً من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه ).
حدثنا إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا عبد الله بن وهب، قال: حدثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حزام بن حكيم عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري، قال: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجب الغسل؟ وعن الماء يكون بعد الماء؟ فقال: ذاك المذي وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة ).
حدثنا هارون بن محمد بن بكار، قال: حدثنا مروان -يعني: ابن محمد- قال: حدثنا الهيثم بن حميد عن العلاء بن الحارث عن حزام بن حكيم عن عمه: ( أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: لك ما فوق الإزار ) وذكر مؤاكلة الحائض أيضاً، وساق الحديث.
حدثنا هشام بن عبد الملك اليزني، قال: حدثنا بقية بن الوليد عن سعيد الأغطش -وهو: ابن عبد الله- عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي، قال هشام: وهو: ابن قرط أمير حمص عن معاذ بن جبل، قال: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ قال: فقال: ما فوق الإزار، والتعفف عن ذلك أفضل ). قال أبو داود: وليس بالقوي ].
وعبد الرحمن لم يدرك معاذ بن جبل كما قاله أبو زرعة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الإكسال
حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو -يعني: ابن الحارث- عن ابن شهاب، قال: حدثني بعض من أرض: أن سهل بن سعد الساعدي أخبره: أن أبي بن كعب أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما جعل ذلك رخصة للناس في أول الإسلام لقلة الثياب، ثم أمر بالغسل ونهى عن ذلك ). قال أبو داود: يعني: ( الماء من الماء ).
حدثنا محمد بن مهران الرازي، قال: حدثنا مبشر الحلبي عن محمد أبي غسان عن أبي حازم عن سهل بن سعد، قال: حدثني أبي بن كعب: ( أن الفتيا التي كانوا يفتون: أن الماء من الماء، كانت رخصة رخصها رسول الله في بدء الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعد ).
حدثنا مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، قال: حدثنا هشام، وشعبة عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قعد بين شعبها الأربع وألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل ).
حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الماء من الماء )، وكان أبو سلمة يفعل ذلك ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الجنب يعود
حدثنا مسدد بن مسرهد، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا حميد الطويل عن أنس: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف ذات يوم على نسائه في غسل واحد ). قال أبو داود: وهكذا رواه هشام بن زيد عن أنس، ومعمر عن قتادة عن أنس، وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري، كلهم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء لمن أراد أن يعود
حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد عن عبد الرحمن بن أبي رافع عن عمته سلمى عن أبي رافع : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف ذات يوم على نسائه يغتسل عند هذه وعند هذه. قال: قلت له: يا رسول الله! ألا تجعله غسلاً واحداً؟ قال: هذا أزكى وأطيب وأطهر ). قال أبو داود: حديث أنس أصح من هذا.
حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أتى أحدكم أهله ثم بدا له أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءاً ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الجنب ينام
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر: أنه قال: ( ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه تصيبه الجنابة من الليل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: توضأ واغسل ذكرك ثم نم ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الجنب يأكل
حدثنا مسدد، وقتيبة بن سعيد، قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة ).
حدثنا محمد بن الصباح البزاز، قال: حدثنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري بإسناده ومعناه، زاد: ( وإذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه ).
قال أبو داود: ورواه ابن وهب عن يونس فجعل قصة الأكل قول عائشة مقصور. ورواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري كما قال ابن المبارك إلا أنه قال: عن عروة أو أبي سلمة. ورواه الأوزاعي عن يونس عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ابن المبارك ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من قال: الجنب يتوضأ
حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يأكل أو ينام توضأ. تعني: وهو جنب).
حدثنا موسى -يعني: ابن إسماعيل- قال: حدثنا حماد -يعني: ابن سلمة- قال: أخبرنا عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر عن عمار بن ياسر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للجنب إذا أكل أو شرب أو نام أن يتوضأ ).
قال أبو داود: بين يحيى بن يعمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل.
وقال علي بن أبي طالب وابن عمر وعبد الله بن عمرو: ( الجنب إذا أراد أن يأكل توضأ ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الجنب يؤخر الغسل
(ح) وحدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قالا: حدثنا برد بن سنان عن عبادة بن نسي عن غضيف بن الحارث، قال: قلت لعائشة: ( أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من الجنابة في أول الليل أو في آخره؟ قالت: ربما اغتسل في أول الليل وربما اغتسل في آخره. قلت: الله أكبر! الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة.. ) ].
والوضوء للجنب آكد من غسل اليدين ولو اكتفى بغسل يديه بعد الجنابة للأكل أجزأ عنه، وأما غسل اليدين للنوم بعد الجنابة فإنه لا يجزئ عن الوضوء وهو مستحب في الحالين، وفي هذه الأحاديث دليل على عدم وجوب المبادرة بغسل الجنابة ولكنه مستحب.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ( قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر أول الليل أم في آخره؟ قالت: ربما أوتر في أول الليل وربما أوتر في آخره قلت: الله أكبر! الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة. قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالقرآن أم يخفت به؟ قالت: ربما جهر به وربما خفت. قلت الله أكبر! الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة ).
حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا شعبة عن علي بن مدرك عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن عبد الله بن نجي عن أبيه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب ) ].
وهذا الحديث لو صح ففيه وجوب المبادرة بغسل الجنابة، ولكن لا يصح ذكر الجنب هنا بل هو منكر، و عبد الله بن نجي غير معروف.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماءً ).
قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي الواسطي، قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: هذا الحديث وهم. يعني: حديث أبي إسحاق ].
وبهذا يتفق الحفاظ على أن الحديث وهم وغلط، وقد نص على أنه غلط جماعة: كـشعبة وسفيان والإمام أحمد وغيرهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الجنب يقرأ
حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة، قال: ( دخلت على علي رضي الله عنه أنا ورجلان: رجل منا ورجل من بني أسد أحسب، فبعثهما علي وجهاً وقال: إنكما علجان فعالجا عن دينكما فدخل المخرج، ثم خرج فدعا بماء فأخذ منه حفنة فتمسح بها، ثم جعل يقرأ القرآن فأنكروا ذلك فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن ويأكل معنا اللحم ولم يكن يحجبه -أو قال: يحجزه- عن القرآن شيء ليس الجنابة ) ].
وهذا الحديث أعله الإمام أحمد؛ لتفرد عبد الله بن سلمة به وقد جاء موقوفاً أيضاً على عبد الله بن سلمة، و يرويه عن علي ولا يصح مرفوعاً، والصواب فيه الوقف.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الجنب يصافح
حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى عن مسعر عن واصل عن أبي وائل عن حذيفة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه فأهوى إليه فقال: إني جنب فقال: إن المسلم ليس ينجس ) .
حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى وبشر عن حميد عن بكر عن أبي رافع عن أبي هريرة، قال: ( لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة وأنا جنب فاختنست فذهبت فاغتسلت ثم جئت، فقال: أين كنت يا أبا هريرة ؟! قال: قلت: إني كنت جنباً فكرهت أن أجالسك على غير طهارة. قال: سبحان الله! إن المسلم لا ينجس ). قال في حديث بشر: حدثنا حميد، قال: حدثني بكر ].
وفي هذا أن الإنسان عند التعجب يقول: سبحان الله! وهي آكد من قول: الله أكبر.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الجنب يدخل المسجد
حدثنا مسدد، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا الأفلت بن خليفة، قال: حدثتني جسرة بنت دجاجة، قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: ( جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئاً رجاء أن تنزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعد فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ).
قال أبو داود: هو فليت العامري ].
وهذا الحديث تفرد به جسرة بنت دجاجة ولديها مناكير وعجائب، والصواب جواز دخول الحائض المسجد، إلا أنها لا تدخل الصفوف، وإنما تعتزل الصف، ولا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام دليل صريح صحيح في هذا، أما الجنابة فالنهي عن دخول المساجد ظاهر في القرآن وكذلك في السنة إلا إذا كان الإنسان عابراً من باب إلى باب يقضي حاجة، ولكن يرخص للجنب أيضاً إذا توظأ فإنه تخفف الجنابة، وقد ثبت هذا عن الصحابة عليهم رضوان الله، كما رواه عطاء عن زيد وجاء أيضاً من حديث عطاء عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهم كانوا يجنبون فيتوضئون ثم يرجعون إلى المسجد فيبيتون فيه، وهذا دليل على أن الوضوء يخفف الحدث الأكبر، ويلحق بهذا الحائض، لكنهما لا يستحلان الصلاة بل لا بد من الاغتسال الطارئ.
وثمة قرائن في مسألة الحيض في قصة المرأة التي كانت تقم المسجد ولم يكن يسئل عنها، وكذلك في أهل الصفة فقد كانوا من الرجال والنساء من الفقراء ولم يكن يستفصل عنه، ثم مثل هذا الأمر بحاجة إلى بيان بالنص الظاهر الصحيح، فزمن الحيض أوسع من زمن الجنابة، فالجنابة أمر عارض ومع ذلك دل الدليل على تخفيفه بالوضوء، والحيض أوسع زمناً فيأتي المرأة أياماً، وربما يمر على بعض النساء نصف الشهر وهي حائض، ومع ذلك ما جاء دليل بمثل هذا مع أن النساء كن في زمن النبي عليه الصلاة والسلام يدخلن المسجد وإن انصرفن قبل الرجال، ومع ذلك بيّن الشارع بالنص القاطع في مسألة الجنب ولم يبين في أمره الحيض مما يدل على التخفيف فيها، وثمة قرينة يأخذها بعضهم في حديث عائشة لما ( قالت: إني حائض. قال النبي عليه الصلاة والسلام: إن حيضتك ليست في يدك ) قالوا: إن في هذا أنها لا تدخل إلى المسجد، وهذا ليس فيه دليل صريح وإنما هو ظني، والقرائن المرجحة لجواز دخولها أقوى.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناس
حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دخل في صلاة الفجر فأومأ بيده أن مكانكم ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حماد بن سلمة بإسناده ومعناه، وقال في أوله: ( فكبر )، وقال في آخره: ( فلما قضى الصلاة قال: إنما أنا بشر، وإني كنت جنباً ).
قال أبو داود: رواه الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: ( فلما قام في مصلاه وانتظرنا أن يكبر انصرف ثم قال: كما أنتم ).
قال أبو داود: ورواه أيوب، و ابن عون، و هشام عن محمد مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فكبر ثم أومأ بيده إلى القوم أن اجلسوا، فذهب فاغتسل ).
وكذلك رواه مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في صلاة ). قال أبو داود: وكذلك حدثناه مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا أبان عن يحيى عن الربيع بن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كبر.
حدثنا عمرو بن عثمان، قال: حدثنا محمد بن حرب، قال: حدثنا الزبيدي.
(ح) وحدثنا عياش بن الأزرق، قال: أخبرنا ابن وهب عن يونس.
(ح) وحدثنا مخلد بن خالد، قال: حدثنا إبراهيم بن خالد إمام مسجد صنعاء حدثنا رباح عن معمر.
(ح) وحدثنا مؤمل بن الفضل، قال: حدثنا الوليد عن الأوزاعي كلهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: ( أقيمت الصلاة وصف الناس صفوفهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قام في مقامه ذكر أنه لم يغتسل فقال للناس: مكانكم، ثم رجع إلى بيته فخرج علينا ينطف رأسه قد اغتسل ونحن صفوف )، وهذا لفظ ابن حرب، وقال عياش في حديثه: ( فلم نزل قياماً ننتظره حتى خرج علينا وقد اغتسل ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يجد البلة في منامه
حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حماد بن خالد الخياط، قال: حدثنا عبد الله العمري عن عبيد الله عن القاسم عن عائشة قالت: ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً؟ قال: يغتسل، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولا يجد البلل؟ قال: لا غسل عليه. فقالت أم سليم: المرأة ترى ذلك أعليها غسل؟ قال: نعم. إنما النساء شقائق الرجال ) ].
وهذا من الأحاديث التي يستلها البعض من غير إشارة إلى مناسبتها؛ وذلك: أن النبي عليه الصلاة والسلام أراد بقوله: ( إنما النساء شقائق الرجال ) لهذه المناسبة وبيان الحكم، فإذا أخذ هذا اللفظ من سياقه وعمم على أحكام شرعية حقها التخصيص فهذا غير صحيح ولهذا نقول: إن الأصل في أحكام الرجل والمرأة الاشتراك في جوانب العبادة والطهارة وغير ذلك، وما خصه الدليل للرجال بخصيصة فلا يقال: إن الرجل شقيق المرأة، ولا إن المرأة شقيقة الرجل، ولهذا ينهى الرجال عن لبس الحلي وعن لبس الحرير، فلا يقال: إن الرجل حينئذٍ شقيق المرأة، ولا يقال بمساواة المرأة مع الرجل في فيما حرم الله عز وجل عليها من الأحكام التي تتعلق بالمرأة مما فرض الله عز وجل عليها من حجابها، وكذلك ولاية الرجل عليها؛ لأن الدليل الخاص أولى من الدليل العام، وهذا الحديث هو من أشهر الأحاديث التي تستل من سياقها ومناسبتها ليقال: ( إنما النساء شقائق الرجال ) ويطلق، وهو إنما جاء في مثل هذا الحكم في مسألة الطهارة أن المرأة إذا رأت بللاً ولم تذكر احتلاماً فإنها تغتسل وإذا لم تر بللاً وذكرت احتلاماً فإنها لا تغتسل.
ولو أخذنا بعموم اللفظ وأطلقناه كما يطلقون لحرمنا الزواج؛ لأن كل رجل شقيق امرأة فحينئذٍ يحرم على الرجل أن يتزوج من أي امرأة؛ لأنه يتزوج شقيقة، فإما يأخذونه بإطلاقه ويوسعونه، أو يضيقونه وفق الشريعة على ما جاءت به، فإطلاقه مفسد، وتضييقه كذلك يؤخذ بالشرع ولا يؤخذ بالرأي.
ولكن هذه الجملة ضعيفة هنا لأن في السند عبد الله العمري ولكن جاءت من عدة طرق جيدة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المرأة ترى ما يرى الرجل
حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عنبسة، قال: حدثنا يونس عن ابن شهاب، قال: قال عروة عن عائشة: ( أن أم سليم الأنصارية وهي أم أنس بن مالك قالت: يا رسول الله! إن الله عز وجل لا يستحيي من الحق، أرأيت المرأة إذا رأت في النوم ما يرى الرجل: أتغتسل أم لا؟ قالت عائشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم فلتغتسل إذا وجدت الماء قالت عائشة: فأقبلت عليها فقلت: أفٍ لك وهل ترى ذلك المرأة؟ فأقبل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تربت يمينك يا عائشة ! ومن أين يكون الشبه؟ ).
قال أبو داود: وكذلك روى عقيل والزبيدي ويونس وابن أخي الزهري عن الزهري وإبراهيم بن أبي الوزير عن مالك عن الزهري، ووافق الزهري مسافعاً الحجبي قال: عن عروة عن عائشة، وأما هشام بن عروة فقال: عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة: أن أم سليم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في مقدار الماء الذي يجزئ في الغسل
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من إناء واحد -وهو الفرق- من الجنابة ). قال أبو داود: قال معمر عن الزهري في هذا الحديث قالت: ( كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد فيه قدر الفرق ). قال أبو داود: وروى ابن عيينة نحو حديث مالك ].
المحدثون يسكنون فيقولون الفرْق، وفي أشعار العرب كثيراً ما يقال: الفرَق بالفتح.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الفرق ستة عشر رطلاً، وسمعته يقول: صاع ابن أبي ذئب خمسة أرطال وثلث. قال: فمن قال: ثمانية أرطال؟ قال: ليس ذلك بمحفوظ، قال: وسمعت أحمد يقول: من أعطى في صدقة الفطر برطلنا هذا خمسة أرطال وثلثاً فقد أوفى، قيل: الصيحاني ثقيل قال: الصيحاني: أطيب؟ قال: لا أدري ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الغسل من الجنابة
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو إسحاق قال: حدثني سليمان بن صرد عن جبير بن مطعم ( أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الغسل من الجنابة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثاً، وأشار بيديه كلتيهما ) .
حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا أبو عاصم عن حنظلة عن القاسم عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء من نحو الحلاب فأخذ بكفيه فبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر، ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه ).
حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي عن زائدة بن قدامة عن صدقة قال: حدثنا جميع بن عمير أحد بني تيم الله بن ثعلبة قال: دخلت مع أمي وخالتي على عائشة فسألتها إحداهما كيف كنتم تصنعون عند الغسل؟ فقالت عائشة: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض على رأسه ثلاث مرات ونحن نفيض على رءوسنا خمساً من أجل الظفر )].
وصدقة ضعيف في الحديث.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن حرب الواشحي و مسدد قالا: حدثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة قال سليمان: يبدأ فيفرغ بيمينه على شماله ). وقال مسدد: ( غسل يديه يصب الإناء على يده اليمنى ثم اتفقا فيغسل فرجه ). وقال مسدد: ( يفرغ على شماله وربما كنت عن الفرج، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يدخل يديه في الإناء فيخلل شعره حتى إذا رأى أنه قد أصاب البشرة أو أنقى البشرة أفرغ على رأسه ثلاثاً، فإذا فضل فضلة صبها عليه ).
حدثنا عمرو بن علي الباهلي قال: حدثنا محمد بن أبي عدي قال: حدثني سعيد عن أبي معشر عن النخعي عن الأسود عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغتسل من الجنابة بدأ بكفيه فغسلهما، ثم غسل مرافغه وأفاض عليه الماء، فإذا أنقاهما أهوى بهما إلى حائط، ثم يستقبل الوضوء ويفيض الماء على رأسه ).
حدثنا الحسن بن شوكر قال: حدثنا هشيم عن عروة الهمداني قال: حدثنا الشعبي قال: قالت عائشة: ( لئن شئتم لأرينكم أثر يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحائط حيث كان يغتسل من الجنابة ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا عبد الله بن داود عن الأعمش عن سالم عن كريب قال: حدثنا ابن عباس عن خالته ميمونة قالت: ( وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلاً يغتسل به من الجنابة فأكفأ الإناء على يده اليمنى فغسلها مرتين أو ثلاثاً، ثم صب على فرجه فغسل فرجه بشماله، ثم ضرب بيده الأرض فغسلها، ثم مضمض واستنشق، وغسل وجهه ويديه، ثم صب على رأسه وجسده، ثم تنحى ناحية فغسل رجليه، فناولته المنديل فلم يأخذه وجعل ينفض الماء عن جسده ) فذكرت ذلك لـإبراهيم فقال: كانوا لا يرون بالمنديل بأساً ولكن كانوا يكرهون العادة. قال مسدد: قلت لـعبد الله بن داود: كانوا يكرهونه للعادة؟ فقال: هكذا هو ولكن وجدته في كتابي هكذا.
حدثنا حسين بن عيسى الخراساني قال: حدثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن شعبة قال: ( إن ابن عباس كان إذا اغتسل من الجنابة يفرغ بيده اليمنى على يده اليسرى سبع مرار، ثم يغسل فرجه فنسي مرة كم أفرغ فسألني كم أفرغت؟ فقلت لا أدري. فقال: لا أم لك وما يمنعك أن تدري؟ ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض على جلده الماء، ثم يقول: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطهر ) ].
وشعبة هذا هو مولى عبد الله بن عباس الذي يروي عنه، ولهذا يقول ابن حبان: يروي عن عبد الله بن عباس ما لا أصل له.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا أيوب بن جابر عن عبد الله بن عصم عن ابن عمر قال: ( كانت الصلاة خمسين، والغسل من الجنابة سبع مرار، وغسل البول من الثوب سبع مرار فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل حتى جعلت الصلاة خمساً، والغسل من الجنابة مرة، وغسل البول من الثوب مرة ).
حدثنا نصر بن علي قال: حدثني الحارث بن وجيه قال: حدثنا مالك بن دينار عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر ). قال أبو داود: الحارث حديثه منكر وهو ضعيف.
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا عطاء بن السائب عن زاذان عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل بها كذا وكذا من النار ). قال علي: فمن ثم عاديت رأسي ثلاثاً وكان يجز شعره ].
عطاء بن السائب مختلط يروي عنه حماد بعد اختلاطه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الوضوء بعد الغسل
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل ويصلي الركعتين وصلاة الغداة ولا أراه يحدث وضوءاً بعد الغسل )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل
حدثنا زهير بن حرب وابن السرح قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة أن امرأة من المسلمين، وقال زهير أنها قالت: ( يا رسول الله! إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للجنابة؟ قال: إنما يكفيك أن تحفني عليه ثلاثاً ). وقال زهير: ( تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضي على سائر جسدك فإذا أنت قد طهرت ).
حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثنا ابن نافع يعني الصائغ عن أسامة عن المقبري عن أم سلمة أن امرأة جاءت إلى أم سلمة بهذا الحديث قالت: فسألت لها النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، قال فيه: ( واغمزي قرونك عند كل حفنة ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: حدثنا إبراهيم بن نافع عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة عن عائشة قالت: ( كانت إحدانا إذا أصابتها جنابة أخذت ثلاث حفنات -هكذا تعني: بكفيها جميعاً- فتصب على رأسها، وأخذت بيد واحدة فصبتها على هذا الشق والأخرى على الشق الآخر ).
حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا عبد الله بن داود عن عمرو بن سويد عن عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كنا نغتسل وعلينا الضماد ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محلات ومحرمات ).
حدثنا محمد بن عوف قال: قرأت في أصل إسماعيل بن عياش قال ابن عوف: وحدثنا محمد بن إسماعيل عن أبيه قال: حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد قال: أفتاني جبير بن نفير عن الغسل من الجنابة أن ثوبان حدثهم أنهم استفتوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: ( أما الرجل فلينشر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر، وأما المرأة فلا عليها ألا تنقضه؛ لتغرف على رأسها ثلاث غرفات بكفيها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الجنب يغسل رأسه بخطمي أيجزئه ذلك
حدثنا محمد بن جعفر بن زياد قال: حدثنا شريك عن قيس بن وهب عن رجل من بني سواءة بن عامر عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يغسل رأسه بالخطمي وهو جنب يجتزئ بذلك ولا يصب عليه الماء ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيما يفيض بين الرجل والمرأة
حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا شريك عن قيس بن وهب عن رجل من بني سواءة بن عامر عن عائشة فيما يفيض بين الرجل والمرأة من الماء قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ كفاً من ماء يصب على الماء ثم يأخذ كفاً من ماء ثم يصبه عليه ).]
والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر