إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الطهارة [12]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأحاديث المعلة في كتاب الطهارة حديث قيس بن طلق: (إنما هو بضعة منك) وأعل هذا الحديث بـقيس بن طلق راويه عن علي، وقيس بن طلق مجهول على قول بعض العلماء وبهذا نعلم أن ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من القول بعدم الوضوء من مس الذكر أنها لا تخلو من علل. ومنها الحديث المقابل له وهو حديث بسرة: (من مس ذكره فليتوضأ) وهو حديث صحيح مع كثرة الاختلاف في إسناده.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :

    فالحديث الأول من أحاديث اليوم: هو حديث قيس بن طلق بن علي عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه سئل عن مس الذكر: هل ينقض الوضوء أم لا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما هو بضعة منك ) .

    هذا الحديث رواه الإمام أحمد و أبو داود و الترمذي و النسائي وجماعة من حديث قيس بن طلق عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه عن قيس بن طلق جماعة: فرواه عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق ، ورواه محمد بن جابر عن قيس بن طلق ، ورواه أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق ، ورواه عكرمة بن عمار عن قيس بن طلق .

    وعلى هذا نعلم أن ثمة متابعات لرواية عبد الله بن بدر كما في المسند والسنن وإن كان قد تكلم غير واحد من العلماء في عبد الله بن بدر وحاله مستقيمة خاصةً في أحاديثه عن اليماميين، وأما في غير ذلك فإنه مضعف، فقد تابعه على روايته من ضعف كـمحمد بن جابر وقد تكلم فيه غير واحد وهو لين الحديث، وتابعهما أيضاً على ذلك أيوب بن عتبة وقد ضعفه أيضاً جماعة كـابن معين و ابن المديني و النسائي و الإمام مسلم بن الحجاج وغيرهم .

    وقد جاء عند ابن حبان في كتابه الصحيح أنه رواه عكرمة بن عمار عن قيس بن طلق بن علي الحنفي عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    وأعل هذا الحديث بـقيس بن طلق راويه عن علي ، و قيس بن طلق مجهول على قول بعض العلماء وهو قليل الرواية، وقد جرحه الإمام أحمد عليه رحمة الله فقال: غيره أثبت منه، وتكلم عليه الشافعي كما في كتابه الأم، فقال: سألنا عنه فلم نعرف عنه شيئاً يوجب قبول خبره، وفيه إشارة إلى عدم شهرته ومعرفته في أبواب الرواية، إلا أن حديثه إنما هو عن أبيه .

    وقد جود هذا الحديث غير واحد من الحفاظ كالإمام الترمذي عليه رحمة الله و ابن المديني وغيرهم، وهذا الحديث كما تقدم أعل بـقيس بن طلق ، و قيس بن طلق يمامي من أهل نجد وأبوه كذلك صحابي جليل، قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وبايعه .

    وهذا الحديث من مفاريد قيس بن طلق عن أبيه، وإن كان قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه أخرى، فقد روى ابن ماجه في كتابه السنن شاهداً له لا يعول عليه، رواه من حديث جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما هو جزء منك ) ، وقد روى له شاهداً الدارقطني في كتابه السنن من حديث المختار عن ابن الصلت ، وقد تفرد به المختار وهو متروك الحديث .

    وهذا الحديث هو حديث عصمة ، يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه المختار عن ابن الصلت عن أبي عثمان النهدي عن عمر ، وجاء عن ابن موهب عن عصمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يحتج به .

    وأما حديث أبي أمامة ، فإنه قد تفرد بروايته من حديث أبي أمامة جعفر بن الزبير، و جعفر بن الزبير متروك الحديث كما جزم بذلك البخاري و النسائي و الدارقطني ، وكذلك القاسم الذي يرويه عن أبي أمامة ضعيف الحديث .

    وبهذا نعلم أن ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من القول بعدم الوضوء من مس الذكر أنها لا تخلو من علل، أمثلها حديث قيس وهو عندي حسن، وحديث قيس إنما قلنا بحسنه مع كلام العلماء على قيس ككلام الإمام أحمد عليه رحمة الله بقوله: غيره أثبت منه تجريحاً له، وكذلك إشارة الشافعي وتضعيف بعض العلماء له، لكن قد وثقه بعضهم كـابن معين عليه رحمة الله في رواية، فنقول: إن قيس بن طلق يروي عن أبيه، وروايته عن أبيه في الغالب منضبطة، والحكم في ذلك بين.

    وأيضاً فإنه من طبقة التابعين، وقد روى عنه هذا الخبر جماعة، مما يدل على أن الرواية قد تعددت، فالخبر حينما يرويه راو ويروي عن هذا الراوي جماعة، إشارة إلى أنه قد حدث بهذا الحديث في أكثر من مجلس، ويستثنى من هذا المشهورون، لأن المشهور يعقد مجالس للتحديث بخلاف المستور، فالمستور ليس له مجالس وإنما إذا لقي أحداً عرضاً في طريقه حدثه بهذا الحديث، أو لقيه في المسجد ونحو ذلك، فحديث الثلاثة عنه إشارة إلى تكرار هذا المجلس، فروى عنه عبد الله بن بدر و محمد بن جابر و أيوب بن عتبة و عكرمة بن عمار ، كلهم رووا عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي الحنفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    وهذه إشارات إلى ضبط اللفظ، ولم يختلف أحد منهم عليه بقلب اللفظ عن معناه.

    وأيضاً فإن هذا الحديث من جهة معناه مستقيم ويجري على أصول الشريعة من أمور الاحتياط، ولا يعني من ذلك عدم الوضوء على الإطلاق، وإنما هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما هو بضعة منك ) ، إشارة إلى أنه حكمه حكم سائر جسد الإنسان، ويستثنى من ذلك الأمور العارضة التي تستلزم ورود الناقض على الإنسان .

    وإنما قلنا: بحسنه وجودته؛ لأنه قد جاء العمل به عن بعض الصحابة عليهم رضوان الله تعالى، كما جاء عن عبد الله بن مسعود عليه رضوان الله تعالى حيث جاء عنه من حديث أبي قيس عن هزيل عن عبد الله بن مسعود : أنه كان لا يتوضأ من مس ذكره، وقد تكلم بعض العلماء على هذا الحديث، لأنه من رواية أبي قيس الأودي ، وقد طعن الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى في رواية .

    وجاء عن بعض السلف القول بوجوب الوضوء من مس الذكر، فجاء عن جماعة وستأتي الإشارة إليه في حديث بسرة بنت صفوان عليها رضوان الله تعالى .

    وهذا الحديث حديث قيس بن طلق عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم معارض بحديث آخر في ظاهره أنه أقوى منه إسناداً وأشهر، وهو حديث بسرة ، وفي حال المعارضة للحديث المروي فنقول: بأن الحديث إذا روي ما هو أقوى منه فإنه يعله إذا لم يمكن في ذلك الجمع، وهنا يمكن أن يقال في هذا الجمع، إما أن يقال: إنه بضعة منك في حال مس الإنسان الذكر من غير شهوة، أو في حال مس الإنسان الذكر بحائل أو نحو ذلك، وأن ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوضوء فيحمل على الاستحباب .

    أو في حال الشهوة وغلبة الظن بورود الناقض، فإن المس في ذاته لا ينقص، وإنما هو ظن أو قرينة على ورود الناقض، كحال النوم في ذاته فإنه لا ينقض، ولكنه قرينة على ورود الناقض، وهذا معلوم وسيأتي الكلام عليه بإذن الله تعالى .

    ونعلم أن المعارضة لحديث قيس بن طلق بحديث بسرة لا يعل به في مثل هذا الموضع، وإنما قلنا: بحسنه وصحته لأنه وجد من الأئمة من صححه، وكذلك لاستقامة المتن والإسناد .

    وأما من قال من العلماء: إن هذه القصة كانت مبكراً في ابتداء قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فهذا لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه، وقد ذكر ذلك ابن حبان عليه رحمة الله في كتابه الصحيح .

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088798900

    عدد مرات الحفظ

    779109615