إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الطهارة [13]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأحاديث المعلة في كتاب الطهارة حديث علي: (اغسل ذكرك وأنثييك) فزيادة أنثييك في الحديث معلة؛ لأن أصل الحديث في الصحيحين بدون زيادة: (وأنثييك)، مع أنها متعلقة بالباب الذي أورد الشيخان الحديث فيه، فتركهما هذه الزيادة مع كونها متعلقة بالباب قرينة على أنها معلولة.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :

    فنكمل إيراد الأحاديث المعلة في الطهارة:

    الحديث الأول في مجلس هذا اليوم: هو حديث علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المذي: اغسل ذكرك وأنثييك ).

    هذا الحديث رواه الإمام أحمد و أبو داود و النسائي وغيرهم، من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و عروة : هو عروة بن الزبير ولم يسمع من علي بن أبي طالب شيئاً، كما ذكر ذلك أبو حاتم و أبو زرعة وغيرهم.

    وجاء من وجه آخر عن علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى أيضاً: فقد رواه الإمام أحمد في كتابه المسند من حديث شريك بن عبد الله النخعي عن الركين عن حصين بن قبيصة عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    علة حديث: (اغسل ذكرك وأنثييك)

    ولأنه من حديث شريك بن عبد الله النخعي وهو سيء الحفظ، وقد تفرد بروايته هذه عن الركين ، فقد جاء في الصحيح رواية زائدة بن قدامة وجاء أيضاً من رواية عبيدة بن حميد كلهم عن الركين ولم يذكروا: الأنثيين.

    ومعلوم أن هذا الحديث حديث علي بن أبي طالب في قوله: ( كنت رجلاً أو امرأً مذاءً، فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني، فأمرت المقداد بن الأسود أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، هذا الحديث في الصحيحين، ولكن هذه الزيادة ليست فيهما، وقد جاء هذا الحديث أيضاً عن علي بن أبي طالب كما رواه الإمام أحمد و الدارقطني من حديث عائش بن أنس عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و عائش مجهول الحال.

    وجاء أيضاً من وجه آخر من حديث عمرو بن دينار عن عطاء عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب ، كما رواه سعيد بن منصور في كتابه السنن، ولكن رواية عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب قد رواها الإمام مسلم في كتابه الصحيح من غير هذا الوجه، من حديث سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب ، وليس فيها ذكر الأنثيين.

    وكذلك أيضاً جاء ذلك في بعض المراسيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء عند أبي داود في كتابه السنن من حديث عبد الله الأنصاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ذاك مذي وكل فحل يمذي، اغسل ذكرك وأنثييك ) ، وهذا الحديث قد تفرد به معاوية بن صالح عن العلاء بن كثير ، و العلاء بن كثير خفيف الضبط وهو سيء الحفظ.

    وعلى هذا فالحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن القرائن في الإعلال:

    أن هذا الحديث قد أخرجه الشيخان: البخاري و مسلم وتنكبا ذكر هذه الزيادة، وإن كان قد جاء هذا الحديث من وجه حسنه بعضهم، كما جاء في حديث سليمان بن حيان أبي خالد الأحمر عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي بن أبي طالب ، ولكن هذا من مفاريد أبي خالد الأحمر ، وقد تفرد بهذا الحديث عن هشام بن حسان.

    حكم الزيادات التي لم يخرجها البخاري ومسلم

    و البخاري و مسلم قد أخرجا الحديث عن علي بن أبي طالب ولم يذكرا الأنثيين فيه، ولدينا قرينة: وهي أن البخاري و مسلماً إذا أخرجا حديثاً في باب وفيه زيادة عند غيره ولو كان إسنادها صحيح، أنهما لا يخرجان هذه الزيادة إلا لعلتها عندهم، وهذا شبه مطرد: فإنهما إذا أوردا حديثاً من الأحاديث في باب، ويكون ذلك الباب متعلق بذات الزيادة المتروكة ولم يذكراها، فهذا دليل على علة هذه الزيادة.

    وهذا ليس مطرداً في كل زيادة وإنما هو متعلق بزيادة لها علاقة بالباب الذي ورد فيه الحديث، ومعلوم أن هذا الخبر وهو خبر علي بن أبي طالب قد أورده البخاري و مسلم في كتاب الطهارة في الوضوء من المذي وفي غيره، ومع ذلك لم يذكر البخاري ولا مسلم هذه الزيادة، وأما إذا كانت الزيادة في غير الصحيحين ولكن قد أخرج البخاري و مسلم الحديث في غير باب هذه الزيادة، فإن هذا لا يعني: إعلالاً.

    وإذا أخرج البخاري و مسلم حديثاً من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه زيادة، فتركا الزيادة التي عند غيرهما وأخرجا حديثاً يخالفها، فهذا شبيه بالنص على الإعلال، لأن البخاري و مسلماً إذا أوردا حديثاً يخالف الزيادة عند غيرهما، فهذا من الأمور الظاهرة في إعلال الحديث عندهما، وأظهر من هذا: إذا ترجما معنى يستنبط منه ما يخالف تلك الزيادة عند غيرهما، ولهذا يقال: إنه ينبغي لطالب العلم إذا أراد أن ينظر في علة حديث أو في بعض الألفاظ الزائدة على الصحيحين، أن ينظر في المواضع التي أخرج البخاري و مسلم الحديث فيها ، وهذا من الأمور المهمة التي ينبغي أن يعتنى بها.

    وهذه القاعدة التي يتكلم عليها العلماء في مواضع منثورة في عدم إخراج البخاري و مسلم لبعض الأحاديث وكذلك الألفاظ، فهو كما أنه في الألفاظ عندهم، فهو كذلك في الأحاديث الكاملة، وأن الحديث إذا كان من الأصول ومما تعم به البلوى ويحتاج إليه ولم يخرجه البخاري و مسلم ، فإن هذا من علامات الإعلال، خاصةً إذا أغفلا من الأحاديث ما يعضده، ويظهر هذا إذا أخرج البخاري و مسلم حديثاً في صحيحيهما، وتركا حديثاً ظاهر إسناده على شرطهما، فهذا في الأغلب أنه إعلال، لأنه قد روى حديثاً يخالف ذلك الحديث وهو على شرطهما، فهذا يعني: أنهما قد استنكرا المتن.

    ولهذا من أعظم ما يوفق إليه طالب العلم في أمور العلل: أن يعرف شرط الشيخين في المتون، كما يعرف كثير من طلاب العلم شرط الشيخين في الأسانيد، فيعرفون شرطهم في الأسانيد بالنظر في الرواة وتسلسل الرواة، ورواية فلان عن فلان، فيعرف أن هذا من شرط الصحيحين، ولكن يغفلون عن شرط المتون، وشرط المتون من الأمور المهمة التي ينبغي لطالب العلم أن يحيط بها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089131695

    عدد مرات الحفظ

    782050492