إسلام ويب

شرح السنة للإمام المزني [4]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإيمان عند أهل السنة والجماعة: يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، لذا فأهله يتفاضلون فيه، ومن هنا يجب علينا الحذر من تكفير أهل الإيمان ما لم يقعوا في الكفر. ويجب الاعتقاد بأن كلام الله بل وسائر صفاته لا يتعلق بها خلق ولا حدوث، فهي أوصاف كمال له سبحانه وتعالى.

    الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    اللهم حقق توحيدنا، وارزقنا صدق التوكل عليك, وحسن الظن بك، واهدنا صراطك المستقيم يا رب العالمين.

    أما بعد:

    قال رحمه الله: [ والمؤمنون في الإيمان يتفاضلون، وبصالح الأعمال هم متزايدون، ولا يخرجون بالذنوب من الإيمان، ولا يكفرون بركوب كبيرة ولا عصيان ].

    يقول: (المؤمنون في الإيمان يتفاضلون، وبصالح الأعمال هم متزايدون), وعقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص ويزول, يزيد بالطاعة, وينقص بالمعصية, ويزول بالكفر, فلا يكفرون بالكبيرة كما تقول الخوارج, ولا يجعلون صاحب الكبيرة في منزلة بين منزلتين كما تقول المعتزلة, وإنما يقولون: هو مؤمن بإيمانه وفاسق بكبيرته.

    وإذا استكثر الإنسان من المعاصي نقص إيمانه حتى يضعف, وحتى يبلغ مثقال ذرة, وإذا زادت حسناته تعاظم إيمانه وقوي حتى يبلغ مرتبة الصديقية والولاية, ولهذا نقول: إن الناس في طاعتهم على مراتب, والحسنات والسيئات بينها مغالبة, هذه تمحو هذه وهذه تمحو تلك, وأكثرهم وأعظمهم عملاً للطاعات أكثرهم محواً للسيئات, ولكن الشرك يمحو العمل الصالح كله, فإذا وجدت شعبة من شعب الكفر الأكبر زال الإيمان بالكلية ووجدت شعب الكفر كله, ولهذا نقول: إن الإيمان لا يكون في الإنسان تاماً إلا مع وجود مجموع شعب الإيمان, أما الكفر وجود فيكفي وجود شعبة واحدة منه, فمن ظهر منه مكفر ليس لأحد أن يقول: إنه يتصدق ويزكي ويصوم وغير ذلك؛ لأنه بوجود شعبة واحدة من الكفر يخرج عن الإيمان، فمن يسب الله أو يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ويزكي ويتصدق وغير ذلك فإن هذا موجب لخروجه من الملة.

    وعلى ما تقدم في قولنا: الإيمان: قول وعمل ونية أو قول وعمل واعتقاد, فإن هذه الأشياء لا تنافي زيادة الإيمان ونقصانه؛ وذلك كحال صلاة المغرب على ما تقدم, كيف يكون هذا؟ إذا قلنا صلاة المغرب ثلاثاً يبطلها المبطل, لا يعني ذلك أنها لا تزيد من جهة الأجر ولا تضعف, بل تزيد بالطاعة, والطاعة التي تزيد بها ولا تبطل بفقدانها كالخشوع, والسنن, والإطالة في السجود, وإطالة القراءة, فهذه طاعات تعظم بها الصلاة، وبفقدها أو ضعفها لا تزول الصلاة, لكن إذا كان الإنسان لا يقرأ أبداً في الصلاة, أو لا يسجد, فلا تصح صلاته لزوال ذلك منه.

    وكذلك أيضاً المنهيات, لا تبطل الصلاة كلها إلا ما دل عليه الدليل، وما لا يبطل الصلاة منها هو كالمحرمات التي لا تبطل الإيمان, ومثال ما لا يبطل الصلاة من المنهيات: النظر إلى السماء, فإنه باتفاق الأئمة الأربعة لا يبطل الصلاة, لكنه ينقص الأجر, كذلك أيضاً بسط الذراعين كبسط الكف, والإقعاء كإقعاء الكلب لا يبطل الصلاة لكنه ينقص من أجرها, وكذلك في المقابل المحرمات التي تطرأ على الإيمان, من النظر المحرم, أو الزنا, أو شرب الخمر، وغير ذلك, هذه محرمات تنقص الإيمان لكنها لا تفسده, فلا يبطل الإيمان ولا يبطل الصلاة إلا ما دل عليه الدليل؛ كانتقاض وضوء، وانحراف عن قبلة في الصلاة, وفي الإيمان كالسجود لغير الله, أو كلمة الكفر, أو اعتقاد الكفر وغير ذلك من المكفرات, أما ما دل الدليل على تحريمه فيبقى على تحريمه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089441316

    عدد مرات الحفظ

    785072102