إسلام ويب

صلاة النبي ووضوءه كأنك تراهللشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الصلاة أعظم الأعمال العملية، ومفتاحها الوضوء، وله أحكام ينبغي أن تتعلم حتى تصح الصلاة، وللصلاة كيفية معينة وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من التكبير حتى التسليم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد: فنحن في هذا المجلس نتكلم على مسألة مهمة، وقضية جليلة القدر، وهذه القضية تتعلق بركن من أركان الإسلام، ومسألة جليلة قد أمر الله سبحانه وتعالى بها في جميع الشرائع السابقة، وقد أمر بها كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهي: إقامة الصلاة.

    والصلاة لها مسائل متعددة، وأحكام متنوعة ينبغي لكل مسلم أن يتفقه وأن يتبصر فيها، وهذه المسائل يعلمها كثير من الناس على جهة الإجمال، ولكن يجهلون شيئاً من التدليل، أو يجهلون شيئاً من التفصيل، أو ربما شاع واشتهر عند كثير من الناس جملة من المسائل المرجوحة في أحكام الصلاة، ومضى عمل الناس عليها، والسنة في ذلك على الخلاف؛ لهذا كان من المهم أن يتفقه العامة والخاصة بأحكام هذه الصلاة.

    ونحن في هذا المجلس نتكلم على أحكام الصلاة وشيء من مقدماتها على سبيل الإجمال، وذلك لأهميتها، وجلالة قدرها.

    فضل الصلاة على بقية الشعائر العملية

    ويكفي أن الله سبحانه وتعالى أمر بها جميع أنبيائه، وجعلها شرعة ظاهرة من العبادات التي تدل على توحيد العابد لله سبحانه وتعالى؛ لهذا لما كانت الصلاة من أظهر وجوه التوحيد الظاهر لله جل وعلا كان صرفها لغير الله جل وعلا من أظهر وجوه الشرك؛ لهذا كان أكثر ما يصنعه الجاهليون في جاهليتهم من مظاهر الشرك: السجود لغير الله جل وعلا كالسجود لشجر أو حجر أو صنم أو كوكب وغير ذلك، وهذا دليل على أهمية الصلاة، سواء كانت سجوداً منفرداً، أو كانت بمعناها العام بالتوجه بالدعاء لغير الله جل وعلا، وهي داخلة في عموم هذا اللفظ.

    ركنية الصلاة في الإسلام

    الصلاة قد جعلها الله جل وعلا ركناً من أركان الإسلام كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير ما خبر، كما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً )، وجاء هذا أيضاً حينما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام بالصلاة قارناً لها بالتوحيد، حينما سأله جبريل كما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة ، وفي مسلم من حديث عبد الله بن عمر عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى أن جبريل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلاً ).

    أهمية الصلاة من جهة حكم تاركها

    ولأهمية الصلاة كان الصحابة عليهم رضوان الله تعالى يبينون منزلتها، وكذلك جاء بيان منزلة عاملها عند الله سبحانه وتعالى في نصوص كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك أن الله جل وعلا قد صدرها في أول قائمة العبادات العملية البدنية؛ وذلك لما لها من مكانة عظيمة جليلة القدر، ويكفي في ذلك أن الشارع الحكيم ما نص على أن ثمة شيئاً من الأعمال إذا تركه الإنسان من أعمال الإسلام يكفر به من الأعمال البدنية إلا الصلاة، وهذا ظاهر في جملة من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكفي في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً -كما في السنن وغيرها- من حديث بريدة أنه قال: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ).

    والصلاة هي الفيصل بين المؤمن والكافر، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتنون بها عناية بالغة، حتى في أحلك الظروف وأصعبها، ويكفي في هذا أن الشارع الحكيم أوجبها على الإنسان حتى في حال الخوف، فإذا كان في حال الخوف، وفي وجاه العدو، وفي جبهة من الجبهات فإنه يحرم عليه أن يفوت أداء هذه الصلاة، ويجب عليه أن يؤديها متى استطاع وأمكنه ذلك؛ ولهذا شرع في الإسلام صلاة الخوف، وهي على صور وأحكام متعددة، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكدون عليها، وكذلك يظهر من عملهم الحرص عليها، كما جاء عند عبد الرزاق من حديث عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس أنه قال: لما طعن عمر احتملته أنا ونفر من الأنصار حتى أدخلناه منزله، فلم يزل في غشية واحدة حتى أسفر، فقال رجل: إنكم لن تفزعوه بشيء إلا بالصلاة، قال: فقلنا: الصلاة يا أمير المؤمنين! قال: ففتح عينيه، ثم قال: أصلى الناس؟ قلنا: نعم، فقال: أما إنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى وجرحه يثعب دماً. والمراد من هذا أنه في هذه الحال لم يفوت الصلاة، كذلك أصحابه لم يفوتوا عليه الصلاة، فقالوا: إنه جريح وضرير، وينبغي له أن يرتاح وأن يدع الصلاة، وأن يفوتها لهذه الحال للضرورة، ولكن حرصوا على ذلك.

    وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين أنها النجاة والنور للإنسان يوم القيامة كما روى الإمام أحمد و ابن حبان و الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من حافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بها كن له نوراً ونجاة وبرهاناً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا نجاة ولا برهاناً يوم القيامة، وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف )، والمراد من هذا أن الإنسان إذا حشر مع كافر فالأصل أن له حكمه، وأنه إذا حشر مع مؤمن فله الحكم كذلك.

    وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكى عنهم الإطباق والإجماع أنهم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة كما روى ذلك الترمذي من حديث عبد الله بن شقيق.

    كذلك كان التابعون كما روى محمد بن نصر المروزي من حديث أيوب بن أبي تميمة أنه قال: ترك الصلاة كفر لا نختلف فيه. وقد حكى غير واحد من العلماء أن تارك الصلاة كافر، على خلاف عند جماعة من العلماء من المتأخرين: هل هذا الكفر هو من الكفر الأكبر المخرج من الملة أو من الكفر الأصغر؟.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088797028

    عدد مرات الحفظ

    779101447