إسلام ويب

طرق استنباط الأحكام الفقهية من السنةللشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للسنة النبوية مكانة عظيمة في الإسلام؛ فهي وحي من عند الله تعالى، ويحتاج أهل العلم أن يرجعوا إليها ليستنبطوا الأحكام الفقهية منها، ومن الطرق المعينة للاستنباط: كثرة المحفوظ منها، ومعرفة المصطلحات الشرعية والأقوال السلفية، ومعرفة لغة العرب التي وردت بها السنة, وأسباب ورود الحديث, والحذر من أسباب الخطأ في الاستنباط؛ كالاعتماد على أقوال المتأخرين دون المتقدمين في فهم النصوص الشرعية, وما أشبه ذلك.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    فعنوان مجلس هذا اليوم: هو كيفية استنباط المسائل الفقهية من السنة النبوية، وهذا العنوان من الأهمية بمكان، وهو الدلالة التامة لمعنى الفقه في دين الله سبحانه وتعالى، وذلك أن الإنسان إذا لم يؤت فهماً ولم يؤت استنباطاً لم يكن من أهل الفقه على الإطلاق، ومن آتاه الله جل وعلا درايةً وفهماً وقدرةً على معرفة السياقات والدلالات فقد آتاه الله سبحانه وتعالى أسباب الفقه ووسائله التي توصله إليه، وهذا من الأمور التي ينبغي أن يعتني بها طالب العلم، وأن يعتني بها المتعلم أياً كان مستوى تعليمه.

    مكانة السنة النبوية ومنزلتها

    الله سبحانه وتعالى أنزل كتابه العظيم, وأنزل سنته على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلها وحياً تاماً به صلاح البشرية التي لا يمكن أن تستقيم في أمر دينها ودنياها إلا بهذا الوحي، وجعل الله سبحانه وتعالى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كالقرآن من جهة الاحتجاج، فقد بين تعالى أن السنة وحي يتلى, كما جاء في قول الله جل وعلا: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4].

    وكذلك قال غير واحد من العلماء: إن سنة النبي صلى الله عليه وسلم نزل بها جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نزل بالقرآن؛ ولهذا قد قال غير واحد من العلماء: إن السنة وحي يتلى، أي: كما يتلى القرآن، وقد نص على هذا الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه الرسالة, وكذلك ابن حزم الأندلسي في كتابه الإحكام, وغيرهم من العلماء، فالسنة هي كالقرآن من جهة الاحتجاج, وهي وحي يتلى ينبغي للإنسان أن يتعبد به حفظاً ومعرفةً وفهماً وعملاً كما يتعبد بالقرآن؛ ولهذا من قال: إن القرآن هو الحجة فقط مجرداً عن السنة فهو على طريق من طرق الزنادقة الذين أرادوا أن يتملصوا من الإسلام، ولكن بطريقة الاجتزاء أو أخذ شيء وترك شيء، كطرائق أهل الكتاب الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.

    جمع العلماء للسنة وتدوينهم لها

    السنة النبوية كثيرة متوافرة، وقد جمعها العلماء وكفوا الأمة التي تأتي بعدهم جمعها وكذلك تدوينها، وكذلك تمييز الصحيح من الضعيف غالباً، فقد جمعوا ذلك وأحصوه في مدونات معلومة هي موجودة حتى عند المتأخرين بأسانيدهم إلى أولئك الأئمة.

    لما حفظت السنة في هذه الكتب قل الحفظ عند العلماء وعند طلاب العلم, وأصبحوا يعتمدون على هذه الكتب وبقيت آلة الفهم، إلا أن الحفظ من جهة أهميته من الأمور المهمة للعالم ولطالب العلم؛ وذلك أن الإنسان إذا لم يكن من أهل الحفظ والدراية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضعف لديه السبر وضعف لديه القياس وإلحاق النظائر والمتشابهات ونحو ذلك، فإذا لم يكن لديه مخزون من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يضعف لديه الاستنباط ويضعف لديه القياس واستحضار الأدلة والتدليل عليها عند الحاجة إليها، وكذلك رد حجة المبطل حينما يحتج بشيء من الأهواء أو من الأقيسة، فإذا لم يكن الدليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاضراً ضعف الإنسان عن رد ذلك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088812743

    عدد مرات الحفظ

    779205227