إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الصلاة [1]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اختلف أهل العلم في كفر تارك الصلاة كفراً يخرجه من الملة، والجمهور على عدم القول بذلك ومما استدلوا به حديث: (ومن ضيعهن فليس له عهد عندي, إن شئت عذبته, وإن شئت أدخلته الجنة)، لكن هذا الحديث معل، ففي سنده عبد الرحمن بن الحارث، وقد تكلم فيه بعض الأئمة، أما حديث: (من الكبائر الجمع بين الصلاتين بلا عذر) فقال بعضهم: ليس له أصل.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد, وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    أول أحاديث اليوم هو حديث كعب بن عجرة عليه رضوان الله تعالى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ومن ضيعهن )، يعني: الصلوات ولم يحافظ عليهن ( استخفافاً بحقهن فليس له عهد عندي, إن شئت عذبته وإن شئت أدخلته الجنة )، هذا الحديث قدسي، رواه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه جل وعلا، وهذا الحديث بهذا اللفظ منكر, أخرجه الإمام أحمد وغيره، وموضع النكارة فيه هو في قوله: ( ومن ضيعهن فليس له عهد عندي, إن شئت عذبته, وإن شئت أدخلته الجنة ) .

    هذا الحديث يستدل به بعض العلماء على أن تارك الصلاة بالكلية لا يكفر, وهو تحت مشيئة الله جل وعلا، وحديث كعب بن عجرة هذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق متعددة وليس فيه هذه اللفظة: ( ومن ضيعهن استخفافاً بحقهن )، وإنما المراد بالتضييع هنا: التخلف عن الوقت، وعدم الإتيان بها مع تمام ركوعها وسجودها.

    ويؤيد هذا: أن الحديث قد رواه الإمام أحمد وغيره من حديث عبد الرحمن بن النعمان عن إسحاق بن سعد بن كعب بن عجرة عن أبيه عن كعب بن عجرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فيه لفظة التضييع، وإنما فيه أنه لم يعط الصلاة حقها، واللفظ الأول وهو حديث كعب بن عجرة بلفظ: ( ضيعهن )، هذا الحديث منكر، فقد أنكره الحافظ ابن رجب رحمه الله كما في كتابه الفتح، وهو ظاهر صنيع محمد بن نصر المروزي وغيرهم.

    وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عبادة بن الصامت أيضاً، رواه الإمام مالك في كتابه الموطأ، ورواه الإمام أحمد في كتابه المسند، من حديث يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن رجل من كنانة عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن ربه: ( ولم يأت بها ) يعني: الصلاة، ( فليس له عهد عندي, إن شئت عذبته وإن شئت أدخلته الجنة )، وحديث عبادة بن الصامت بهذا اللفظ حديث منكر، وذلك للجهالة في إسناده.

    وقد جاء من وجه آخر وليس فيه: (ولم يأت بها)، وإنما (لم يتم ركوعها وسجودها )، وذلك أنه قد جاء من حديث عطاء بن يسار عن الصنابحي عن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الصواب في حديث عبادة.

    وحديث عبادة هذا هو الحديث المشهور أن رجلاً من بني كنانة سمع رجلاً يقول: إن الوتر واجب، فأخبر بذلك عبادة بن الصامت فقال: كذب أبو محمد، فذكر ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    أدلة كفر تارك الصلاة

    ومسألة فرض الصلاة ليست موضع إيراد عند العلماء، وإنما الذي هو موضع إيراد هو أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنص صريح صحيح يكون فيه تارك الصلاة بالكلية ممن هو تحت المشيئة كحال أصحاب الكبائر، وإنما ظواهر النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث جابر بن عبد الله، وبريدة بن الحصيب أن ( الرجل بينه وبين الشرك ترك الصلاة )، كما جاء في مسلم من حديث جابر، وجاء في المسند والسنن من حديث بريدة : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر )، وكذلك ظاهر إجماع الصحابة فيما يرويه بشر بن المفضل عن الجريري عن عبد الله بن شقيق أنه قال: ( ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ) .

    وهذا قد جاء عن أيوب بن أبي تميم السختياني كما رواه محمد بن نصر وغيره من حديث حماد بن زيد عن أيوب وهو من أجلة فقهاء التابعين، قال: ترك الصلاة كفر لا نختلف فيه، وهذا هو الوارد عن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى كما جاء عن سعد بن أبي وقاص، وروي في ذلك جملة من النصوص وفيها ضعف، فقد جاء هذا عن عبد الله بن مسعود، وجاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وروي هذا عن جماعة من التابعين كـسعيد بن جبير، والحكم، وجاء عن جماعة من الأئمة كالإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه وغيرهم.

    وهذه المسألة وهي مسألة النصوص التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام وتحتمل أن تارك الصلاة تحت المشيئة؛ لا يثبت منها شيء على الإطلاق.

    وثمة نصوص واهية جداً في هذا الموضوع ولسنا بحاجة إلى إيرادها.

    وهذا الحديث حديث كعب بن عجرة من الأحاديث المشهورة التي يكثر إيرادها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان عدم كفر تارك الصلاة, مع ظهور النصوص عن النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك، إلا أن العلماء من المتأخرين يقولون: نقر بثبوت اللفظ في الكفر ولكن لا نقر بكون ذلك اللفظ من الكفر الأكبر, وإنما هو من الكفر الأصغر.

    والذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو في إثبات إسلام الرجل الذي يترك الصلاة الواحدة والصلاتين والثلاث، كما جاء في مسند الإمام أحمد من حديث شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم ( أن رجلاً منهم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يبايعه على أن لا يصلي إلا صلاتين, فبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك )، وهذا إسناده صحيح، والمبايعة لا تكون على الكفر ولكنها قد تكون على شيء من التدرج من باب قبول الذنب؛ درءاً للشرك وهو الكفر الأكبر المخرج من الملة.

    ويتكلم العلماء على هذه المسألة، وثمة مصنفات لجماعة من العلماء، قد أورد محمد بن نصر المروزي في كتابه تعظيم قدر الصلاة جملة من النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن السلف الصالح في أبواب التكفير وعدمه لتارك الصلاة، وذكر إجماع السلف على كفر تارك الصلاة, وإنما الخلاف في تحقق ذلك الكفر، هل هو من الكفر الأكبر أو من الكفر الأصغر.

    علة ضعف حديث كعب

    حديث كعب بن عجرة عليه رضوان الله تعالى علته من عبد الرحمن بن الحارث وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، كالإمام أحمد ويحيى بن معين، وأبي حاتم، وهو ضعيف في حفظه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088562237

    عدد مرات الحفظ

    777344699