إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الصلاة [7]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تكلم علماء العلل في جملة من الأحاديث الواردة في الصلاة إلى جهة عند جهل القبلة، ومن ذلك حديث جابر وفيه: ( وصلى كل واحد منا وحده) وهو معل؛ لضعف بعض رواته وجهالة بعضهم، كما أن هناك أحاديث وردت في وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر، وقد تكلم فيها العلماء بأن هذه الزيادة منكرة ولا تثبت.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فنتكلم على شيء من الأحاديث المعلة في الصلاة في هذا المجلس.

    وأول هذه الأحاديث: هو حديث جابر بن عبد الله عليه رضوان الله تعالى قال: ( سافرنا في سرية فأصابنا غيم فتحرينا القبلة ولم نجدها فصلى كل واحد منا وحده, ووضع كل واحد خطاً فلما أصبحنا رأينا أنا صلينا إلى غير القبلة فأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أجزت صلاتكم ) .

    هذا الحديث حديث جابر بن عبد الله روي بألفاظ متعددة، أخرجه الدارقطني و البيهقي ، وكذلك الحاكم في كتابه المستدرك من حديث محمد بن سالم أبي سهل عن عطاء عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث معلول بعدة علل:

    أولها: أن هذا الحديث جاء من حديث محمد بن سالم أبي سهل وهو واهي الحديث، كذلك أيضاً: فإن محمد بن سالم كوفي ويروي عن عطاء عن جابر بن عبد الله هذا الحديث وتفرد به، ومفاريد الكوفيين عن الحجازيين من المتون الثقيلة التي يحترز فيها العلماء، يحترز في قبولها العلماء خاصة إذا كان الراوي مما يستنكر حديثه.

    ولهذا نقول: إن مفاريد أصحاب الآفاق إذا تفردوا بشيء من المعاني الجليلة فإن هذا مما يستنكر غالباً ويسميه العلماء بالمنكر، وهذا تفرد به محمد بن سالم أبو سهل وهو ممن ضعف في حديثه، وجاء هذا الحديث من وجه آخر رواه الدارقطني ، وكذلك البيهقي من حديث أحمد بن عبيد الله بن الحسن قال: وجدت في كتاب أبي عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عطاء عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر القصة بنحوها.

    وهذا الحديث أيضاً معلول بعدة علل، منها: أن أحمد راوي هذا الحديث لا تعرف حاله، وكذلك يروي عن محمد بن عبيد الله العرزمي وجادة فيقول: وجدت في كتاب أبي، وما يجده الإنسان في كتاب غيره نقول: إذا كان صاحب الكتاب ليس بضابط وكذلك الناقل ليس بضابط فإن هذا مما يرد؛ وذلك أن الأئمة وكذلك الرواة إذا حدثوا بحديث من الأحاديث ربما يكتبونها وهماً تحتاج إلى مراجعة بعد ذلك فتكون هذه من التقييدات التي تحتاج إلى مذاكرة وضبط، فما يوجد وجادة في بعض كتب الرواة فهذا مما ينبغي أن يحترز فيه الراوي.

    ومنها رواية أحمد بن عبيد الله هنا وهو مجهول ووجد في كتاب أبيه، وهذه الوجادة أصلاً مما يتحفظ فيها العلماء فكيف وراويها مجهول؟ كذلك أيضاً محمد بن عبيد الله العرزمي ضعيف الحديث جداً بل قد تركه غير واحد من الأئمة. وقد جاء هذا الحديث من وجه آخر رواه الحارث بن أبي أسامة في كتابه المسند من حديث الحارث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عطاء عن جابر بن عبد الله وهو معلول بـالعرزمي فالعلة باقية.

    إذاً: هذا الحديث من جهة الإسناد جاء من وجهين:

    الوجه الأول: من حديث محمد بن سالم وهو أبو سهل عن عطاء عن جابر بن عبد الله .

    الوجه الثاني: من حديث محمد بن عبيد الله العرزمي عن عطاء عن جابر بن عبد الله .

    إذاً: يرويه عن جابر رجلان: محمد بن سالم ، و محمد بن عبيد الله ، وكلهم لا يحتج به، وقد ضعف هذا الحديث غير واحد من الحفاظ، ضعفه الدارقطني ، و البيهقي ، و أبو الفرج بن الجوزي ، وغيرهم على أن هذا الحديث مما لا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام.

    وأما بالنسبة للحديث الذي جاء فيه معنى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ( أصبتم، أو أجزت صلاتكم )، ونحو ذلك حال تحيرهم في القبلة نقول: إن هذا لا يثبت فيه شيء، والآية في ذلك صريحة: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115]، يعني: على العموم، وإن كانت هذه آية نزلت في موضع آخر يأتي الكلام عليه بإذن الله.

    إذاً: في حال جهل الإنسان للقبلة وصلاته إليها فإنه لا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام حكم في هذه المسألة، وإنما جاءت فيها العمومات من التيسير وعدم التشديد؛ ولهذا نقول: إن الإنسان إذا صلى إلى غير القبلة وتحرى فإن صلاته صحيحة لظاهر القرآن، وأما ما جاء في هذا الحديث فإنه لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088535042

    عدد مرات الحفظ

    777185190