إسلام ويب

النوازل في الحجللشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • مع تطور حياة الناس استجد في الحياة أشياء كثيرة، وقد تكون هذه المستجدات لها ارتباط ببعض العبادات، كعبادة الحج؛ ولذلك نظر الفقهاء الراسخون إلى هذه المستجدات والنوازل في الحج فبينوا الحكم الشرعي فيها، ومن تلك النوازل: استعمال المنظفات المعطرة، وركوب العربات الكهربائية في السعي, ورمي الجمرات من على الجسور.

    رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيّن حدود الحرم -حرم المدينة-، كما جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( المدينة حرمٌ ما بين عيرٍ إلى ثور )،وهذا الحديث قد جاء في الصحيح وإن كان قد تكلم في بعض ألفاظه بعض العلماء، وقد أشار إلى هذا بعض الشراح؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: ( المدينة حرمٌ ما بين عيرٍ إلى ثور ) ؛ قالوا: فإنه لا يوجد في المدينة جبلٌ يسمى ثوراً, وإنما هو بمكة، وتأولوا هذا الخبر على تأويلات، منهم من قال: إن المراد بثور هو أُحد، ووهم بعض الرواة فنقله، وقد ذهب إلى هذا جماعة من المحققين من أهل اللغة كـأبي عبيد القاسم بن سلام وجماعة أيضاً ممن يعتني بالبُلدانيات كـالزبير بن بكار ومصعب، كذلك الزبيري وغيرهم، ومنهم من قال: إن المراد بذلك تقدير المسافة كما بين عير إلى ثور بمكة، وذهب إلى هذا ابن قدامة عليه رحمة الله تعالى في كتابه المُغني.

    والذي يظهر -والله أعلم- أن ثمة جبلاً بالمدينة يسمى ثوراً، وقد نص على هذا غير واحد ممن اعتنى بالبلدانيات كـياقوت الحموي في كتاب المعجم، ووهم من غلّط الرواة في ذلك؛ فإنهم جماعة من الرواة الثقات قد تواطؤوا على ذلك، والتوهيم والتغليط في ذلك فيه نظر؛ ولهذا قد أشار الحافظ ابن حجر عليه رحمة الله تعالى -حال كلامه عند هذا الحديث- أن كثيراً من الرواة حينما يروون هذا الخبر لا يذكرون ثوراً فيه، فيقولون: المدينة حرمٌ ما بين عيرٍ إلى كذا، فيذكرون (كذا) كأنهم تشككوا من ذكر لفظ (ثورٍ) فيه.

    ومنهم من يقول: (ما بين عيرٍ إلى أحد)؛ تغليباً لهذا الأمر.

    يقول المحب الطبري: قد حدثني العالم الحافظ الثقة المجاور بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد السلام البصري: أن ثمة جبلاً بالمدينة يسمى ثوراً وهو خلف جبل أُحد، فيكون حينئذٍ جبل أُحد داخلاً في حرم المدينة، ونصّ على هذا غير واحد من الأئمة كـابن تيمية عليه رحمة الله تعالى وغيره.

    المراد من ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدد بعلامات مشروعة يراها الناس؛ لكي لا يتجاوزها الناس وهذا هو المقصود؛ فإنه إن لم يكن للعلامات الشرعية حدود من الطبيعة أو من جهة الوضع، لم يحصل المقصود من جهة التحديد، ولم تُعرف الأماكن؛ ولهذا جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمسجده حدوداً وسوراً يحدّهُ، فيُشرع فيه الصلاة، ويُشرع فيه الاعتكاف، فإن خرج عن ذلك جاز في ذلك المكان ما لا يجوز في المسجد، فالنبي صلى الله عليه وسلم حجراته -وهي حجرات أزواجه- كانت متلاصقات، وأقربهن حجرة عائشة عليها رضوان الله تعالى، كان لها باب إلى مسجده وباب إلى خارج مسجده، ويتجوّز رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرتها ما لا يتجوّز في ذلك المسجد من الحدود التي قد جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه يُعلم أن تلك الحدود إذا كان ثمة مصلحة في إعادة توضحيها وبيانها بمعالم ورُسم ونحو ذلك، كتحديد المواقيت لكثرة الوافدين، أو كثرة الواردين على ذلك ممن يحتاج إلى وضع الألواح بلغاتٍ متباينة ووضع الحدود ونحو ذلك، وكذلك وضع الحدود في المشاعر من بيان حدود عرفة ومزدلفة ونحو ذلك؛ فإن هذا من المشروع.

    ويلحق في هذا صور يأتي الكلام عليها كمسألة الخط في المطاف، ومسألة العلمَين في المسعى ونحو ذلك. وأصل هذه.

    ولكن يقال من جهة التأصيل: إن هذا مشروع، وهو من المقاصد الشرعية، وقد تقدمت الإشارة إلى بعض الأدلة في ذلك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088816886

    عدد مرات الحفظ

    779223415