إسلام ويب

إن الحكم إلا للهللشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله تبارك وتعالى يدبر الكون بحكمه القدري وحكمه الشرعي، وحكمه الشرعي يتنوع إلى حكم شرعي لازم وحكم شرعي متعدٍّ، والمخالفة لحكم الله في الكون قد تستنزل العقوبات على قدر المخالفات، ولكن صلاح العباد وإصلاحهم قد يدفع العقوبة أو يخففها.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق، ودبر هذا الكون وسيره، وجعل حكمه سبحانه وتعالى إليه ليس لأحد من خلقه، فالله جل وعلا يدبر الأمور، ويصيرها، لا يشاركه في ذلك أحد من مخلوقاته، وإن نازعه أحد بقوله أو بفعله، فإن ذلك من أمور المنازعة الصورية، يمهل الله جل وعلا بها المنازع إلى أجل معلوم، ثم يؤاخذه الله سبحانه وتعالى بجريرته ومنازعته تلك، والله سبحانه وتعالى متصرف في ملكه، وكل ما عدا الله جل وعلا هو الكون المخلوق، ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن جعل العباد في هذه الأرض مختلفين، متباينين من جهة الإدراك والنظر، والتمييز بين الخطأ والصواب.

    وهذه الحكمة البالغة هي أصل الصراع والامتحان والاختبار الذي جعل الله جل وعلا الناس عليه، فكانوا يتقلبون بين خطأ وصواب، وبين حق وباطل، ويغلب الحق الباطل تارة، ويغلب الباطل الحق تارة أخرى، وذلك لاعتبارات دقيقة وحكم عظيمة تخفى على كثير من الخلق؛ وذلك أن الإنسان ربما يكون معه شيء من الباطل الذي يأخذه بحسن قصد، فيقابله صاحب حق أخذه بسوء نية وطوية، فتغلب نية الباطل الحقة نية الحق الفاسدة؛ ولهذا يكون الإنسان في مصارعة بين باطنه وظاهره، فالحق كما أن له ظاهراً كذلك فإن له باطناً أيضاً؛ ولهذا فإن الله جل وعلا في تصرفه في الكون له اعتبارات وحكم تخفى على الخلق بمجموعها، وإن علموا شيئاً منها؛ ولهذا تظهر كثير من معاني صفات الله جل وعلا وأسمائه لمن تأمل سنن الله جل وعلا في الكون.

    والله سبحانه وتعالى حينما خلق الخلق وسير الخليقة على نظام معلوم، جعل الإنسان بعقله يخالف مراد الله سبحانه وتعالى فيما حدده له من جهة المعمول الشرعي، ولكنه يسير وفق نظام محدود بما يقدره الله جل وعلا له؛ ولهذا من انحرف عن أمر الله سبحانه وتعالى ومراده، وخرج عن قضاء الله الشرعي وتكليفه سبحانه وتعالى لعبده المكلف كان ذلك الخارج أقل مرتبة من الجماد، وذلك أن الجماد لا يوجه إليه الخطاب الشرعي، وإنما يوجه إليه الأمر القدري، فإذا وجه إليه الأمر القدري من الله سبحانه وتعالى ولم يخرج عنه كان متفوقاً على من وجه إليه الخطاب القدري ووجه إليه الخطاب الشرعي فخالف الشرع، وصار على القدر الذي شارك معه الجماد، فامتاز عنه حينئذٍ الجماد وفاق؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى جعل البهائم خيراً من الكفار، وجعل الله سبحانه وتعالى الكفار أضل سبيلاً من الأنعام.

    إن الله سبحانه وتعالى إذا علمنا أن الكون هو خلق الله جل وعلا، فخالق الكون هو أولى بالتصرف والتدبير، فإذا كان الإنسان يملك أرضاً، او يملك داراً أو بستاناً فهو أولى الناس بالتصرف، والذي يدخل على تلك الأرض أو ذلك البستان أو تلك الدار هو ظالم متعدٍّ إلا بإذن صاحبه وتشريعه له، فإذا تعدى من غير رخصة من صاحبه فإنه ظالم لنفسه وظالم لغيره، والله جل وعلا له المثل الأعلى في ذلك، وتصريف الله سبحانه وتعالى للناس.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089196995

    عدد مرات الحفظ

    782695012