إسلام ويب

إن خير من استأجرت القوي الأمينللشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد كلف الإنسان بحمل الأمانة التي تعني جميع التكاليف الشرعية بينه وبين ربه، وبينه وبين خلق الله، وللأمانة مع القوة أهمية كبيرة في صلاح الأعمال الدينية والدنيوية ونجاحها، فإذا تخلف أحد هذين الشرطين لم تنجح الأعمال كما يراد لها.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    أيها الإخوة الكرام! فإن الله قد جعل الأمانة موضوعة على أعناق وأكتاف بني آدم، وهذا حمل عظيم جليل القدر يجب على الإنسان أن يؤديه.

    وينبغي أن يعلم أن الأمانة على مراتب، وهذه المراتب تتباين بحسب ما يجب على الإنسان أن يؤديه لغيره، وما يجب على الإنسان أن يصدر منه، والله سبحانه وتعالى عرض الأمانة، فقال جل وعلا: إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا [الأحزاب:72].

    إن الله سبحانه وتعالى قد وضع الأمانة على أكتاف بني آدم؛ ولهذا قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: (( وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ ))، والمحمول غالباً يكون على الأكتاف، إشارة إلى ثقله، وشدة ذلك المحمول، وهذه الأمانة أمانة معنوية يتحملها الإنسان إذا كان صاحب جأش شديد، وبال عظيم، وصاحب نهج قويم، فإنه يسلك المسلك الحق في إيصال تلك الأمانة.

    إن الأمانة التي عرضها الله جل وعلا على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها هي: جميع ما يجب على الإنسان تجاه ربه، وما يجب على الإنسان لغيره، وهذه على مراتب يجب على الإنسان أن يتبصر وأن يتفقه فيها.

    وتلك الأمانة لا شك أن الإنسان يطيقها حملاً ويطيقها أداءً، وإلا فالله جل وعلا لا يكلف الإنسان بما لا يطيق؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ))[البقرة:286]، وقال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق:7]، فالكلفة على قدر استطاعة الإنسان؛ لهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )، وهذا فيه إشارة إلى أن الإنسان ينبغي له في حال الامتثال أن يؤدي ذلك على قدر طاقته وسعته، وأما إذا كان ذلك زائداً عن القدر والطاقة فإن الإنسان لا يكلفه الله إلا حسب وسعه، وأما بالنسبة للكلفة والمشقة التي يجدها الإنسان فهذا أمر طبيعي؛ لأن الله عز وجل خلق الإنسان في كبد، والحياة الدنيا بحاجة إلى مكابدة، وبحاجة إلى مجاهدة ومقاومة، وهذا أمر معلوم؛ لهذا أثبت الله الكلفة، وأثبت الاستطاعة للإنسان، وأن حد الكلفة ينتهي عند حد عدم الاستطاعة؛ لهذا قال الله جل وعلا: (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )).

    وهذا يعني أن الإنسان لا يكلف إذا عجز عن أداء تلك الأمانة إلى غيره، وهذه الاستطاعة ليس مردها إلى ذوق الإنسان وحسه، وليس مردها أيضاً إلى رغباته التي يشغل قلبه شيء منها، فإذا عمر الإنسان قلبه بشيء من لذائذ الدنيا من المال ونحو ذلك، فإنه ربما فرط بالمصالح الأخرى مما يتعلق ببر الوالدين، أو صلة الأرحام، أو حق الجوار ونحو ذلك لأجل درهم أو دينار يطارده يمنة ويسرة؛ لأن قلبه قد عمره بحب الدينار والدرهم، فظن أنه إذا انصرف إلى شيء من الواجبات الشرعية فإن ذلك يفرط أو يفوت عليه حظه من الدنيا، والدنيا حينما يتعلق بها الإنسان تعلقاً زائداً يفرط في حق الله جل وعلا فيما يقابلها، ولهذا كثير من الناس يقول: إني لا أستطيع أن أفعل كذا وكذا، فإذا محضت تلك الاستطاعة التي ينفيها الإنسان وجد أن ذلك الميزان الذي يرجع إليه قد اختل عنده فاختل في أبواب النتائج، وهذا أمر معلوم، وهذا في جميع الأبواب وجميع الأنواع فيما يصدر من الإنسان أو تقييم الإنسان.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088808941

    عدد مرات الحفظ

    779186079