إسلام ويب

تفسير سورة الفاتحةللشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • سورة الفاتحة من السور العظيمة التي خصها الله بخصائص، كقراءتها في كل ركعة, وتسميتها صلاة، وجعلها رقية، وغير ذلك، وقد اشتملت هذه السورة الكريمة على إفراد الله بالحمد والعبادة والاستعانة، والثناء عليه بالملك والرحمة، والحث على الدعاء بالهداية إلى طريق الحق المجانب لطرق أهل الباطل من اليهود والنصارى وغيرهم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    فنحن في هذا المجلس بإذن الله تعالى نتكلم على شيء من تفسير سورة الفاتحة أو السبع المثاني، وهذه السورة هي من عظائم السور التي امتن الله عز وجل بها على نبيه وعلى هذه الأمة.

    هذه السورة الكريمة فيها من جليل المعاني، ومن الأمور المهمة والمقدمات الجليلة التي ينبغي أن نقدمها في صدر الكلام على تفسير هذه السورة:

    فأقول: ينبغي لكل طالب علم أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أنزل وحيين على رسوله صلى الله عليه وسلم متلازمين من جهة الحجة وقيامها على هذه الأمة، أولهما: كتابه سبحانه وتعالى القرآن العظيم، ثانيهما: سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فهي وحي من الله عز وجل كما أوحى الله عز وجل القرآن على رسوله، نزل بهذه السنة جبريل عليه السلام على رسوله كما نزل بالقرآن، ولهذا يقول حسان بن عطية كما روى الخطيب، قال: نزل جبريل بالسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نزل بالقرآن.

    وكذلك أيضاً فإن سنة النبي عليه الصلاة والسلام موصوفة بالكتاب، فإذا أطلق كتاب الله فيراد به القرآن ويراد به السنة، وهذا استعمله النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما موضع من كلامه عليه الصلاة والسلام، وربما يفترقان فيسمى القرآن: بالكتاب، وتسمى السنة: بالحكمة؛ ولهذا يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا [البقرة:269]، والحكمة: هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم على قول غير واحد من المفسرين، والكتاب: هو القرآن: وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [آل عمران:48]، فالكتاب: القرآن، والحكمة: هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما فسر ذلك غير واحد: كـابن عباس وابن مسعود وغيرهم من المفسرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والسنة موصوفة بالتلاوة كالقرآن كما قال الشافعي رحمه الله: السنة وحي يتلى، وقاله ابن حزم رحمه الله أيضاً، يتعبد الإنسان بتلاوتها كما يتعبد بالقرآن، إلا أن الله عز وجل قد جعل للقرآن مزيد خصائص وفضل من جهة الأجور ومن جهة اختصاصه بمواضع من حال الإنسان وعبادته كالقراءة في الصلاة وغير ذلك، فكان لكلام الله عز وجل جملة من الخصائص باعتبار أن حروفه ومعانيه من الله جل وعلا، وأما سنة النبي صلى الله عليه وسلم فالمعاني من الله والحروف هي من رسول الله صلى الله عليه وسلم غالباً توصل مراد الله بالمعنى الذي يفهمه الناس، وهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فتدبرها وتأملها والعناية بها من الأمور المتحتمة على طالب العلم.

    وقرنها بكلام الله جل وعلا من جهة معرفة البيان ومعرفة التفسير، ومعرفة العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ من المنسوخ، ومعلوم أن سنة النبي عليه الصلاة والسلام لها أثر في القرآن أكثر من العكس وكلها وحي؛ وذلك أن سنة النبي عليه الصلاة والسلام مفسرة لما أجمل من القرآن ومبينة له ومقيدة لما أطلق وناسخة لما نسخ منه؛ ولهذا السنة تنسخ القرآن أكثر من أن ينسخ القرآن السنة.

    ولهذا فمعرفة المعاني في كلام الله عز وجل لا بد لها من معرفة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم المقترن بها، حتى يصبح الإنسان عالماً بكلام الله عز وجل كما يريد الله لا كما يريد الإنسان؛ لأن في القرآن من الإطلاقات والعمومات ما لا تحمل على ظاهرها؛ ولهذا يقول العلماء عليهم رحمة الله: إن القرآن غائي، والمراد بالغائي، يعني: معانيه تطلق إلى مرتبة الغاية، بخلاف السنة: السنة تفصيلية فتفصل الأحكام وتبينها ولا يراد من ذلك الغاية؛ ولهذا تجد في كلام الله جل وعلا من معاني الصلاة أشياء متنوعة: منها العبادة، ومنها غيرها، وغالباً في كلام النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة المراد بها الصلاة المعروفة المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088781684

    عدد مرات الحفظ

    778993564