إسلام ويب

شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري [5]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإيمان يزيد وينقص، فيزيد بالعمل الصالح، كالصلاة والزكاة واتباع الجنائز وأداء الخمس وغير ذلك، ولا يزال إيمان العبد يزيد حتى يحسن، فيعظم الأجر لصاحبه حينئذٍ، وكما أن الإيمان يزيد بالطاعة فهو ينقص كذلك بالمعصية، بل ينقص بكثرة الوقوع في الشبهات، لذا وجب على العبد أن يستبرأ لدينه، وأن يخاف من حبوط عمله.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد: فاللهم إنا نسألك الفقه في الدين وعلم التأويل.

    قال الإمام البخاري رحمنا الله وإياه: [ باب الصلاة من الإيمان. وقول الله تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ[البقرة:143] يعني: صلاتكم عند البيت.

    حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا أبو إسحاق، عن البراء ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار، وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قوم فخرج رجل ممن صلى معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك )، قال زهير: حدثنا أبو إسحاق، عن البراء في حديثه هذا أنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ[البقرة:143] ].

    قول المصنف رحمه الله في هذا الباب: (باب الصلاة من الإيمان) هو نظير ما تقدم الإشارة إلى أن العمل من الإيمان، ولكن في قوله هنا: (باب الصلاة من الإيمان) مع أن الله سبحانه وتعالى قد جعل الصلاة هي الإيمان، كما في الآية التي ذكرها في الترجمة وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ[البقرة:143]، يعني: أن الله سبحانه وتعالى قد جعل الصلاة من الإيمان، وليست الإيمان كله، وهذا ظاهر ترجمة المصنف رحمه الله، وذلك لوجود أعمال أخرى أيضاً تشارك الصلاة في هذا المسمى وهو الإيمان، وجاء تفسير ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث البراء، وجاء أيضاً عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى لله عليه وسلم أن المراد بالإيمان في قول الله عز وجل: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ[البقرة:143] يعني: الصلاة.

    وسببها ما أورد عليه المصنف رحمه الله تعالى هذا، والنبي عليه الصلاة والسلام كان أول قبلته إلى بيت المقدس، وكان يوافق عليه الصلاة والسلام أهل الكتاب من اليهود الذين كانوا يصلون إلى المسجد الأقصى، وأثاروا ذلك في قولهم: إن النبي عليه الصلاة والسلام يخالفنا في أعمالنا وعقيدتنا، ثم يستقبل قبلتنا، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يحب أن يتوجه إلى المسجد الحرام، فنسخ الله سبحانه وتعالى ما كان عليه من استقباله للمسجد الأقصى، إلى استقبال المسجد الحرام، وكان عليه الصلاة والسلام يصلي لما قدم المدينة في مسجده ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، مستقبلاً المسجد الأقصى، نزل الأمر بتغيير القبلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العصر.

    وفي هذا الحديث وهو حديث البراء دليل على أن من تعبد لله بالمنسوخ قبل نسخه كمن تعبد لله عز وجل بالناسخ بعد نسخ المنسوخ، وذلك في الأجر سواء.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088798704

    عدد مرات الحفظ

    779108804