إسلام ويب

كتاب الصلاة [13]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يوم الجمعة هو أفضل أيام الأسبوع، ولهذا ورد التشديد في التخلف عن صلاة الجمعة ممن تتوفر فيه الشروط إلا لعذر، ويستحب الاغتسال والتبكير وقد ورد الفضل العظيم في هذا الشأن حتى قيل إنه الفضل الوحيد الثابت الذي وقع على عمل يسير.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة

    حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهى مسخية يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقاً من الساعة إلا الجن والإنس، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلى يسأل الله حاجة إلا أعطاه إياها ).

    قال كعب: ذلك في كل سنة يوم، فقلت: بل في كل جمعة، قال: فقرأ كعب التوراة فقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ].

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    في هذا أن البهائم تدرك من أمر الآخرة ما لا يدركه بنو آدم، ولهذا البهائم تنصت يوم الجمعة ترقب الساعة، والله عز وجل قد جعل لها نوعاً من الإدراك تعرف فيه الحال، وتفهم فيه بعض الخطاب لا كله، ولهذا الله عز وجل يخاطبها ويكلها ببعض التكاليف، وهذا يكون للبهائم دون بقية المخلوقات التي ليس لديها اختيار، ولهذا نقول: إن مخلوقات الله عز وجل منها ما له اختيار ومنها ما لا اختيار له.

    ثمة اختيار لبني آدم وهو بعد مشيئة الله عز وجل، وثمة اختيار أقل للبهائم وهو دون اختيار الإنسان، تدرك فيه الحقوق التي بينها، كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام: ( لتؤدن الحقوق إلى أهلها وليقتصن الله من الشاة القرناء للشاة الجماء )، فالبهائم تحاسب يوم القيامة ولكن تحاسب في الحقوق التي بينها فقط، ولا تحاسب في التكاليف الأخرى، ثم بعد ذلك الله عز وجل يقضي أمرها بأن تكن تراباً.

    وأما من جهة العبادات فحالها الإذعان لا تخالفه، فإنها كحال الجمادات تسبح بحمد الله سبحانه وتعالى.

    إذاً: لديها نوع تكليف وهو مسألة الحقوق التي تكون بين البهائم، فيقتص الله عز وجل، ويرتقي الإنسان في هذا من جهة التكليف ويكون تكليفه أعظم من تكليف البهائم، فلديه اختيار في جوانب أخر من أمور العبادة، وإذا حضر اختيار الإنسان حضر الحساب عليه، وإذا ضعف ذهب الحساب عنه، ومشيئته بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى.

    وهذه المسألة مما يتفرع عنها وبعض لوازمها ما يتعلق بمسائل القدر وخلاف الناس في هذا الباب كنفي نفاة القدر الذين ينفونه تعظيماً لله عز وجل أن الله يقدر على عبده شيئاً من الأمور والذنوب ثم يحاسبه الله عز وجل عليها، نقول: إن الله عز وجل يقدر على عبده شيئاً ويجعل له اختياراً، فهو يعلم ماذا يفعل الإنسان؛ وذلك لسعة علمه وكماله، فإذا وجد اختيار الإنسان فعليه يحاسب، وإذا غاب اختيار الإنسان فلا يحاسب، وذلك كحال الإنسان النائم، فالنائم إذا سقط على شيء ثم أفسده فإنه لا يحاسب عند الله سبحانه وتعالى، كحال الحجر والسيل الذي يمضيه الله عز وجل ثم يتلف شيئاً فلا يجري عليه شيء من الحساب والعقاب، فإذا استيقظ ووجد لديه إدراكه فإن إدراكه حينئذ هو الذي يكون عليه الحساب ويعاقبه الله عز وجل عليه، وهذا هو الفيصل بين أهل السنة والأثر وبين أهل البدع في هذا الباب.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ( قال أبو هريرة رضي الله عنه: ثم لقيت عبد الله بن سلام فحدثته بمجلسي مع كعب فقال عبد الله بن سلام: قد علمت أية ساعة هي، قال أبو هريرة: فقلت له: فأخبرني بها، فقال عبد الله بن سلام: هي آخر ساعة من يوم الجمعة، فقلت: كيف هي آخر ساعة من يوم الجمعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلى، وتلك الساعة لا يصلى فيها! فقال عبد الله بن سلام: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جلس مجلساً ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي، قال: فقلت: بلى، قال: هو ذاك ).

    حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا حسين بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي، قال: قالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يقولون: بليت، فقال: إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء )].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088827685

    عدد مرات الحفظ

    779305373