الحمد لله رب العالمين، وبأسانيدكم إليه رحمه الله تعالى قال: [باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهداها المسكين للغني ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعناه.
قال أبو داود: ورواه ابن عيينة عن زيد كما قال مالك، ورواه الثوري عن زيد قال: حدثني الثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا محمد بن عوف الطائي قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا سفيان عن عمران البارقي عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله أو ابن السبيل أو جار فقير يتصدق عليه فيهدي لك أو يدعوك ).
قال أبو داود: ورواه فراس وابن أبي ليلى عن عطية ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة
حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثني سعيد بن عبيد الطائي عن بشير بن يسار زعم ( أن رجلاً من الأنصار يقال له: سهل بن أبي حثمة أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم وداه بمائة من إبل الصدقة يعني: دية الأنصاري الذي قتل بخيبر )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما تجوز فيه المسألة
حدثنا حفص بن عمر النمري قال: حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير عن زيد بن عقبة الفزاري عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه، فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان أو في أمر لا يجد منه بداً ) ].
وسؤال المال من غير حاجة كبيرة من كبائر الذنوب ويكفي في ذلك الوعيد الذي أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام أنه يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحمة، وهذا لا شك أنه وعيد شديد للإنسان وفضيحة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد بن زيد عن هارون بن رياب قال: حدثني كنانة بن نعيم العدوي عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: ( تحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة! إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة فسأل حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة فسأل حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال: سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوى الحجا من قومه: قد أصابت فلاناً الفاقة فحلت له المسألة فسأل حتى يصيب قواماً من عيش أو سداداً من عيش ثم يمسك، وما سواهن من المسألة، يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتاً ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا عيسى بن يونس عن الأخضر بن عجلان عن أبي بكر الحنفي عن أنس بن مالك ( أن رجلاً من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فقال: أما في بيتك شيء؟ قال: بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه من الماء، قال: ائتني بهما، قال: فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال: من يشترى هذين؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: من يزيد على درهم؟ مرتين أو ثلاثاً قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري وقال: اشتر بأحدهما طعاماً فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوماً فأتني به، فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عوداً بيده ثم قال له: اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوماً، فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوباً وببعضها طعاماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كراهية المسألة
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة -يعني: ابن يزيد- عن أبي إدريس الخولاني عن أبي مسلم الخولاني قال: حدثني الحبيب الأمين أما هو إلي فحبيب وأما هو عندي فأمين عوف بن مالك قال: ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أو ثمانية أو تسعة فقال: ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنا حديث عهد ببيعة قلنا: قد بايعناك، حتى قالها ثلاثاً فبسطنا أيدينا فبايعناه فقال قائل: يا رسول الله إنا قد بايعناك فعلام نبايعك؟ قال: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وتصلوا الصلوات الخمس، وتسمعوا وتطيعوا ، وأسر كلمة خفية قال: ولا تسألوا الناس شيئاً، قال: فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه فما يسأل أحداً أن يناوله إياه ).
قال أبو داود: حديث هشام لم يروه إلا سعيد.
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن عاصم عن أبي العالية عن ثوبان قال: وكان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تكفل لي ألا يسأل الناس شيئاً وأتكفل له بالجنة؟ فقال ثوبان: أنا، فكان لا يسأل أحداً شيئاً )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الاستعفاف
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري ( أن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى إذا نفد ما عنده قال: ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطى الله أحداً من عطاء أوسع من الصبر ) ].
وكلما احتاج الإنسان إلى الناس نزل من قيمته بمقدار حاجته، ولهذا جاء في الخبر في السنن قال: ( ازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس )، ولهذا الإنسان إذا احتاج إلى غيره فبمقدار حاجته تنزل قيمته ومحبته في قلوبهم، ولهذا جاء في الشريعة الحث والحض على الاستغناء، وأن يقوم الإنسان بحاجته بنفسه وألا يعينه أحد، وأشد أنواع الإعانة أن يعينك صاحب ضلال وظلم وبغي؛ فإنه لكل شيء ثمن فثمن ما يعينك عليه وينصرك به ويؤيدك ونحو ذلك هو ما يوجد لديه إما أن يأمرك بباطل، وإما أن تبذل له من غير أن يطلب، وذلك أن النفوس لديها مشاعر تبيع وتشتري ولو لم يتكلم الناس ويطلبوا بألسنتهم، ولهذا يزيغ الناس بالهدايا والعطايا وغير ذلك بإعطاء أهل الضلال والزيغ والأهواء لهم، فلهذا ينبغي للإنسان إذا أعطي عطيةً أو هديةً أو وصل بصلة أن ينظر إلى ثمنها قبل أن يقبضها، فما ثمنها عليه، وما أثرها، وما مردودها، فإذا نظر إلى ثمنها وأمن من ثمنها وتبعاته فالأمر في ذلك واسع، وإذا كان ثمة تبعة في ذلك وثمن عظيم يتعلق بدينه وحقه، فينبغي للإنسان أن يحترز من ذلك ولو على ملئ بطنه مما يجده من الدنيا اليسيرة.
ولهذا بلقيس ملكة سبأ بعثت إلى سليمان بهدية وهي تريد ماذا يرجع المرسلون، يعني: هل يلين معها، هل يقبل هذه الرشوة ونحو ذلك، فنظر سليمان إلى أثرها وهو نبي معصوم فنظر إليها: ماذا ستنظر إليه لو قبلها؛ لأنهم سيفرحون بقبول هذه الهدية، فأرجع الرسول وأرسل إلى سبأ بالرد بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ [النمل:36] ، لن أجعلكم تفرحون على ذلك، بل يأتيهم بجنود لا قبل لهم بها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الله بن داود ح، حدثنا عبد الملك بن حبيب أبو مروان قال: حدثنا ابن المبارك وهذا حديثه عن بشير بن سلمان عن سيار أبي حمزة عن طارق عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن أنزلها بالله أوشك الله له بالغنى، إما بموت عاجل أو غنى عاجل ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي عن ابن الفراسي أن الفراسي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أسأل يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، وإن كنت سائلاً لا بد فاسأل الصالحين ).
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا الليث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد عن ابن الساعدي قال: ( استعملني عمر على الصدقة، فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لي بعمالة فقلت: إنما عملت لله وأجري على الله، قال: خذ ما أعطيت فإني قد عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملني، فقلت مثل قولك فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أعطيت شيئاً من غير أن تسأله فكل وتصدق ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر وهو يذكر الصدقة والتعفف منها والمسألة: اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا المنفقة والسفلى السائلة ).
قال أبو داود: اختلف على أيوب عن نافع في هذا الحديث قال عبد الوارث: ( اليد العليا المتعففة، وقال أكثرهم عن حماد بن زيد عن أيوب: اليد العليا المنفقة، وقال واحد: المتعففة ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبيدة بن حميد التيمي قال: حدثني أبو الزعراء عن أبي الأحوص عن أبيه مالك بن نضلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الأيدي ثلاثة: فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى، فأعط الفضل ولا تعجز عن نفسك )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصدقة على بني هاشم
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي رافع عن أبي رافع: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على الصدقة من بني مخزوم فقال لـأبي رافع: اصحبني فإنك تصيب منها، قال: حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله، فأتاه فسأله فقال: مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة ).
حدثنا موسى بن إسماعيل ومسلم بن إبراهيم -المعنى- قالا: حدثنا حماد عن قتادة عن أنس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر بالتمرة العائرة فما يمنعه من أخذها إلا مخافة أن تكون صدقة ).
حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا أبي عن خالد بن قيس عن قتادة عن أنس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد تمرة فقال: لولا أني أخاف أن تكون صدقة لأكلتها ).
قال أبو داود: رواه هشام عن قتادة هكذا.
حدثنا محمد بن عبيد المحاربي حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: ( بعثني أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في إبل أعطاها إياه من الصدقة ).
حدثنا محمد بن العلاء و عثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا محمد -هو ابن أبي عبيدة- عن أبيه عن الأعمش عن سالم عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس نحوه، زاد أبي: يبدلها له].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الفقير يهدي للغني من الصدقة
حدثنا عمرو بن مرزوق قال: أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلحم قال: ما هذا؟ قالوا: شيء تصدق به على بريرة فقال: هو لها صدقة ولنا هدية )].
وفي هذا أن المال سواءً كان حلالاً ومباحاً يتحول من صورته إذا انتقل من يد إلى يد فإذا أهدي إلى إنسان شيء حرام ثم أهداه إلى غيره فإنه يتحول حينئذ ما لم يكن أخذ رغماً كالسرقة وغير ذلك فهذا لا يجوز حتى ولو تحول إذا علم الإنسان ذلك.
وكذلك أيضاً الميراث إذا كان كسب الإنسان حراماً ثم ورثه الذرية من بعد ذلك فإنه يتحول إليهم حلالاً والمورث يبوء بإثمه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من تصدق بصدقة ثم ورثها
حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا زهير قال: حدثنا عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة ( أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كنت تصدقت على أمي بوليدة، وإنها ماتت وتركت تلك الوليدة، قال: قد وجب أجرك، ورجعت إليك في الميراث )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في حقوق المال
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا أبو عوانة عن عاصم بن أبي النجود عن شقيق عن عبد الله قال: ( كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية الدلو والقدر ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من صاحب كنز لا يؤدى حقه إلا جعله الله يوم القيامة يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جبهته وجنبه وظهره حتى يقضى الله تعالى بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب غنم لا يؤدي حقها إلا جاءت يوم القيامة أوفر ما كانت، فيبطح لها بقاع قرقر فتنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها ليس فيها عقصاء ولا جلحاء، كلما مضت أخراها ردت عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبل لا يؤدي حقها إلا جاءت يوم القيامة أوفر ما كانت، فيبطح لها بقاع قرقر، فتطؤه بأخفافها كلما مضت عليه أخراها ردت عليه أولاها حتى يحكم الله تعالى بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ).
حدثنا جعفر بن مسافر قال: حدثنا ابن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، ( قال في قصة الإبل بعد قوله: لا يؤدي حقها، قال: ومن حقها حلبها يوم وردها ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا شعبة عن قتادة عن أبي عمر الغداني عن أبي هريرة قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو هذه القصة فقال له - يعني: لـأبي هريرة -: فما حق الإبل؟ قال: تعطي الكريمة، وتمنح الغزيرة، وتفقر الظهر، وتطرق الفحل، وتسقي اللبن ).
حدثنا يحيى بن خلف قال: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: قال أبو الزبير: سمعت عبيد بن عمير: ( قال رجل: يا رسول الله ما حق الإبل؟ فذكر نحوه، زاد: وإعارة دلوها ).
حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني قال: حدثني محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر بن عبد الله ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر بقنو يعلق في المسجد للمساكين ).
حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي و موسى بن إسماعيل قالا: حدثنا أبو الأشهب عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: ( بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، إذ جاء رجل على ناقة له فجعل يصرفها يميناً وشمالاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، حتى ظننا أنه لا حق لأحد منا في الفضل ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا غيلان عن جعفر بن إياس عن مجاهد عن ابن عباس قال: ( لما نزلت هذه الآية: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ [التوبة:34] ، قال: كبر ذلك على المسلمين فقال عمر: أنا أفرج عنكم، فانطلق فقال: يا نبي الله إنه كبر على أصحابك هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم، وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم، فكبر عمر ثم قال له: ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء: المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب حق السائل
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان قال: حدثنا مصعب بن محمد بن شرحبيل قال: حدثني يعلى بن أبي يحيى عن فاطمة بنت حسين عن حسين بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( للسائل حق وإن جاء على فرس ).
حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا زهير عن شيخ قال: رأيت سفيان عنده عن فاطمة بنت حسين عن أبيها عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الرحمن بن بجيد عن جدته أم بجيد وكانت ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت له: ( يا رسول الله صلى الله عليك إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد له شيئاً أعطيه إياه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لم تجدي له شيئاً تعطينه إياه إلا ظلفاً محرقاً فادفعيه إليه في يده )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصدقة على أهل الذمة
حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء قالت: ( قدمت علي أمي راغبةً في عهد قريش وهي راغمة مشركة فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي راغمة مشركة أفأصلها؟ قال: نعم فصلي أمك )].
بالنسبة لدفع الزكاة للكفار عموماً هل تعطى في غير تأليف قلوبهم أم لا؟ لا تعطى في غير تأليف القلوب، واستثنى الله عز وجل تأليف قلوبهم وذلك لمصلحة دخولهم الإسلام، أما ما عدا ذلك فلا يعطون من الزكاة، وعلى هذا فيما يظهر اتفاق السلف، نعم ثمة خلاف يسير عند بعض الفقهاء المتأخرين في هذا.
وأما بالنسبة للصدقة هل يتصدق أم لا؟ نعم، جاء عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله وعبد الله بن عمرو بن العاص جواز الصدقة لأهل الكتاب.
وأما بالنسبة للهدية فأمرها واضح، فالهدية جائزة للكافر شريطة ألا يكون في ذلك تقوية له على الإسلام، كأن يكون محارباً أو ذمياً كائداً، أو غير ذلك، ولو جعلها تأليفاً لقلبه لوافقت من جهة قربها وإحسانها وثوابها في مصاريف الزكاة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما لا يجوز منعه
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا كهمس عن سيار بن منظور -رجل من بني فزارة- عن أبيه عن امرأة يقال لها: بهيسة عن أبيها قالت: ( استأذن أبي النبي صلى الله عليه وسلم فدخل بينه وبين قميصه فجعل يقبل ويلتزم ثم قال: يا رسول الله ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الماء، قال: يا نبي الله! ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الملح، قال: يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: أن تفعل الخير خير لك )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب المسألة في المساجد
حدثنا بشر بن آدم قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال: حدثنا مبارك بن فضالة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل منكم أحد أطعم اليوم مسكيناً؟ فقال أبو بكر: دخلت المسجد فإذا أنا بسائل يسأل فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن فأخذتها منه فدفعتها إليه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كراهية المسألة بوجه الله تعالى
حدثنا أبو العباس القلوري قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي عن سليمان بن معاذ التميمي قال: حدثنا ابن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يسأل بوجه الله إلا الجنة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب عطية من سأل بالله
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرجل يخرج من ماله
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب فقال: يا رسول الله! أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن فقال مثل ذلك فأعرض عنه، ثم أتاه من قبل ركنه الأيسر فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أتاه من خلفه فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحذفه بها فلو أصابته لأوجعته أو لعقرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي أحدكم بما يملك فيقول: هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن إدريس عن ابن إسحاق بإسناده ومعناه زاد: ( خذ عنا مالك لا حاجة لنا به ).
حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا سفيان عن ابن عجلان عن عياض بن عبد الله بن سعد سمع أبا سعيد الخدري يقول: ( دخل رجل المسجد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يطرحوا ثياباً فطرحوا، فأمر له منها بثوبين، ثم حث على الصدقة فجاء فطرح أحد الثوبين فصاح به وقال: خذ ثوبك ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن خير الصدقة ما ترك غنى أو تصدق به عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول ) ].
وذلك أن أولى الصدقة الصدقة على الأقربين، فالنفقة على الأقربين أفضل من الصدقة على الفقراء من الأبعدين؛ لأن الإنسان هو الذي ولي أمرهم فيجب عليهم أن يؤدي حقهم، بخلاف غيرهم من الناس الأبعدين فإنه يشترك من جهة الحق مع غيرهم، فإن الاهتمام بالمسلمين ليس واجباً عينياً عليه، ولكن الواجب العيني هو فيما ولاه الله عز وجل أمره، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيح وغيره أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يملك قوته )، فيجب عليه أن يرعى من دونه، فإذا كان لديه كفاية في ذلك فإنه حينئذ ينفق على الأبعدين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرخصة في ذلك
حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن موهب الرملي قالا: حدثنا الليث عن أبي الزبير عن يحيى بن جعدة عن أبي هريرة أنه قال: ( يا رسول الله! أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل، وابدأ بمن تعول ) ].
ومن رحمة الله عز وجل ولطفه بأهل ... وقلة ذات اليد أنه لو أنفق ولو شيئاً يسيراً فإن الله عز وجل يتقبل يسيره بالنسبة للمتبقي عنده كما يتقبل الله عز وجل من الغني، فإذا أنفق الغني ألفاً وأنفق الفقير درهماً وليس عنده إلا درهمان فإن الله عز وجل يعطيه أجر شطر ماله، ولو كان عند الغني ألفان فأخرج ألفاً فهذا يساوي ذلك الدرهم، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، فمن رحمة الله جل وعلا بعباده أن جعل مقادير الإنفاق بمقدار حظ النفس الذي يكون عند الإنسان من جهة المال.
وثمة اعتبارات في تعظيم المال منها تعظيمها بحسب نفاستها عند صاحبها فيكون أثرها عند الله عز وجل بحسب المتبقي عند الإنسان.
ومن وجوه التفضيل في ذلك بحسب مواضعها التي يضعها فيه، فالنفقة التي يعطيها الإنسان ليتيم فقير تختلف عن الذي يعطيها لفقير ليس بيتيم، فهذا قد اجتمع فيه فقر ويتم، ومن اجتمع فيه أكثر من صنف من أصناف الزكاة أعظم من غيره، وهكذا، فلهذا نقول: ثمة مواضع للصدقة والزكاة كلما اجتمعت فيها الأوصاف كان في ذلك أعظم عند الله عز وجل أجراً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح وعثمان بن أبي شيبة -وهذا حديثه- قالا: حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً ) ].
وتظهر منازل الناس والولايات والصديقية تظهر بأعمالهم، وأظهر هذه الأعمال التي تظهر فيها أبواب الولاية مسائل الإنفاق، وليس فيما أخرج الإنسان ولكن فيما بقي عنده، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام ما سأل أبا بكر وسأل عمر كم أنفقت، ولكن كم أبقيت! فإن هذا فيه أثر قيمة النفقة عند الله سبحانه وتعالى، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام سألهما ما أبقيا، وما سألهما ما أنفقا، فربما كانه نصف عمر أكثر من كل مال أبي بكر، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام سأل عن المتبقي؛ لينظر إلى حال الإنسان وقوة يقينه في إخراج ما لديه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في فضل سقي الماء
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا همام عن قتادة عن سعيد: ( أن سعداً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الصدقة أعجب إليك؟ قال: الماء ).
حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال: حدثنا محمد بن عرعرة عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب و الحسن عن سعد بن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل عن سعد بن عبادة أنه قال: ( يا رسول الله إن أم سعد ماتت فأي الصدقة أفضل؟ قال: الماء، قال: فحفر بئراً وقال: هذه لأم سعد ).
حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم بن إشكاب قال: حدثنا أبو بدر قال: حدثنا أبو خالد الذي كان ينزل في بني دالان عن نبيح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً على عري كساه الله من خضر الجنة، وأيما مسلم أطعم مسلماً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المنيحة
حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل، ح وحدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى - وهذا حديث مسدد وهو أتم - عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي كبشة السلولي قال: ( سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز، ما يعمل رجل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة ).
قال أبو داود: في حديث مسدد قال حسان: فعددنا ما دون منيحة العنز من رد السلام وتشميت العاطس وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه، فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب أجر الخازن
حدثنا عثمان بن أبي شيبة و محمد بن العلاء - المعنى - قالا: حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الخازن الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملاً موفراً طيبة به نفسه حتى يدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب المرأة تتصدق من بيت زوجها
حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن منصور عن شقيق عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة كان لها أجر ما أنفقت، ولزوجها أجر ما اكتسب، ولخازنه مثل ذلك لا ينقص بعضهم أجر بعض ).
حدثنا محمد بن سوار المصري قال: حدثنا عبد السلام بن حرب عن يونس بن عبيد عن زياد بن جبير عن سعد قال: ( لما بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء قامت امرأة جليلة كأنها من نساء مضر فقالت: يا نبي الله! إنا كل على آبائنا وأبنائنا - قال أبو داود: وأرى فيه وأزواجنا - فما يحل لنا من أموالهم؟ فقال: الرطب تأكلنه وتهدينه ).
قال أبو داود: الرطب الخبز والبقل والرطب.
قال أبو داود: وكذا رواه الثوري عن يونس .
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فلها نصف أجره ).
حدثنا محمد بن سوار المصري قال: حدثنا عبدة عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة في المرأة تصدق من بيت زوجها قال: لا إلا من قوتها والأجر بينهما، ولا يحل لها أن تصدق من مال زوجها إلا بإذنه.
قال أبو داود: هذا يضعف حديث همام ].
وهذا من المسالك عند العلماء أنهم يعلون المرفوع بالموقوف، وذلك أنه جاء عن أبي هريرة عليه رضوان الله ما يخالف الحديث المرفوع عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو الذي رواه، فأعل المرفوع بهذه الرواية رواية عطاء عن أبي هريرة من قوله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صلة الرحم
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس قال: ( لما نزلت: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92] ، قال أبو طلحة: يا رسول الله! أرى ربنا يسألنا من أموالنا، فإني أشهدك أني قد جعلت أرضي بأريحاء له، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلها في قرابتك، فقسمها بين حسان بن ثابت و أبي بن كعب رضي الله عنهما ).
قال أبو داود: بلغني عن الأنصاري محمد بن عبد الله قال أبو طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار و حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام يجتمعان إلى حرام وهو الأب الثالث، وأبي بن كعب بن قيس بن عتيك بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار فـعمرو يجمع حسان وأبي طلحة وأبياً.
قال الأنصاري: بين أبي وأبي طلحة ستة آباء.
حدثنا هناد بن السري عن عبدة عن محمد بن إسحاق عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( كانت لي جارية فأعتقتها، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: آجرك الله، أما إنك لو كنت أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك )].
والهدية للأقربين أعظم من الصدقة للأبعدين وذلك لأن الأثر على القريب يتضمن الصلة وصلة الرحم أعظم.
فقد تكون الهدية أعظم من الصدقة في بعض الأحوال وذلك للذي لا يقبل الصدقة ويقبل الهدية ولها أثر عليه من جهة النفع ولهذا كانت الهدية للنبي عليه الصلاة والسلام أعظم من الصدقة عليه عليه الصلاة والسلام مع أن الله عز وجل لم يحل له الصدقة، فكانت الهدية له عظيمة بخلاف الصدقة فإنها لا تحل له.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقال رجل: يا رسول الله عندي دينار، قال: تصدق به على نفسك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على زوجتك، أو قال: زوجك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال عندي آخر، قال: أنت أبصر ).
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان قال: حدثنا أبو إسحاق عن وهب بن جابر الخيواني عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت ).
حدثنا أحمد بن صالح و يعقوب بن كعب - وهذا حديثه - قالا: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن الزهري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ).
حدثنا مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله: أنا الرحمن وهي الرحم شققت لها اسماً من اسمي، من وصلها وصلته، ومن قطعها بتته ).
حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري قال: حدثني أبو سلمة أن الرداد الليثي أخبره عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعناه.
حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يدخل الجنة قاطع رحم ).
حدثنا ابن كثير قال: أخبرنا سفيان عن الأعمش و الحسن بن عمرو و فطر عن مجاهد عن عبد الله بن عمر، قال سفيان: ولم يرفعه سليمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورفعه فطر والحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الشح
حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن أبي كثير عن عبد الله بن عمر قال: ( خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا إسماعيل قال: أخبرنا أيوب قال: حدثنا عبد الله بن أبي مليكة قال: حدثتني أسماء بنت أبي بكر قالت: قلت: ( يا رسول الله! ما لي شيء إلا ما أدخل علي الزبير بيته أفأعطي منه؟ قال: أعطي ولا توكي فيوكى عليك ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا إسماعيل قال: أخبرنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها ( أنها ذكرت عدة من مساكين - قال أبو داود وقال غيره: أو عدة من صدقة - فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطي ولا تحصي فيحصى عليك ) ].
بالنسبة لإحصاء المال فهي ثلاثة أحوال:
- إحصاء واجب أوجبه الله عز وجل، وذلك أن الإنسان يحصي في حال كيله عند البيع فيكيل ويكتال حتى ينصف فهذا من الأمور الواجبة.
- وإحصاء مباح وهو: إحصاء الإِنسان لما يدخره لنفسه، وقد جاء في حديث إجابة مسلم: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يدخر قوت السنة ).
- وإحصاء مكروه هو: إحصاء الإنسان نفقته في بيته وأهله؛ وذلك لأنه ربما يدعوه إلى شيء من القبض أو ربما يذهب بركة ذلك المال، وهذا الذي جاء عن عائشة عليها رضوان الله تعالى حيث قالت: كلته ففني، وذلك أنها كانت تحصي شيئاً من أمر الدار، وهذا لا يصل إلى التحريم، ولكن الكراهة في ذلك لأنه ربما كان قادحاً في شيء من التوكل.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر