يتساهل كثير من الناس في استحلال اللقطة بل وقد يستنكر بعضهم القول بحرمة تملكها قبل القيام بتعريفها رغم أن هذا منصوص عليه في السنة، ولكن نظراً للجهل المنتشر ودافع المنفعة الذاتية قد لا تجد آذاناً تصغي لهذا الحكم الذي هو شبه مهجور إلا ممن رحم الله، واللقطة تعرف مدة من الزمن قدرتها السنة بعام لكن هذا في اللقطة التي لها وقع أما ما كانت أقل من ذلك بكثير فتقدر المدة بحسبها كما نص على هذا بعض أهل العلم، واللقطة تشمل كل ما له قيمة شرعاً، كالنقود والحيوانات والمعادن الثمينة ونحو ذلك.
باب التعريف باللقطة
الحمد لله رب العالمين، وبأسانيدكم إليه رحمه الله تعالى قال رحمه الله: [بسم الله الرحمن الرحيم.
كتاب اللقطة.
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة قال: ( غزوت مع زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة فوجدت سوطاً فقالا لي: اطرحه، فقلت: لا، ولكن إن وجدت صاحبه وإلا استمتعت به؛ فحججت فمررت على المدينة فسألت أبي بن كعب فقال: وجدت صرة فيها مائة دينار، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عرفها حولاً، فعرفتها حولاً ثم أتيته فقال: عرفها حولاً، فعرفتها حولاً ثم أتيته فقال: عرفها حولاً، فعرفتها حولاً ثم أتيته فقلت: لم أجد من يعرفها، فقال: احفظ عددها ووكاءها ووعاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها، وقال: ولا أدرى أثلاثاً قال: عرفها، أو مرة واحدة ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن شعبة بمعناه قال: ( عرفها حولاً )، وقال ثلاث مرار قال: فلا أدري، قال له ذلك في سنة أو في ثلاث سنين.
وتعريفها يكون في المواضع التي هي مظنة أن يجد صاحبها فيها، وذلك إذا وجدها في موضع في بلدة يعرفها في تلك البلدة، وإذا وجدها في شارع بعينه يعرفها في المتاجر الذي في ذلك الشارع أو في ذلك السوق، وإذا وجدها في مدرسة يعرفها في تلك المدرسة، أو وجدها في مسجد يعرفها في جماعة المسجد ونحو ذلك، وإذا عرفها مثلاً: في وسائل الإعلام أو نحو ذلك فإن هذا أيضاً يجزئ عنه في المواضع التي يظن أنها تصل إلى أهلها في البلد الذي فقدت فيه.
حدثنا جعفر بن مسافر التنيسي قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي عن أبي حازم عن سهل بن سعد ( أخبره أن علي بن أبي طالب دخل على فاطمة و حسن و حسين يبكيان فقال: ما يبكيهما؟ قالت: الجوع، فخرج علي فوجد ديناراً بالسوق فجاء إلى فاطمة فأخبرها فقالت: اذهب إلى فلان اليهودي فخذ دقيقاً فجاء اليهودي فاشترى به دقيقاً، فقال اليهودي: أنت ختن هذا الذي يزعم أنه رسول الله؟ قال: نعم، قال: فخذ دينارك ولك الدقيق، فخرج علي حتى جاء فاطمة فأخبرها فقالت: اذهب إلى فلان الجزار فخذ لنا بدرهم لحماً، فذهب فرهن الدينار بدرهم لحم فجاء به فعجنت ونصبت وخبزت وأرسلت إلى أبيها فجاءهم، فقالت: يا رسول الله! أذكر لك فإن رأيته لنا حلالاً أكلناه وأكلت معنا، من شأنه كذا وكذا، فقال: كلوا باسم الله، فأكلوا فبينما هم مكانهم إذا غلام ينشد الله والإسلام الدينار، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعي له فسأله، فقال: سقط مني في السوق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا علي اذهب إلى الجزار فقل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك: أرسل إلي بالدينار ودرهمك علي، فأرسل به فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ).
حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا خالد عن أبي حيان التيمي عن المنذر بن جرير قال: ( كنت مع جرير بالبوازيج فجاء الراعي بالبقر وفيها بقرة ليست منها، فقال له جرير: ما هذه؟ قال: لحقت بالبقر لا ندري لمن هي، فقال جرير: أخرجوها فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يأوي الضالة إلا ضال ) ].