إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الصلاة [46]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • مما أعل من الأحاديث الواردة في السهو: حديث الزهري (كان آخر الأمرين من رسول الله السجود للسهو قبل السلام)، فقد تفرد به مطرف بن مازن وهو متهم بالكذب، وبعضهم أعله بأنه لم يروه أحد من أصحاب الزهري مع حرصهم على نقل علمه، وأنه مخالف للأحاديث الصحيحة، والأقرب أنه من فقه الزهري فنقل على أنه من مرفوعاته.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فنتكلم في هذا المجلس عن شيء من الأحاديث المعلولة في أبواب سجود السهو وهو تكملة للمجالس السابقة في هذا الباب.

    وأول هذه الأحاديث: هو حديث محمد بن شهاب الزهري مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن آخر الأمرين منه السجود للسهو قبل السلام ).

    هذا الحديث أخرجه الشافعي في كتابه القديم من حديث مطرف بن مازن عن معمر بن راشد الأزدي عن ابن شهاب الزهري مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الحديث معلول بعدة علل سواءً كانت متنية أو كانت إسنادية، أو مشتركة، وذلك أن هذا الحديث تضمن نسخاً لسائر الأحاديث التي فيها السجود بعد السلام، وهذا الحديث قد تفرد به مطرف بن مازن ولا يحتج بحديثه، وقد اتهمه غير واحد من الأئمة بالكذب كـيحيى بن معين وغيره.

    وكذلك فإن راوي الحديث من أهل اليمن ويروي عن معمر بن راشد وهو يماني عن ابن شهاب الزهري وهو إمام من أئمة المدينة مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن النبي عليه الصلاة والسلام كان آخر الأمرين منه السجود للسهو قبل السلام )، وتفرد مطرف بن مازن في هذا الحديث موجب لرده منفرداً.

    ومن وجوه الإعلال: أن هذا الحديث تفرد به عن ابن شهاب الزهري وابن شهاب الزهري من أئمة المدينة من جهة الرواية وله أصحاب يروون عنه حديثه فحديثه يؤخذ ولا يترك إذا كان ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا تفرد به أحد من أهل الآفاق ولم يروه أهل المدينة عنه فهذا أمارة وقرينة على إعلاله، فإن ابن شهاب الزهري له أصحاب كثر ينقلون حديثه منهم: الإمام مالك رحمه الله، وعبيد الله بن عمر العمري ، وجماعة من الحفاظ الثقات الذين لا يدعون مثل حديثه هذا لو كان صحيحاً أو جرى عليه العمل.

    ومن وجوه الإعلال: أن هذا الحديث يرويه محمد بن شهاب مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و محمد بن شهاب الزهري في الطبقة الأخيرة من التابعين، ولو كان الحديث عنده مسنداً لأسنده، خاصةً أن العمل عند أهل المدينة لم يكن على الاتفاق عليه وذلك أدعى لروايته مسنداً حسماً للخلاف.

    ومن قرائن الإعلال في هذا الحديث: أن هذا الحديث تضمن نسخاً لكل حديث جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في سجود السهو بعد السلام، ومعلوم أن سجود السهو يكون قبل السلام ويكون بعده، والأدلة في ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام ليست بالقليلة في هذين، وإن كانت الأحاديث الدالة على أنه قبل السلام أكثر وأوفر إلا أن الأحاديث الدالة على أنه بعد السلام جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام منها في الصحيحين وغيرهما، وهذا الحديث يتضمن النسخ لتلك الأحاديث، وعند التعارض عند العلماء أن الحديث إذا كان ناسخاً لحديث وجب أن يكون الحديث الناسخ صحيحاً من جهة الإسناد.

    ومن القرائن عندهم أن يكون الحديث الناسخ أقوى من الحديث المنسوخ أو مساوياً له، فكيف والأحاديث التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام في أبواب السجود بعد السلام أكثر عدداً وأصح إسناداً من الناسخ وهو مرسل ابن شهاب الزهري ! وهذا أيضاً من قرائن الإعلال.

    وينبغي عند النظر في علة حديث عند التعارض مع غيره أن ينظر إلى عدد الأحاديث الواردة في ذلك الباب، وينظر إلى ما يخالفها، والأولى عند المخالفة أن يقدم الحديث الأقوى إسناداً، كيف والحديث في ذلك معلول بعدة علل، وأظهرها في ذلك هو تفرد مطرف بن مازن بهذا الحديث.

    ولهذا نقول: إن أقوى العلل في هذا الحديث هو تفرد مطرف بن مازن وذلك لاتهامه بالكذب، ولتفرده في هذا الحديث، وكذلك عدم رواية أصحاب الزهري من أهل المدينة له، وللإرسال في هذا الحديث، ولأن هذا الحديث ليس بأقوى من الأحاديث المخالفة له، وسبق مراراً التأكيد على أن من أبواب العلل وقرائنه إذا أراد طالب العلم أن يعل حديثاً من الأحاديث أن ينظر إلى الأحاديث الواردة في الباب سواءً الموافقة أو المخالفة لهذا الحديث، والمخالف لهذا الحديث من الأحاديث التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام سواءً في السجود بعد السلام أو التخيير بين السجود بعد السلام وقبله، أو السجود قبل السلام، كلها لم تبين أن في الباب نسخاً، ويحتمل أن هذا القول فقه لـابن شهاب، فروي هذا القول عنه على أنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس كذلك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088530121

    عدد مرات الحفظ

    777154053