إسلام ويب

شرح حديث جبريل في الإسلام والإيمان [2]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإسلام هو الدين الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء به الأنبياء السابقون كذلك ولكن لما دخل التحريف الملل السابقة واستحال الوصول إلى الحق منها، كان لابد من بعث رسول يأتي بتجديدها, فلا دين حينئذ يستحق وصف الإسلام في الأرض كما يريده الله إلا ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم, وسؤال جبريل هو عن أصل الأصول وكلي الكليات وهو الإسلام, وما يأتي من أحكام فهي تبع لذلك. فجبريل عليه السلام سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الكليات, وأعظم الكليات اتساعاً وهو الإسلام, ثم ما يدخل بعد ذلك في جزئياته وتفاصيله ومعرفتها من جهة مراتبها

    الملقي: [ ( وقال جبريل عليه السلام: يا محمد ! أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ].

    الظهور بهيئة الغريب للاستماع لسؤاله وفهم مراده

    في قول جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد! هنا وجه النداء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه, والنكتة واللطيفة من ذلك أن جبريل ظهر هنا بصورة الغريب, والغريب عن البلد لا يعرف منازل أهلها ومراتبهم, وكذلك أيضاً كناهم وأوصافهم, لا يعرف تلك الأحوال, فوجه إليه بالخطاب باسمه. وأيضاً فإن الصحابة عليهم رضوان الله إذا أرادوا أن ينادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم توجهوا إليه بأشرف وصف يوصف به وهي الرسالة فيقولون: يا رسول الله أو يا نبي الله.

    وهنا في قوله يا محمد! أراد أن يوغل في الاغتراب عنه، وعدم معرفة نهجهم في نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حتى تكتمل الصورة في كونه غريباً عن بيئته, فيستمعوا لقوله الذي يريد أن يسأل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويفهموا مراده؛ لأنه يريد من هذه الأسئلة التي يسألون بها النبي عليه الصلاة والسلام حتى يفهم السامعون المراد ويتفقهوا وينتفعوا بدين الله سبحانه وتعالى، فقال: ( يا محمد! أخبرني عن الإسلام؟ ). سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخبره باسمه, وكذلك أيضاً في قوله: أخبرني توجه إلى الأمر لإعلام نفسه, وما سأله أن يعلمه وأن يعلم غيره.

    واللطيفة والنكتة في هذا أنه أراد أن يستعلم لنفسه كأنه لا يعلم وهم يعلمون. وهذا أيضاً فيه إمعان في الاغتراب عنهم وعدم معرفة ما يعلمون, أو الأصل في كونهم أنهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمون، وأنا أجهل لكوني بعيداً عنه.

    تأكيد المعلوم لدى الصحابة من الأركان

    وهنا مسألة وهي أن جبريل حينما سأل النبي عليه الصلاة والسلام هذه الأسئلة في علم الله, وأيضاً فيما يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظاهر الأمر في أمر جبريل أنه يعلم أن الصحابة يعلمون هذه المسائل, وهي مسألة الإسلام وأركان الإسلام وأركان الإيمان هذه معلومة ما قبل هذا السؤال.

    إذاً: ما الحكمة من هذا السؤال حتى ترد هذه الإجابة لإعلامهم بشيء يعلمونه قبل ذلك؟ فالصلاة معلومة الزكاة معلومة الصيام معلوم من أركان الإسلام, الحج معلوم, هذه الأشياء معلومة. كذلك أيضاً الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله, وظاهر أن الحديث أنه جاء؛ ولهذا سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الإحسان, وسأله عن أشراط الساعة, وهذه الأخبار والأنباء, وأحاديث أشراط الساعة كانت في آخر العهد النبوي في المدينة.

    فالحكمة من سؤال جبريل عليه السلام بالاستخبار لنفسه, وظاهر الأمر في حال أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى يعملون، أنه يريد من ذلك تأكيد المعلوم لديه, فالتكرار لذلك يرسخ العلم, وفي هذا إشارة أيضاً أن دين الله سبحانه وتعالى للغريب والقريب أنه وحي, فإذا سأل السائل بدين الله عز وجل عن مسألة وهو من أهل البلد أو كان بعيداً، فدين الله سبحانه وتعالى في ذلك سواء لا يوجد فيه سرية ولا يوجد فيه خفاء، ولا يوجد فيه دقائق, لا يصح إيمان الإنسان إلا بها, وإنما هو دين ظاهر يجاب فيه السائل لسؤاله من أي جهة أو من أي بلد كان.

    كذلك أيضاً فإنه لو سأل جبريل النبي عليه الصلاة والسلام ليعلم الصحابة في هذا نوع من ظاهر الاعتداد بالنفس, وهم يجهلون حال جبريل, وجبريل يعلم, فإنه إنما جاء العلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل وإن كان العلم من الله سبحانه وتعالى.

    إذاً: فـجبريل وهو الواسطة علم قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومع ذلك جبريل سأل العلم لنفسه, وما سأله للصحابة؛ لماذا؟ لأنه ما ظهر بصورة جبريل ظهر بصورة بشر وإنسان, وإذا ظهر بصورة إنسان ينبغي أن يكون الحال والكلام والسؤال مناسباً له؛ حتى لا يخرج خارجاً عنه, فسأل بما يليق ويناسب حاله, لا بما يناسب حاله الحقيقية وهي كونه الملك الذي جعله الله سبحانه وتعالى رسولاً إلى أنبياء الله جل وعلا، ينزل إليهم وحي الله سبحانه وتعالى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089184788

    عدد مرات الحفظ

    782534646