إسلام ويب

الأحاديث المعلة في الأذان والإقامة [5]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأحاديث المعلة في الأذان والإقامة: حديث: (المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم)، وحديث: (المؤذنون أمناء المسلمين على فطرهم وسحورهم)، وحديث: (خصلتان معلقتان في أعناق المؤذنين للمسلمين، صلاتهم وصيامهم)، وحديث: (ليس على النساء أذان ولا إقامة)، وحديث: (يا بلال، اجعل بين أذانك وإقامتك نفساً، ما يقضي الطاعم من أكله، والمتوضئ من طهوره)

    الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    أول أحاديث هذا اليوم هو حديث الحسن عليه رضوان الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم )، وهذا الحديث رواه البيهقي من طريق الشافعي عن عبد الوهاب، عن يونس، عن الحسن البصري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وهذا الحديث معلول بالإرسال، وكذلك الاضطراب في إسناده، فقد وقع فيه اختلاف، فـالشافعي رحمه الله وعنه البيهقي يرويه من حديث عبد الوهاب عن يونس عن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وتابع عبد الوهاب عليه محمد بن أبي عدي، كما رواه البيهقي من حديث علي بن المديني عن محمد بن أبي عدي، عن يونس عن الحسن مرسلاً، وهو الصواب، ولكنه جاء موصولاً من وجهٍ آخر، ولكن من حديث أبي هريرة، فقد رواه الدارقطني من حديث عبد الله بن محمد بن المغيرة، عن سفيان الثوري، عن يونس، عن الحسن عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جعله من مسند أبي هريرة وهو وهم وخطأ، والصواب أنه من حديث الحسن مرسلاً، صوب ذلك الدارقطني و البيهقي وغيرهم، وقد جاء من حديث جابر بن عبد الله كما رواه البيهقي من حديث يونس عن الحسن عن جابر بن عبد الله وهو وهم وغلط، والحديث إنما هو من مراسيل الحسن، و الحسن البصري مراسيله، وسائر مراسيل البصريين والكوفيين من أوهى المراسيل، وذلك لبعدهم عن زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضاً لقلة حديث الكوفيين والبصريين الذي يروونه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بينهم إلا واحد، ولهذا فإن مراسيل الحسن من أوهى المراسيل، وأما كلام العلماء رحمهم الله في بعض المراسيل إنها مراسيل صحيحة، فمرادهم بذلك أنها أصح من جنسها من تلك الطبقة، فقد يقال مثلاً في بعض العراقيين مراسيلهم صحيحة، ويريدون بذلك هي صحيحة بالنسبة لأهل بلده وإلا فكلها ضعيفة، والحكم في هذا هو العمل، فإذا نظرنا إلى عمل الأئمة نجد أنهم لا يحتجون بالمرسل على الإطلاق، إلا إذا احتفت به قرينة، وهذه القرينة كأن تكون مثلاً أصل من الأصول التي يحتج بها، كالقياس أو الإجماع، أو نحو ذلك، فإنها تقبل، كذلك أيضاً من وجوه رد مراسيل الحسن البصري أن الحسن البصري يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة بعض الصحابة وبينه وبينهم ضعفاء، ويقع في بعض مروياته الوهم، ولكنه وإن كان من المدلسين إلا أنه لا يدلس بالرواية عن التابعين، فهو يذكر التابعي إذا حدثه، ولكنه يروي عن صحابي ما لم يسمعه منه، وهذا معروف عنه، ولهذا لا يقال بإعلال المرويات التي يرويها الحسن البصري عن التابعي، لا تعل بالتدليس، وذلك أن الحسن البصري إنما يروي بالتدليس عن أناس لم يدركهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم مراراً أنه ينبغي لطالب العلم إذا وجد راوياً قد وصف بالتدليس ألا يطلق الرد لحديثه، لعموم القول: إن هذا الراوي مدلس، ولا يقبل حديثه إلا إذا صرح بالسماع، نقول: إن تدليس الرواة يتباين، فقد نهدر رواية راوي ولا يدلس إلا عن شخص بعينه، ولهذا ينبغي أن نجمع كلام العلماء في مروياتهم، وكذلك نُقول العلماء في كلامهم على المدلسين في معرفة نوع التدليس الذي يقعون فيه، وتدليس الراوي يعرف بكلام العلماء عنه، ويعرف من طريق أخرى أيضاً بجمع الطرق، إذا جمعت الطرق فإنه يروي الحديث من وجه ثم يرويه من وجهٍ أخرى ويذكر الواسطة التي بينه وبين من حدثه، وهذا من وجوه التدليس، ويعرف كثرة وقلة، كذلك أيضاً من نصوص العلماء، وبتخريج تلك الأحاديث، وهذا الحديث في قول الحسن: (المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم)، هذا الحديث هناك عادة للعراقيين فيما يعرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة المعنى، أنه ينسب إليه فقهاً وربما نسبوه إليه قولاً، وهذا نوع من الترخص، ولهذا يكثر الكذب في العراق، بعضهم على سبيل التجوز لا على سبيل التزندق والافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا علم بالسبر أن هذا الأمر يعلم من حال النبي عليه الصلاة والسلام، ومعلوم أن المؤذن إذا أذن يأتمنه الناس على تلك الصلاة، أنهم يؤدونها، النساء في البيوت والرجال يقدمون عليها، كذلك في الإفطار، فإذا كان هذا قد استقر فإنهم يتساهلون بنسبة هذا الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلاً، بل بعض الضعفاء ربما ينسبه قولاً، ولهذا قد يقال: إن الحسن البصري إنما سمعه من بعض الفقهاء من البصريين، ولهذا يوجد في بعض ألفاظ الحديث الذي يروونه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتفردون به من ركاكة اللفظ ما لا يوجد عند الحجازيين، فهؤلاء يروون بعض الألفاظ التي تروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث، وينسبونها إليه، ويظهر من ركاكة اللفظ أنها عبارات فقهية، أو متكلفة بنسبة حالٍ وجعله قولاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا إنما نورده هنا في مسألة المؤذنون أمناء، وإن كان هذا الأصل مفهوم في الشريعة، إلا أن القطع به باعتبار أن الإنسان إذا سمع الأذان أنه يتحمل المؤذن على الإطلاق، لكن نقول: ينبغي له أن يتحرى، وأن يعرف أحوال المؤذنين، وهذا يقيده ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: ( إن بلالاً يؤذن بليل )، يعني أنه ينبغي للإنسان أن يفرق بين الأذانات، وألا يقطع بالاتكال على المؤذن في صلاته على الإطلاق، وإنما إذا عرف من حاله الثقة وسبرها اعتمد عليه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089342738

    عدد مرات الحفظ

    783891648