إسلام ويب

كتاب الطهارة [8]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من مظاهر يسر الإسلام مشروعية التيمم عند العجز عن استعمال الماء، فهو مشروع سواء كان في الحضر أم السفر، وهو أحد الطهارتين، والطهارة الأولى بالماء والتي ارتبط بها الغسل من الجمعة، فهو غسل مستحب مؤكد وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التيمم

    حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا أبو معاوية، ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: أخبرنا عبدة المعنى واحد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيد بن حضير وأناساً معه في طلب قلادة أضلتها عائشة: فحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فأنزلت آية التيمم ). زاد ابن نفيل: فقال له أسيد: يرحمك الله! ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله للمسلمين ولك فيه فرجاً].

    قد ينزل الله عز وجل في عبد من عباده مكروهاً يكرهه ويريد الله عز وجل بذلك نفعاً للأمة كلها، وهذا ليس تفويتاً لحظ من نزل به المكروه بل رحمة به؛ ليأخذ أجر الأمة بتسببه بذلك، فهو نزل به مكروه خاص ونزل للأمة نفع عام ونزل أيضاً له حظ وأجر ذلك الأمر، ولهذا يحتسب الإنسان في البلاء الذي ربما يأتي عليه ويحسن الظن بربه جل وعلا أن يئول إلى خير، فالله عز وجل لا يقدر على عبده شراً محضاً، وإنما ينزل الله عز وجل على عبده بعض الشيء الذي يكرهه الإنسان، وإذا أحسن الظن بالله كانت ثمرته عليه عظيمة.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة حدثه عن عمار بن ياسر: ( أنه كان يحدث أنهم تمسحوا وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصعيد لصلاة الفجر فضربوا بأكفهم الصعيد ثم مسحوا وجوههم مسحة واحدة ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى فمسحوا بأيديهم كلها إلى المناكب والآباط من بطون أيديهم ).

    حدثنا سليمان بن داود المهري و عبد الملك بن شعيب عن ابن وهب نحو هذا الحديث قال: ( قام المسلمون فضربوا بأكفهم التراب ولم يقبضوا من التراب شيئاً ). فذكر نحوه ولم يذكر المناكب والآباط، قال: ابن الليث: ( إلى ما فوق المرفقين ).

    حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف ومحمد بن يحيى النيسابوري في آخرين قالوا: حدثنا يعقوب أخبرنا أبي عن صالح عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمار بن ياسر: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس بأولات الجيش ومعه عائشة فانقطع عقد لها من جزع ظفار فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر وليس مع الناس ماء، فتغيظ عليها أبو بكر وقال: حبست الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم رخصة التطهر بالصعيد الطيب، فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم إلى الأرض ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئاً، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط )، زاد ابن يحيى في حديثه قال ابن شهاب في حديثه: ولا يعتبر بهذا الناس. قال أبو داود: وكذلك رواه ابن إسحاق قال فيه: عن ابن عباس وذكر ضربتين، كما ذكر يونس، ورواه معمر عن الزهري ضربتين. وقال مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار، وكذلك قال أبو أويس، وشك فيه ابن عيينة قال: مرة عن عبيد الله عن أبيه أو عن عبيد الله عن ابن عباس اضطرب فيه مرة قال عن أبيه ومرة قال عن ابن عباس اضطرب فيه وفي سماعه من الزهري، ولم يذكر أحد منهم في هذا الحديث الضربتين، إلا من سميت.

    حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن شقيق قال: ( كنت جالساً بين عبد الله وأبي موسى فقال أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن !أرأيت لو أن رجلاً أجنب فلم يجد الماء شهراً أما كان يتيمم؟ فقال: لا، وإن لم يجد الماء شهراً. فقال أبو موسى: فكيف تصنعون بهذه الآية التي في سورة المائدة فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [المائدة:6] فقال عبد الله: لو رخص لهم في هذا لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا بالصعيد. فقال له أبو موسى: وإنما كرهتم هذا لهذا. قال: نعم. فقال له أبو موسى: ألم تسمع قول عمار لـعمر بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تتمرغ الدابة، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا، فضرب بيده على الأرض فنفضها، ثم ضرب بشماله على يمينه وبيمينه على شماله على الكفين ثم مسح وجهه. فقال له عبد الله أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمار ).

    حدثنا محمد بن كثير العبدي قال: أخبرنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي مالك عن عبد الرحمن بن أبزى قال: ( كنت عند عمر فجاءه رجل فقال: إنا نكون بالمكان الشهر والشهرين، فقال عمر: أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء. قال: فقال عمار: يا أمير المؤمنين! أما تذكر إذ كنت أنا وأنت في الإبل فأصابتنا جنابة فأما أنا فتمعكت فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: إنما كان يكفيك أن تقول هكذا، وضرب بيديه إلى الأرض، ثم نفخهما، ثم مسح بهما وجهه ويديه إلى نصف الذراع. فقال عمر: يا عمار! اتق الله، فقال: يا أمير المؤمنين! إن شئت والله لم أذكره أبداً فقال عمر: كلا، لنولينك من ذلك ما توليت ).

    حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا حفص قال: حدثنا الأعمش عن سلمة بن كهيل عن ابن أبزى عن عمار بن ياسر في هذا الحديث فقال: ( يا عمار! إنما كان يكفيك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض، ثم ضرب إحداهما على الأخرى ثم مسح وجهه والذراعين إلى نصف الساعدين ولم يبلغ المرفقين ضربة واحدة ). قال أبو داود: ورواه وكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن أبزى، ورواه جرير عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى يعني: عن أبيه.

    حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد يعني: ابن جعفر قال: حدثنا شعبة عن سلمة عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار بهذه القصة فقال: ( إنما كان يكفيك وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى الأرض، ثم نفخ فيها ومسح بها وجهه وكفيه ). شك سلمة قال: لا أدري فيه إلى المرفقين يعني: أو إلى الكفين.

    حدثنا علي بن سهل الرملي قال: حدثنا حجاج يعني: الأعور قال: حدثني شعبة بإسناده بهذا الحديث قال: ( ثم نفخ فيها ومسح بها وجهه وكفيه إلى المرفقين ). أو إلى الذراعين قال شعبة: كان سلمة يقول: الكفين والوجه والذراعين، فقال له منصور ذات يوم: انظر ما تقول فإنه لا يذكر الذراعين غيرك.

    حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن شعبة قال: حدثني الحكم عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار في هذا الحديث قال: فقال يعني: النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك إلى الأرض فتمسح بهما وجهك وكفيك ). وساق الحديث، قال أبو داود: ورواه شعبة عن حصين عن أبي مالك قال: سمعت عماراً يخطب بمثله إلا أنه لم ينفخ، فذكر حسين بن محمد عن شعبة عن الحكم في هذا الحديث قال: ( ضرب بكفيه إلى الأرض ونفخ ).

    حدثنا محمد بن المنهال قال: حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار بن ياسر قال: ( سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التيمم فأمرني ضربة واحدة للوجه والكفين ).

    حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبان قال: سئل قتادة عن التيمم في السفر فقال: حدثني محدث عن الشعبي عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إلى المرفقين ) ].

    وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام ضربتان في التيمم، يمسح بهما الوجه والكفين، ولكن اختلفت الروايات في هذا، فبعضها تقدم الكفين على الوجه، وبعضها تقدم الوجه على الكفين، وأما ما جاء من الروايات في ذكر الآباط فهي غير محفوظة، وبعض الفقهاء يوجهها أن ذلك كان ابتداءً، ثم قصر بعد ذلك على الكفين، والصواب أن الثابت في ذلك إنما هو مسح الكفين، وكذلك الوجه بضربتين، وهل يمسح بالضربتين الوجه والكفين في كل واحدة، أم الضربة الأولى للكفين، والضربة الثانية تكون للوجه؟ حمل بعض الفقهاء على هذا المعنى، والأظهر والله أعلم أن المسح ضربتين الوجه والكفين جميعاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3088833682

    عدد مرات الحفظ

    779352384