إسلام ويب

الحي القيومللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الناظر والمتأمل في أسماء الله الحسنى وصفاته العلى ليزاد إيماناً ويقيناً، ومن هذه الأسماء اسمي: الحي والقيوم، فالله عز وجل له تمام الحياة وكمال القيومية، ولولاه لما عشنا ولما استطعنا أن نقيم حياتنا . كما أن لأسمائه تعالى آثاراً في الدنيا والآخرة، ذكرها الشيخ حفظه الله، ووضح أن الإنسان حين لا يعرف معناها يكون من أشد الناس حرقة وألماً.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، اللهم إنا نسألك حسن الاعتقاد، ونور اليقين، وإخلاص النية، وصلاح العمل، وحلاوة الإيمان، وبرد الرضا، وأنس الذكر، وبركة الدعوة، وإجابة الدعاء، اجعل ذلنا عزاً، وضعفنا قوة، وشتاتنا دولة، ويأسنا رحمة، وقنوطنا رجاء.

    نسألك اللهم أن تجعل موتنا شهادة، ودماءنا مسكاً، وخير الأعمال خواتيمها، وخير الأيام يوم لقائك، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

    اللهم اجعلني في عيني صغيراً، وفي أعين الناس كبيراً، ألق علينا محبة منك، واصنعنا على عينك، واصطنعنا لنفسك، وأنت الغني، إن نظرت إلى ذنوبنا وخطيئاتنا فإنا مخطئون، ولكن رحمتك أوسع، ومغفرتك أعظم، فاغفر لنا وارحمنا، واجعل قبورنا وقبور المسلمين روضة من رياض الجنة، أمدنا فيها بالرَوْح والريحان، والنور والإيمان، ولا تسلط علينا من شياطين الإنس والجن من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.

    اللهم إنا نسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كل داء، اغفر لي ولإخواني هؤلاء، واجعل جمعنا جمعاً مرحوماً، ولا تجعل من بيننا شقياً ولا محروماً.

    اللهم من أراد بنا سوءاً فأشغله في نفسه، واجعل بلدنا هذا وبلاد المسلمين أمناً وإيماناً، سخاءً ورخاءً، ووحِّد صفوفنا، اجمع كلمتنا، يا أرحم الراحمين! اللهم من كان من المسلمين على حق فثبته، ومن كان منهم على خطأ وهو يظن أنه على حق، فرده إلى الحق رداً جميلاً، نسألك اللهم أن ترينا في أعدائك وأعدائنا عجائب قدرتك، أرنا في اليهود والصليبيين والشيوعيين والماكرين عجائب قدرتك، أحصهم عدداً، ومزقهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم اجعلهم في الأرض أحاديث، وجمد الدماء في عروقهم، وأخرجهم إلى الطرقات كالمجانين، وارزقنا صلاة في الأقصى طيبة يا أرحم الراحمين! يا رب العالمين! فقد طال ليل الظالمين واحلولكت ظلماته، فنسألك اللهم فجر الإيمان، وصبح النصر .. إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب.

    أيها الأحبة الكرام: ومع درس العقيدة بعد التفسير، ووعدتكم أن نتطرق في درسنا هذا إلى عقيدة أهل السنة والجماعة ، فالناس يوم القيامة يتمايزون بالعقائد، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (يؤتى باليهود، فيقال لهم: ماذا تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر عزيراً ابن الله، فيتبرأ منهم العزير ويؤمر بهم إلى النار، ويؤتى بأمة النصارى: ماذا تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر المسيح ابن الله -عقيدة التثليث- فيتبرأ منهم المسيح، مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ [المائدة:117] فيؤمر بهم إلى النار، وتبقى أمة محمد فيها منافقوها).

    إلى هذه اللحظة يختلط المنافقون بالصادقين حتى تزداد الحسرات، ويطوف الخجل والخوف والرعب؛ لأن الذي ينتظر العذاب أشد عذاباً ممن مر بالعذاب، فدائماً الخوف والوجل مما هو آت، والحزن على ما فات، لا يدرون ماذا سيفعل الله بهم، يلتفتون يميناً وشمالاً يرون أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وعائشة وأمهات المؤمنين، وكذلك يرون معهم الذين يسبون الصحابة ويكفرونهم، ويتهمون أمهات المؤمنين، ويلعنون الشيخين، فيتعجبون! كيف يجمع هذا الخلف؟!

    عند ذلك يأتي الله، (فيقول لهم: ماذا تنتظرون؟ -نفس السؤال- فيقولون: ننتظر ربنا، يأتيهم بغير ما يعرفون) الله يعرفونه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا التي علموا معناها في كتابه وما وصفه نبيه بأن له آية، يكشف الساق بكيف لا يعلمه إلا هو، لكن الآية لم تظهر، والوعد لم يحقق، والسؤال يطرح، ماذا تنتظرون؟

    ننتظر ربنا.

    أنا ربكم.

    يقولون: لا. حتى تظهر الآية التي بيننا وبينه، نعوذ بالله منك، أيُّ ثبات تربت عليه هذه الأمة، وأهل هذه العقيدة، هذا موقف عظيم، وموقف كبير، وموقف عسير، إن كان هناك فيه شيء يمدح فهو ثبات أهل العقيدة على العقيدة، يقول الله لهم: أنا ربكم، ولم يظهر الآية والعلامة التي اتفقوا عليها في الوحي في قوله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ [القلم:42] وفي الحديث النبوي الذي هو هذا ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، واعتقدته أمته من بعده.

    عند ذلك تظهر الآية، فيخرون لله ساجدين، ويحاول المنافقون السجود فلا يستطيعون، إذ يحول الله ظهورهم طبقاً من حديد؛ لأن قلوبهم قاسية كقسوة الحديد، باردة كبرود الحديد، لم تدخلها حرارة الإيمان، ولا تعرف لين الأخوة، ولا رحمة الأخوة، إنما فيها الظاظة والغلظة والمكر والخبث، فكما كانت قلوبهم في دنياهم كذلك حول الله قوالبهم يوم القيامة كالقلوب، فصار القالب كالقلب، يريد بقالبه أن يسجد، فلا يستطيع القالب أن يسجد؛ لأن القلب في الدنيا لم يسجد لله، الجزاء من جنس العمل.

    الجسد قد يسجد عبد الله بن أبي ابن سلول سجد خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وجاهد معه، وأنفق معه، وزكَّى معه، وصلَّى معه، ودفنه النبي ببردته الشريفة، أعطاه قميصه، ووقف على قبره، كل ذلك لا ينفعنه؛ لأن القلب لم يسجد، سجد الجسد والقلب لم يسجد، لماذا لم يسجد؟

    لأن عقيدته تختلف عن عقيدة محمد، هنا المصيبة، عندما أقول: يوم القيامة يتمايز الناس بالعقائد هنا تظهر النتائج، يحيل الله ظهورهم طبقاً من حديد.

    إن كان الكفار من اليهود والنصارى والأمم غيرهم، أمر بهم إلى النار، هؤلاء الذين أُخروا يؤمر بهم إلى الدرك الأسفل من النار، والنار فيها دركات، والجنة فيها درجات، الدرك الأسفل أي: قاع جهنم، وهو أشد مواطن النار عذاباً ولهيباً الذي فيه الصديد والقيح والحميم والغساق، وأهوال عظيمة؛ لأن كل هذه الأمور تستقر وتنزل وهم فيها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088043734

    عدد مرات الحفظ

    775371767